طرقت مسامعي هذه الكلمات التي قالها أحد أبناءً العشائر المسيحية منفعلا عندما جاء أمين عمان معتذرا عما بدر من هذه المؤسسة الوطنية الأردنية العمانية التي تقوم على تقديم الخدمات وتعنى بشؤون عاصمتنا الحبيبة إداريا وتنظيميا وتنمويا ضمن خطط شمولية هدفها إبراز واجهة الأردن الأولى ومعبر كل آت إلينا وكل زائر لتعطيه صورة مشرقة تسكن في ضميره ورؤياه لها كصورة بهية الطلعة ، تمنحه انطباعا أوليا إيجابيا عن هذا الوطن وعن جهود القائمين عليه الساهرين على راحته المرتجفين خوفا على مصالحه دون طمع أو لهاثا خلف شهرة ، يدفعهم لذلك سعيهم لمرضاة ضميرهم وربهم وتلبية لواجبهم الموكول إليهم تكليفا لا تشريفا بكل تأكيد .
أمانة عمان هذه الدار الأردنية المصغرة كما هي دور المحافظات العشر الغاليات وكما دور البلديات والألوية المنتشرة على امتداد الوطن وفي مدنه وقراه ، والتي نتوخى منها أن تكون ممثلة حقا لبيتنا الوطن الكبير الأثير على قلوبنا الساكن في وجداننا ، الذي لم يخذلنا يوما كما لم نخذله ، فهو حشاشة القلب وحزام العفاف وهو خط الأمان حين نستغيث ومكاننا الآمن كلما أوجعتنا العاديات .
أمانة عمان يجب أن تكون دارا لكل حر أبي ،، وسترا لكل المرتجين الذين إن أصابتهم ضيقة توخوا منها أن تفرد عباءتها وأن تضمهم كما تضم الأم أبناءها عندما ينخونها ويسألونها الأمن ومستغيثين بحسها الصادق الغيور وصدرها الآمن الحنون .
ما حدث من يومين وأثار حفيظة وسخط الكثيرين لم يكن يوما في حسبان أبناءك يا مدينة الأهل الفاضلين ، فلقد تعثرت يمينك عندما أزلت آية مباركة تحمل كل معاني الصالحين ، وضعت على أسوارك العالية في عيد استقلالك مقرونة بكوفية الجندي وبوريه العسكري وعلم موطني الخافق في الأعالي على مدى السنين ، آية حلوة الوقع على المسامع تعد الودعاء المسالمين ، بأن هذه الأرض لهم ما داموا على العهد باقين ، لا يخدعون أوطانهم ، لا يطعنون خاصرته بسيف أو خنجر أو سكين ، هم من يزرعون أرضه حبا وأمانًا وانتماءا صادقا قبل أن يزرعوه قمحا وشعير ، هم لم يسقوا ترابه إلا ماءا طهورا مثل ماء نهرك المبارك الحامل عبق حرمون على ضفاف واديك الجميل ، والذين لم يبذروا في أرضه المباركة سوى بذور عشق وسلام وملئوا قوارير ه بأيادي أمهاتهم وجداتهم من تربة الوطن المعجونة بأسفار الحب معطرة بمسك وحناء وأغنيات .
عمان يا دار المعزة والفخر يا حرة ما دنست أثوابها ،، كلمات سنبقى نرددها ولن نمل ، عمان يا دار الكبار لن تقهري ولن يقهر بنيك فالهاشميون أسياد أمتنا لن يقبلوا بضيم أو حزن يشوب الفؤاد أو بدمع ينفر من أعين صباياه أو غضب يستفز شيوخه وشبابه ، بك نعتصم يا دار الآباء والأجداد ، وبك نفخر وإن أخطأ البعض فلن يطول غضبنا فما هو إلا عتاب الولد لأهله الذين مهما ضنوا عليه يبقون كراما جابرين لعثراته ململمين لهفواته والزلات ،.
المسيحيون يا أهلي ويا عزوتي لم يكونوا يوما عابري طريق أو طارئين في حضورهم ، هم نعم شروش هذا الوطن وهم ملح ترابه وهم بخور أمانيه ، هم المصلين العابدين المنذورين من أجل كرامتهم يحملون الوطن في حلهم وترحالهم ، يغنون أهازيجه في فرحهم ويتألمون عندما يصيبه ندب في الجبين ويخيطون جرحه ، كرامتهم التي يستقونها من هيكل محبتك يا أردن ، الذين يعتمرون كوفية العز المجدولة من خيوط عشقهم لأرضك الممهورة بدم الشرفاء .
المسيحيون في كل صلاة يقرعون أجراس محبتهم لك ، يباركونك مع كل دعاء ، يتضرعون من اجل قائدهم وأعوانه من أبناء الوطن الشرفاء ولجيشه وقوات أمنه يسألون الحماية والأمن والأمان ، يسألون الرب أن يحفظ بلادهم وأن تبارك الثمار ،وأن يزهر الربيع وتعمر الجداول بالماء والبساتين بالخير والعطاء.
هم المنتمون يا سادة ، هم من أسسوا وبنوا وعلوا البنيان .
أديرتنا وكنائسنا ومدارسنا لم تكن يوما خارج اسوار البنيان أو تعمل على العصيان ، هي دوما في خدمة مجتمعها وأبناءه وكل من يطلب العون تلبي حاجته لأنه إنسان ،
تسهم في إعلاء شأن الوطن وتنمي روح الحب وتزرع في النفوس تعاليم الجمال .
نحن نبارك من يلعننا ونصلي من أجل المبغضين ، نسامح ونغفر ونسالم ولا نخون ولا ننكر عهدا أقسمناه ، هي تعاليم سامية ومواعظ استقيناها مذ قالها السيد على جبل وجودنا وعلمنا إياها لتكون دستور حياتنا وإيماننا هذا الوجود الذي هو جزء من كوننا ولدنا من رحمك يا أحب البلدان وأغلى الأوطان يا درة التاريخ ويا عبق الأجداد ومستقبل ابناءنا والأحفاد .