تعرف البطالة على أنها عدد العاطلين عن العمل في الاقتصاد منسوباً إلى قوة العمل ، وهذه الأخيرة تمثل جميع السكان القادرين على العمل من سن 16 إلى سن 60 . لذلك فإن توسيع أو تقليل المدى الزمني لقوة العمل سوف يؤثر بشكل واضح على معدل البطالة في الاقتصاد ، لذلك فإن زياد معدل عمر الفرد في الأردن إلى 72 للذكور والإناث من شأنه إزاحة عمر التقاعد لما بعد 60 سنة، وهذا بالطبع سيزيد من معدل البطالة التي تعتبر دالة في المدى الزمني لقوة العمل.
تتحدث الأدبيات عن معدل البطالة الطبيعي ورغم أنه يختلف من اقتصاد فهو يتراوح ما بين 3% - 5% ، وهو ينتج عن تحرك عناصر الإنتاج بين القطاعات المختلفة ، فعندما يتخرج الطالب ويبحث عن عمل ، وعندما تتطور القطاعات الاقتصادية وتزداد الاستثمارات ينتج عنها فرص عمل جديدة ، من شأنها التأثير على معدل البطالة ، كما أنه يعبر في جزء منه عن عدم قدرة الاقتصاد على استغلال العمل المتاح بشكل أمثل ، لذلك فهو معدل طبيعي يتوفر في الاقتصاد بشكل تلقائي اعتيادي .
عند الحديث عن انضمام الأردن إلى دول الخليج العربي ، فإن سياسات العمل والتشغيل لن تختلف كثيراً وبالتالي اعتقد أنه لن يكون هناك تأثير كبير على معدل البطالة في الاقتصاد الأردني عند الحديث عن تحرك العمالة المحلية إلى الخليج ، واعتقد أن التأثير سيكون عند دخول استثمارات جديدة إلى الأردن تفتح آفاق وفرص جديدة للعمل .
فعند الحديث عن العمالة غير المؤهلة فنجد أن العمالة الوافدة في الأردن تسيطر على هذا القطاع بشكل واضح خاصة في قطاعات البناء والتشييد ، وفي المطاعم والفنادق ، وفي محلات بيع الخضار والمخابز .. الخ ، والسبب في ذلك هو عدم رغبة الأردنيين العمل في هذه القطاع لأسباب تتعلق بثقافة العيب أولاً وبتدني الأجر نسبياُ في المقام الثاني بشكل لا يتناسب مع تكاليف المعيشة في الأردن .
فرص العمل المتاحة في الخليج لهذه الفئة من العاملين الأردنيين لن تكون مجدية وهي بالأصل متاح لها لو أرادت العمل فيها بدول الخليج ، فمن هو الأردني الذي يقبل بالاغتراب والعمل في الخليج براتب لا يتجاوز 2000 ريال ، لذلك فإن هذا القطاع مغلق في وجه العمالة الأردنية لأنها لا ترغب العمل به أساساً ، وهو متاح للجنسيات الأسيوية الرخيصة وهي ذاتها التي أصبحت تغزو بعض المصانع والاستثمارات الأجنبية في الأردن لذات السبب حتى أنها تقبل ب 600 ريال أجراً لها في بعض المهن .
أما فيما يتعلق بالعمالة المؤهلة خاصة الأطباء والمهن الطبية والمهندسين وأساتذة الجامعات ، فالأصل أن راتب الطبيب الأردني أكثر من مثيله الأجنبي نسبياً في بعض دول الخليج الذي لا يتجاوز 6500 ريال سعودي ، ناهيك عن النقص الحاصل في الأردن وقلة المعروض من هذه المهن وهو ذات الأمر الذي ينطبق على المهندسين وأساتذة الجامعات . وفي الظروف الاعتيادية بعيداً عن فكرة انضمام الأردن إلى دول مجلس التعاون فإن الخليج يفكر كثيراً في الحصول على أردنيين من هذا النوع ، وللعلم فإن الأردني يحصل على بعض العلاوات والمزايا المالية التي تختلف عن بقية الجنسيات العربية الأخرى تحديداً قبل الانضمام .
بالنسبة لقضية عمل المرأة ففي السعودية تصل نسبة البطالة بين النساء إلى نحو 70% بسبب العوامل والقيود الاجتماعية والعادات والتقاليد التي تمنع الاختلاط وتحد بطبيعة الحال من عمل المرأة ، واعتقد أنه لا يوجد عمالة أردنية من النساء قد تذهب للخليج للبحث عن فرص عمل ، فانا أعرف أن هناك بعض العمالة المؤهلة والمتعلمة من النساء هي من تذهب مع زوجها للعمل في بعض الدول خاصة السعودية ، ولم أجد عاملة نظافة أو سكرتيرة أو كوافيرة أو بائعة من الجنسية الأردنية طالما أن هناك جنسيات عربية أخرى أكثر تقبلاُ لهذه المهن .
ولكن قد تفكر بعض العائلات الأردنية بفتح مشروعات صغيرة : مطاعم شعبية ، محلات تموينية ، صيانة سيارات ... الخ ، في دول الخليج ، كونه الأكثر قدرة من الناحية الشرائية وبالتالي يعني امتصاص جزء من العمالة البسيطة في الأردنية بشكل غير مباشر ، مع العلم بأن لدى بعض المعرفة بأن هناك ميكانيكي أردني يعمل في الخليج براتب 6500 ريال ، وهو ما يعتبر دلالة على أنه حتى العامل الأردني البسيط لن يقبل بأي اجر منخفض للعمل في دولة أخرى .
للبطالة أنواع كثيرة منها المقنعة ومنها الهيكلية والاحتكاكية والدورية ... الخ ، وكن حسب مطالعتي فإن هناك نوع جديد من البطالة أطلقت عليه جغرافية – سياسية ، وهو ما يعني أن قرار البطالة في الأردن هو سياسي بالدرجة الأولى ناتج عن بعض الممارسات الحكومية المتعلقة بالواسطة وتشجيع الفساد الإداري في التعيين لصالح فئة معينة ، كما أن الجغرافية حسب المنطقة الجغرافية لطالب العمل وحسب التمثيل السياسي لتلك المنطقة في الحكومة .
د.اياد عبد الفتاح النسور
Nsour_2005@yahoo.com