زاد الاردن الاخباري -
يشهد الشارع الأردني حالة من الانقسام بشأن لجنة الإصلاح التي أعلن الملك عبدالله الثاني عن تشكيلها مؤخرا، وسط ترد في الأوضاع المعيشية وإحباط واسع.
وقرر الملك عبدالله الثاني، الخميس، تشكيل لجنة لتحديث المنظومة السياسية، برئاسة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، وعضوية 92 شخصية من أطياف مختلفة.
لكن رئاسة الرفاعي بحد ذاتها أثارت شكوكا واسعة، وسط استياء من الساسة التقليديين.
وكان الرفاعي قد غادر المشهد السياسي على وقع احتجاجات شعبية أطاحت بحكومته في عام 2011.
"لجنة ولدت ميتة"
الكاتب والمحلل السياسي، منذر الحوارات، يذهب إلى القول "لجنة ولدت ميتة"، ويرى ، "بعض الأسماء هي نتاج نفس الآلية التي أدت إلى كل هذا التراجع، كيف لهم أن ينتجوا إصلاحاً وهم من صنع هذا الوضع البائس الذي نحن فيه، والسؤال هل يؤمن هؤلاء بالإصلاح حتى يتبنوا عملية إقراره".
وأضاف الحوارات: "النتائج أصبحت واضحة سلفاً إذا ما أمعنا جيداً بطريقة تشكيل اللجنة والتي تُعبر عن وجهة نظر واحدة تُغفل سلفاً المجتمع كشريك في عملية التغيير وتعتبره مجرد متلق سلبي لمفرزات مطلوب منه يتقبلها بدون أن يكون فاعلاً حقيقياً في صناعة القرار".
وتابع: "هذه اللجنة ستكون بحد ذاتها نقطة انطلاق لغضب عارم لا يعلم إلا الله نتائجه، قد لا يعبر عن نفسه في الحال لكنه سينتهز أي فرصة لينفجر في وجه كل حالم بأن الوضع يمكن أن يبقى كما كان، أو أن هؤلاء قادرون فعلاً أن يقنعوا شعباً أرهقه الفقر و الجمود والفساد".
مشاريع سابقة لم تر النور
وشهد الأردن سابقا عدة "مشاريع ولجان إصلاحية" لكنها لم تر النور، كان أبرزها في عام 2011 على وقع الربيع العربي عندما شكل الملك عبد الله الثاني، لجنة الحوار الوطني، لوضع إصلاح سياسي.
إلا أن اللجنة التي شهدت استقالات من عضويتها لم تفلح في إجراء تغييرات في الحياة السياسية.
كما أطلق سلسلة الأوراق النقاشية، ومبادرات سياسية مثل الأردن أولا، وكلنا الأردن 2002، والأجندة الوطنية 2005، وثيقة الأردن لعام 2025، وكلها بقيت حبرا على ورق، وبقيت قوانين الانتخاب تفرز نوابا لا يمثلون الغالبية العظمي من الشعب (29 بالمئة فقط من شارك في الاقتراع بانتخابات 2020).
وكتب عضو اللجنة الملكية حسن البراري، على صفحته في فيسبوك: "هناك فرصة لإنجاز حزمة من الإصلاحات إن خلصت النوايا وإن توافق أعضاء اللجنة على ذلك، هنالك ضرورة إنجاز إصلاح سياسي يساهم في تمكين الأردنيين سياسيا بشكل نتجاوز فيه الهويات الفرعية، وأرى أن الأوراق النقاشية الملكية تقدم أساسا ممتازا للبدء بهذا الإصلاح".
أما الناشط محمد السنيد، الذي برز في احتجاجات في عام 2011، فيقول: "بدلا من وضع خطط تعالج أسباب الانتفاضة الشعبية ذهب تفكير بعض الرسميين لوضع أسماء معادية للعشائر ومؤيدة لسياسات التجنيس والتوطين فيما يسمى بلجنة الإصلاح، كرد على الحراك العشائري المطالب باستعادة مقدرات الوطن دون حلول لأسباب الغضب الشعبي ومعاناة الشريحة الأفقر والاوسع وتخيير الشعب ما بين الإفقار أو الخضوع لأجندة الوطن البديل وصفقة القرن وهو ما بدى واضحا من تشكيلة اللجنة".
الملك "أنا الضامن"
الملك عبد الله الثاني، تعهد في رسالة لرئيس اللجنة سمير الرفاعي، بضمان مخرجات اللجنة في مواجهة اي تدخلات قائلا " أضمن أمام الأردنيين والأردنيات كافة، أن نتائج عملكم ستتبناها حكومتي، وتقدمها إلى مجلس الأمة فورا ودون أي تدخلات أو محاولات للتغيير أو التأثير".
وجاء في الرسالة: "أعهد إليك برئاسة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، تكون مهمتها وضع مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، وتقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية".
"خطوات جدية للإصلاح"
النائب السابق قيس زيادين (عضو اللجنة) وكان قد التقى الملك عبد الله الثاني من شخصيات سياسية لنفس الغاية، يقول انه يلمس جدية هذه المرة في احداث اصلاح "كان هناك وضوح بأننا لن نستمر بالوعود الإصلاحية.. طرحنا أمام الملك ملف الإصلاح وتهيئة الأرضية وبناء مؤسسات حزبية ونقابية.. هنالك جدية في فتح ملفات الفساد اليوم لمست رغبة حقيقية في الإصلاح السياسي".
وهذا ما توافقه في الرأي، عضو اللجنة عبلة أبو علبة، الأمين عام حزب الشعب الديمقراطي الأردني (حشد)، التي قالت: "كان واضحا إصرار من رأس الدولة بإجراءات عملية للإصلاح، يجب تحرير البرلمان من الانحيازات المناطقية يجب أن يكون برلمانا للوطن، طرحنا أمام الملك ملف الحريات العامة والضغط على المؤسسات المدنية مثل الأحزاب والنقابات".
مشاركة إسلامية.. وموقف حذر
أما الإسلاميين، فقد أعلنوا مشاركتهم في اللجنة من خلال النائب السابق ديمة طهبوب،.
وقال الناطق باسم حزب جبهة العمل الإسلامي ثابت عساف: "نرى أن الإصلاح السياسي اليوم ضرورة للجهات الرسمية أكثر مما هو ضرورة لمن سواهم من المطالبين بالإصلاح على مدى العقود السابقة، حيث وصل الوطن لمرحلة نخشى أنه بات أمام استحقاقات تجاوزت الإصلاح ، ونرى أن المطلوب من الجهات الرسمية الحوار فيما بينهم لتحديد ما سيقدمونه أمام استحقاق تقاسم السلطة مع أبناء الوطن".
وأضاف: "أمام تكرار مشهد لجان الحوار فإننا نوازن بين مطالبنا الدائمة للحوار وبين إيماننا بضرورة وجود الإرادة والقرار والفعل الناجز الحقيقي لا الشكلي نحو خط منهجية إصلاحية تغييرة لا تحتاج إلا لقرار وإرادة وفعل عملي لا يشتري الوقت أو يتجاوز الاستحقاقات شكليا أو يتماشى مع المطالب والضغوط الخارجية".
وتابع: "كما أن التغيير والإصلاح الحقيقي والناجز معتمد على عوامل أخرى غير القوانين الجامدة توفر منظومة متكاملة كالبيئة المحيطة ولجم الفاسدين ووقف التغول الأمني والتزوير واستقلال القضاء وهكذا".
أما بخصوص مشاركتهم في اللجنة، فقال: "وجودنا في اللجنة يأتي من باب الجمع بين كل هذه المعطيات وسيكون موقفنا النهائي مرتبط بالمخرجات والآليات والخارطة العملية، وسنساهم في أي عمل إيجابي ولن نكون شهودا على أي أداء سلبي".
وانقسم الأردنيون على شبكات التواصل الاجتماعي بين مؤيد للخطوة ومشكك بقدرة اللجنة على إنجاز تغيير حقيقي بنشل البلاد من انسداد في الأوضاع السياسية والاقتصادية.