زاد الاردن الاخباري -
لاشك ان أداء وزارة الداخلية بشقه الإداري، يشكل علامة فارقة راهنا ، برغم الازمات المتتالية التي شهدناها محليا، وبعضها جذوره تعود للجائحة وتداعياتها والتعاطي معها ، في انفاذ أوامر الدفاع على رهبة الاسم، مرورا بالحشد لفعالية آذار، لإحياء واذكاء مطالب حراكية تعود لسنوات، واخيرا الازمة النيابية وما علق بها من ممارسات ، اتسع نطاقها ليطال الشارع وحشده وتحشيده، باتجاه مطلبيات لم نالفها حتى في عز سقوف مطالبات الربيع العربي .
تلك الازمات لايمكن إنكار اثر القيادة والادارة العسكرية ممثلة بوزير الداخلية مازن الفراية في امتصاصها باللين تارة، والشدة والحزم غير المؤذيين تارة أخرى، حتى ان ما يمكن ان يوسم لحظيا، إنه قد يؤسس لما هو خارج عن المألوف في طبيعة الاحتياجات، كانت الإدارة تتجلى في امتصاص الغضبات كافة ، وبث طمأنينة عمادها ان القضايا الوطنية المفصلية لاغالب ولا مغلوب فيها ، حتى لو جرنا على بعضنا البعض ، لأن الكل همه مصلحة وطن وشعب .
منذ بدء الجائحة التي اجتاحت العالم ، والاردن جزء مما طاله، كانت فكرة انخراط الجيش في خلية إدارة الازمة ناجعة ، لان الجيش يكاد يكون الوحيد التي تنطبق على أدائه وخبرته وقدارته ، المؤسسية التي تجعله حلّالا للمشاكل ، ايا كان نوعها، سواء ما اتصل بالصحة والوباء، ام مخاطر تهاوي الإقتصاد، او اي ظواهر اجتماعية ونفسية شكلت تحديا مجتمعيا بفعل الحظر، وإجراءات الدفاع ، وحاجات واحتياجات الناس ، وقتها كان لظهور الفراية كاحد قادة خلية الازمة بل وابرزها ، طمأنينة، وبث شعور بالايجابية ايا كانت القرارات التي ستصدر ونتائجها، فالكل كان بعد كل ظهور دعاؤه " اللهم سلم " دون تشنج او استفزاز .
بروز الفراية اداريا ، كان حالة طبيعية بظل ما ساد من اجراءات وتوجهات للتعايش مع الوباء ومكافحته الند للند ، عبر تخفيفها، فكان لابد ان يكون له دور امتداد لما كان بخلية الازمة ، فكانت الداخلية ، التي يسجل لها استقطاب كفاءة من المؤسسة العسكرية ، وهي على رأس عملها ، بل ومنخرطة بالجو العام لظروف قسوة عانى منها الاردن، بعضها بفعل كورونا، واخرى سياسية آخرها أزمة الأقصى والغضبة الشعبية استنكارا لافعال بني صهيون وقذاراتهم ، فكانت الداخلية بتعليمات الفراية وتوجيهاته، ومواكبته الميدانية بارزة وجلية من حيث حسن التعاطي، واستيعاب ، بل وتسيير كل الفعاليات بصورة ، هي الانعكاس العملي لتناغم الرسمي مع الشعبي بالفعل لا بالشعارات .
ولا نغفل ان فترة ضم حقيبة الصحة للفراية مؤقتا ، وان أثارت استغرابا في الشارع ، الا ان قراءة المشهد من زاوية ان مشكلة وزارة الصحة طيلة الازمة لم تكن ( صحية ) بقدر ماكانت إدارية، وكان من نتائجها المؤسفة حادثة مستشفى السلط والمرضى الشهداء الذين فقدانهم ، فكان لا بد من إدارة مؤسسية ذات خبرة بجوانب الاختلالات الإدارية، وحدوثها واسبابه، وعلى قصر الفترة التي تولاها بادارة الوزارة ، الا ان ايجابياتها اسست لهدوء لمسه قرينه المختص راهنا ، بعد ان غاص الفراية بجوانب ليس مجال ذكرها راهنا ، ويعلمها كثر من كوادرها.
وتبقى الازمة النيابية التي لم نشهد خروجا عن الطور في تداعياتها منذ تاسيس الإمارة ، خير مثال على دور الداخلية ، فهي لم تكن أزمة بقعة جغرافية محدودة في الأردن، وانما امتدت تداعياتها لتشمل مناحيه كافة، فكان ثمرة اللامركزية الإدارية التي انيطت بالحكام الإداريين ان تجلت جهدا متسقا متناغما مع جهود مؤسسات عدة لاحتواء الازمة ، وكل ذلك تحقق بفضل تقديم المنتج لاركان الإدارة، والبعد غير المنتج دون الخضوع لاي اعتبارات أخرى.
الفراية الذي يسجل له منذ اول ظهور على شاشات التلفزة كناطق لخلية الازمة وبالبزة العسكرية، لاشك إنه عكس التزاما مؤسسيا بالثوابت الوطنية ، التي عززت الثقة المعهودة بالجيش ودوره بمفاصل الدولة كافة، فكان وما يزال الانموذج في فن الإدارة عسكرية ، وأمنية ومدنية .