فلتة زمانه، ونظرية المؤامرة
عبدالناصر هياجنه
====
(فلتة زمانه)
***
عندي اعتقاد بأن وزير المالية في الأردن يجب أن يكون "فلتة زمانه"، فهو الوزير الذي يجب عليه أن يرّقع ورا الحكومة. خذوا مثال وزير المالية الحالي معالي محمد أبو حموّر، فهو حائز على جائزة أفضل وزير مالية في الشرق الأوسط في عام 2010، مما يعني بأن الزلمة (فلتة زمانه) ومع ذلك فهذا الفلتة ما زال غير قادرٍ على الترقيع ورا الحكومات. فالمديونية تزداد بشكلٍ يدعو للقلق، وكذلك الفقر، ومعدلات البطالة، والأسعار، والفساد. مثل هذا الوضع غير مترابط منطقياً، فوزير ماليتنا فلتة زمانه، والأصل أن يكون قادراً على عكس المؤشرات السابقة، فما هي المشكلة إذن؟
أرى أن المشكلة تكمن في الحكومات وسياساتها والنهج الاقتصادي الذي ساد وما زال، والذي يقوم على أساس خصخصة الموارد، وسياسات الإفقار، والتهميش، ورعاية الفساد، وفتح السوق بلا ضوابط لما يُسمى تجميلياً بالاستثمار محلياً كان أم أجنبياً. والتركيز على قطاعات خدمية غير منتجة مع تجاهل القطاعات الاستراتيجية كالزراعة مثلاً، والثروات الحقيقية للبلد. إذا كان لدينا أفضل وزير مالية في الشرق الأوسط، فيجب أن تكون أوضاع المالية العامة للدولة والناس من أفضل الأوضاع في الشرق الأوسط، وبخلاف ذلك، فمن المستبعد جداً أن يكون لدينا أفضلُ حكومة في الشرق الأوسط.
***
(مؤامرة اسمها نظرية المؤامرة)
***
يستدعي البعضُ نظريةَ المؤامرة عند الحديث عن الثورات العربية المباركة، مع أن نظرية المؤامرة هي بحد ذاتها مؤامرة لطالما عاشت الشعوب تحت سيطرتها. النظام الرسمي العربي ميّت – بشهادة كُبارائه- بعد أن أمعن في الشعوب ظلماً وفي الثرواتِ نهباً وفساداً. دعوتي لهذا البعضِ ألاّ يقلقوا على الشعوب فهي تعرفُ ماذا تريد، وستقلب أي نظامٍ جديدٍ مماثل لأي نظامٍ ظالمٍ وفاسد سقطَ مؤخراً أو سيسقطُ قريباً، لأن الشعوبَ التي قلبت تونس وابن علي، وقلبت مصر ومبارك لن تسكت على ابن علي جديد أو مبارك جديد. هذه الشعوب أصبحت أكثر وعياً، وتخلّصت من خوفها. لا بد من الاعتراف بأن النظام الرسمي العربي تخطاه الزمان، وأن عجلة التحرر والانعتاق درات ولا يمكن ايقافها بعد الآن، وستحكم إرادة الشعوب بدل إرادة الفرد، وهي لن تقبلَ ببدائل الفوضى أو الاستبداد .مسؤولية القلم في هذا المخاض كبيرة، ويجب الوقوف مع الشعوب وارداتها. ولا يجوز تخويفها وبعبعتُها بنظرية المؤامرة التي حكمتنا أو حُكمنا باسمها عقوداً طويلة.