كنت كما كان غيري بانتظار خطاب الرئيس أوباما الذي سيخصصه للحديث عن الشرق الأوسط. و ما هي الا لحظات حتى اطل فخامته بعد أن قدّمته وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون بما يستحق، وبعد أن رد الثناء بالثناء على الوزيرة بدأ خطابه الذي خصصه لنا العرب. وفي الحقيقة فإن لخطابات السيد الرئيس سحر لا أقاومه عندما أسمعه يخطب، و أذكر أنني قلت لزميلتي الأمريكية هنا بعد سماع خطاب القسم أن أوباما هو رئيسكم لفترتين لأنه يتقن فن الكلام.
بدأ الرئيس خطابه مهنئاً ومحذراً وناصحاً فتقدم بالتهنئة لتونس و مصر بما حققوه من زوال أنظمة (الطغيان) هناك وحذّر بأن هناك أنظمة أخرى ستلحق بهما. وربما جاء هذا الخطاب اكثر إنصافاً لتونس إعلاميا حيث ان الإعلام العربي قد أغفلها تماما فلم نعد نسمع بما يجري هناك، لأن اعلامنا على ما يبدو يهتم بسخونة الأحداث ولا يهمه ما يحصل بعدها. و كذلك نصح الأنظمة الأخرى بالمزيد من الإصلاحات والإستماع لمطالب الشعوب وإلا, والله يسترنا من وإلا.
الغريب بالأمر أن مطالب الشعوب هي حصان طروادة الذي يدخل فيها عرّابوا الغرب لاحتلال بلدانهم. فمطالب الشعوب (وهي حقيقية بلا شك) ولكنها تنقلب الى خراب لبلدانهم و لا أدري كيف؟ لتصبح نقمة عليهم، وبدلا من أن تصبح مشعل حرية لهم نجدهم وقد ازدادت رقابهم خنوعاً، وازدادوا جوعاً ورضخوا لمستبد جديد بدلاً من الدكتاتور الذي تعاونوا مع المحتل لإسقاطه. و لا أدري كيف تصبح بعض المطالب حقا مشروعاً للشعوب في حين انها تعتبر مؤامرة يجب ان تقمع بأوقات وأماكن أخرى؛ فمثلا كان اعتصام ميدان التحرير أمراً مطلوباً أيام مبارك ولم يجرؤ مبارك على فضه، ولكن تم التعامل مع ذات المعتصمين بحزم وقسوة بعد زوال مبارك وفي زمن المجلس العسكري.
لقد بشرنا الرئيس بالديمقراطيه ولا أدري لماذا يصر على ان افغانستان والعراق هي واحات ديمقراطية هذه الأيام؟ هل يفترض فخامته أننا لا نشاهد الأخبار؟ هل هذه هي الديمقراطيه التي يعدنا بها؟ يا سيدي الله الغني عن هذه النماذج من الديمقراطية.
كذلك بشرنا بالمساعدات والتنمية وهنا نستذكر ما يلي:
اولا لقد بشر كارتر السادات أن ابواب الانفتاح الاقتصادي ستكون على مصراعيها ولن يحتاج المصريون أحداً، ذلك بعد زيارته لإسرائيل وتوقيع كامب ديفيد.
ثانيا: بزمن كلنتون وُعد الفلسطينيون أن دولتهم قاب قوسين أو أدنى اذا وقعوا على أوسلو.
ثالثاً: وعدنا كلنتون بفرص استثمارية (غير شكل) اذا وقعنا اتفاقية وادي عربه.
رابعا: قالوا لنا على زمن بوش الأبن بأن المنطقة ستكون أكثر رخاء بعد اسقاط صدام حسين.
وكما قال المغني محمد عبده : تنشد عن الحال!! هذا هو الحال" شوفت عيينك هذا حال الأمة العربية لا يخفى على أحد.
استمعت الى فخامة الرئيس وهو يحدثنا عن المساعدات والاستثمارات في هذه المرحلة بعد استماع الحكام لصوت شعوبها, ولكن للأسف لم اتمكن من متابعة باقي الخطاب لأنني توقعت في خضم حماسه للحديث عن المساعدات أن يكون وعد المواطن العربي براتب شهري محترم وفيلا على الساحل مع خدمة الفري دليفري، وسبب عدم التمكن من المتابعة أن من لا يقوى القلب على رفض طلبه ( أحمد و عمره سنتين) أغلق التلفزيون بأصبعه الصغير وقال : بابا يالله نشتري يو يو ؛ واليو يو هي لعبة أطفال مربوطه بخيط يلعب فيها الشخص من علٍ بطرف اصبعه بعد أن يرمي باليويو الى اسفل فتصعد و تهبط حسب قوة شد الخيط.
لا أدري ان كان العالم العربي أصبح كاليويو هذه. لكن ما أثلج صدري انه ربط مستقبل أمريكا بالمنطقة مما يعني أنه متربع بمنطقتنا (له صدر الدار ولنا العتبة) الى أن يشاء الله غير ذلك.
يا حبيبي
برأيي المتواضع أنه لا حل الا أن يسمع بعضنا بعضا و يحاوره حكّاماً ومحكومين، هذا اذا سمح لنا من يمسك بخيط اليويو ذلك.
أشعر بحاجة ماسة للاستماع الى قصيدة الشاعر العراقي عباس جيجان بعنوان سيدي الريس اوباما وهي على اليوتيوب.
alkhatatbeh@hotmail.com
alkhatatbah.maktoobblog.com