زاد الاردن الاخباري -
كتب عضو مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الانسان، الدكتور ابراهيم البدور - يعتبر امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) أهم امتحان يدخله أي أردني، فهو نقطة مفصلية في حياه الطلبة؛ من خلاله يتحدد مسار الشخص وأي تخصص سيدرس في الجامعة.
ويحظى امتحان التوجيهي أيضا باحترام الاردنيين وثقتهم، فهناك شعور عند الجميع أنه أكثر امتحان تتحقق فيه العدالة، فالجميع يتقدم له ويأخذ فرصته إن كان غنيًا أو فقيراً، وإن كان ابن الوزير أو ابن مواطن عادي.
امتحان التوجيهي مرّ في مراحل مختلفة من التطوير، فكان فصليّا ثم أصبح سنويّا ثم ذهب لنظام الحزم ثم عاد للفصلين ولكن بوزن مختلف للمواد والمعدل العام، ومرّ أيضاً بعوامل تحكم مختلفة غلبت عليها بصمات وزراء أداروه و أثرّوا في مخرجاته؛في بعض الأعوام كانت الاسئلة سهلة بشكل عام وحصّل الطلاب معدلات عالية، وفي بعض السنوات كانت الاسئلة صعبة وحصّل الطلبة معدلات متدنية، وفي بعضها كان هناك تساهل في ضبط "الغش" وأخرى كان الدرك يُحيط بقاعات الامتحان.
أهالي الطلبة -كما الطلبة- يعيشون أيام عصيبة قبل وخلال الامتحان، فيتحول البيت إلى منطقة معزولة، فلا زيارات ولا تواصل عائلي ولا مشاركة في مناسبات، ويحرص الاب والام على تهيئة كل أسباب الراحة والدعم المعنوي وتذليل أي عقبات تواجه أبناءهم.
لكن، لاحظنا في آخر السنوات أن هناك فلتان في المعدلات، ولاحظ الجميع أيضاً أن امتحان التوجيهي لم يفرّق بين مستويات الطلبة، فمن غير المعقول أن يحصل 72 طالب على معدل 100%، ومن غير معقول أن يتشارك 24 طالب نفس المعدل وبالأعشار المئوية، كذلك من غير المقبول أن يحصل طالب على معدل 98% ولا يحصل على مقعد طب مثلاً -وللتذكير كان هذا هو معدل الأول على المملكة قبل عدة سنوات-..!!
بعض الناس يعزي هذه العلامات العالية إلى أزمة كورونا والتدريس عن بعد، ولكن نريد تذكير الجميع أن هذه الظاهرة بدأت قبل دخول موجة كورونا واستمرت خلال كورونا.
وتذكير آخرين أن الأمور نسبية؛ حيث أن أول 500 طالب يحصلون على المقاعد التي يرغبون بها بغض النظر على العلامة..
ونريد لفت انتباه المسؤولين عن الامتحان إلى أن هذه العلامات العالية لا تفيد الطلبة أو أهاليهم، لا بل تزيد الضغط على الأهالي لتدريس أبنائهم -الحاصلين على معدلات عالية ولم يحصلوا على مقاعد- للذهاب الى الموازي وتدريسهم التخصصات التي كانت في الماضي تُحصّل كمقعد حر.
ولا ننسى أيضا أن سمعة امتحان التوجيهي في الخارج -والتي كانت سابقا عنوان ثقة- أصبحت محلّ شكّ ومدار تساؤل..!!
لذلك -ومن كل ما ذكرنا- نحن بحاجة لإعادة هيبة امتحان التوجيهي، وأن يعود إلى سابق عهدة عنواناً للثقة داخلياً وخارجياً، وأن يفاضل بين الطلبة وأن تكون العلامة حقيقية تقيس مستوى الطلبة بكل حيادية. وهذا يتحقق بوضع أسئلة عامة للطلبة تساعدهم على النجاح وبعدها التدرج في الأسئلة في صعوبتها لكي تميز بين الذكي والدارس والمتميز.