دولة الرّئيس: أنتَ تحكم أم تُدير...؟!
أرى حكومتك يا دولة الرّئيس ترزأ تحت ضغط الفعل ورد الفعل، وهو عيب قاتل لكل سلطة، فأي سلطة تتقوقع ضمن هذا الوصف؛ لا يُمكن بأيّ حالٍ من الأحوال أن يُنتظر منها أدنى خيال أو رؤية، وهو للأسف ما يحدث معك ومعنا الآن...، فلم نستقبل منك فيما مضى أي تجديد، فقط مجرد أفعال و (كلاشيهات) متقطّعة هنا وهناك.
بعد مجموعة من الأحداث الزّاخرة والتي مرّت علينا (بطلوع الرّوح)، وبعد ما جرى مؤخّراً من اعتقالات في محافظة الطّفيلة على غرار زيارتك التّاريخيّة لها، وما جرى في مسيرة إحياء يوم النّكبة؛ وصلنا إلى حالة تحمل معها سؤالاً ملحّاً ويصدر عن كل بيتٍ أردني، ومفاده: (آه...وبعدين) ماذا بعد؟
الأردن جزء لا يتجزّأ من عالمه العربي، وحركات الشّعوب التّحرريّة لا بدّ وأن يتبعها حالات من عدم الاستقرار الكلي أو النّسبي، وطبيعي جدّاً أن تظهر فئات متنوّعة وكثيرة، منها ما يحمل مطالباً عامّة وأخرى تحمل مطالباً خاصة، وثالثة لا تحمل شيئاً سوى العجب، فتميل مع مَن غلب؛ لذا عليك ووزرائك وأنتم تجلسون على أعلى مقاعد القرار والسّلطة؛ الأخذ فوراً ودون أدنى تردّد أو تباطؤ بزمام الأقدام (مبادأة ومبادرة)، وأن تفعّلوا حاستكم السّادسة، لتنعمون بحدسٍ سليم يتمتّع بقدرة عالية في توقّع الأحداث قبل وقوعها.
عندما يتمّ بعض الإفراج عن وطنٍ أو أي شعب كان بعد طول تكميمٍ أو حبس؛ فإنّه من الطبيعي جدّاً أن نلمس ونرى ما نعيشه الآن في شارعنا ومؤسساتنا، ولكن من غير الطبيعي أن نلحظ يا دولة الرّئيس بما لا يدعو إلى شكٍّ عدم ذكاء حكومتك وسلطتك، فنراها لا تستبق الأحداث، بل تصرّ على أن يسبقها أبطأ حدث...، فلا هي برّرت لنا لماذا، ولا جعلتنا نظنّ فيها خيرَ...، فالتّأريخ والحكمة يقولان: السّلطة الذّكيّة الحاكمة هي التي تسبق الأحداث لا أن تتحرّك بعدها!!!
نثمّن حرص حكومتك في استباق الأحداث الخارجيّة، واحترام حق الشّعوب العربيّة في تقرير مصيرها (ولو أنّها نأت بنا بعيداً عن شرف دعمها ومساندتها ضد مستعبديها ومستبدّيها)، ونقدّر كذلك لسلطتك احترام المعاهدات والمواثيق مع غيرنا من الدّول الإقليميّة والدّوليّة...، ولكننا نريد منها أن تستبق الأحداث مرّة واحدة في المهم والأهم وهو شأننا الدّاخلي (الزّاحف على بطنه من الجوع المادّيٍّ والرّوحيٍّ) وهو شأنٌ ينتظر القهوة السّادة من دلّتك وهيلها بسط هيبة الدّولة على الجميع، ويشكو الانزعاج من (طقطقات فناجينك) وموسيقاها عقد الّلجان، وتصريحات محاربة الفساد...) .
شعور الأردنيّون ويقينهم يا دولة الرّئيس؛ هو أن حكومتك لا تقوم إلّا بواجبات الإدارة فقط (مجموعة إداريين) ولا تحكم أبداً؛ فما معنى ما تمر فيه الدّولة من ضعفٍ ملحوظ في بسط هيبتها؟ وما معنى أن يتعرض القانون للاعتداء والاغتصاب كل لحظة وأمام ناظريها وسمعيها؟
كن على مسافة قريبة جدّاً مما يجري، ولتنتقل من الإدارة ( كجزء فقط من واجباتك) إلى الحكم ( كحقٍّ دستوريٍّ لك وكخلاصة لعمومِ واجبك)، وإن لم تفعل وأخشى أنّك لن تفعل بالقريب العاجل جدّاً؛ فلتتوقع السّيئ ولنستقبل معاً الأسوأ فالأسوأ، فالقطار يشكو التّحدّيات، والجميع مُجمِعٌ وأنت أوّلهم بأنّ مخاطر كثيرة كبيرة تحفّه من جميع جوانبه، وأنّ هناك أيدي طائلة مستفيدة تعمل على انحرافه عن سكّته كلّما نشد استقراراً أو سوّى نفسه ليستوي عليها...!
عليك الانتباه، اليقظة، المبادرة، وقراءة المستقبل القريب والعاجل؛ ولن يتمّ لك ذلك؛ إلّا بانتقالك وحكومتك من مديرٍ مُتلقٍّ إلى حاكمٍ مُقرّر مُترقٍّ...، وهو ما يريده الأردنيّون ويعطشون له الآن الآن وليس غداً... .
الحذر الحذر...،فأجراسُ الشّعب تَقرع...، ولحنُها: (هيهات هيهات...، فالأردن مُشْ جَلَدْ وِالْعَب يا وَلَدْ...).