بعد أيام قليلة نستذكر معاً ذكرى عزيزة على قلوبنا، ذكرى تعيد إلى أذهاننا لحظات رحيل الإستعمار، وإعلان الإستقلال، إستقلال مملكتنا الأردنية الهاشمية عن الإستعمار البريطاني، الذي كان محتلاً لبلادنا، مستغلاً لطاقاتها، وثرواتها، وحتى أنفاسها ..
ولكن أهل الأردن وزعمائه الهاشميون كانوا دائماً ومازالوا جزء لا يتجزأ من هموم أمتهم العربية، بداية من إنطلاقهم بالثورة العربية الكبرى لتقف في وجه الظلم والفساد، ومروراً بتصديهم لكل عدوان على حبة تراب من تراب هذا الوطن الغالي.
في الخامس والعشرين من شهر آيار من العام 1946م أعلن المغفور له بإذن الله الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين إستقلال المملكة الأردنية الهاشمية كدولة مستقلة ذات سيادة لتستمر مسيرة البناء والنماء، ونقول تستمر لأنه كان قد بدأ بها منذ وصوله العاصمة الأردنية عمان في شهر آذار من العام 1921م.
فكان تأسيس أول نظام حكومي مركزي، وأول دستور للأردن في العام 1928م، ثم الإنتخابات البرلمانية الأولى في العام 1929م، وبعدها تشكيل الوزارة الأولى بعد الإستقلال في العام 1947م، ثم الدفاع المستميت عن أرض فلسطين، وهزيمة العدو الصهيوني في معارك باب الواد، واللطرون، والقدس، والمحافظة على القدس الشرقية رغم شراسة الهجمات الصهيونية.
شهدنا بعد ذلك إقرار الدستور العصري في عهد المغفور له بإذن الله الملك طلال بن عبدالله، وتوالت في الأردن بعد ذلك قفزات التطور، وتسارع البناء في عهد الملك باني حضارة الأردن ونهضتها، المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال، فكان تعريب الجيش العربي الأردني في العام 1956م، ثم تحطيم أسطور الجيش الصهيوني الذي لا يقهر من قبل أبطال الجيش الأردني مع إخوانهم من أبناء المقاومة الفلسطينية في العام 1968م، في منطقة الكرامة الأردنية، وكان الملك حسين طيب الله ثراه حكم الأردن ما يقارب من سبعة وأربعين عاماً، كان فيها القريب من هموم شعبه، المتتبع لقضايا أمته، وقد ترك ورائه أردن حضاري في مقدمة دول المنطقة تقدماً وحداثة.
وإستمرت مسيرة النهضة والحضارة في عهد الملك القائد عبدالله بن الحسين حفظه الله ورعاه، والذي إقتفى أثر والده وأجداده في تتبع هموم شعبه، وتلمس حاجاته والآمه وآماله ..
هذه قطفات عطرة من حديقة الدوحة الهاشمية الغناء منذ تأسيسها للبنة الأولى في هذا الوطن الغالي المعطاء.
ونستذكر هذه الذكريات والأمجاد في ذكرى إستقلالنا، ونحن نمر في أوقات عصيبة ومفصلية في منطقتنا العربية، فنرى شعوباً تنتفض على حكامها، ونرى حكاماً يذبحون شعبهم غير مبالين ولا مهتمين لدمائهم أو أرواحهم طالما هم باقون في مناصبهم.
ولكننا ننظر إلى بلادنا العزيزة سائلين المولى عزوجل أن يحفظها من كيد الكائدين والحاسدين والحاقدين والمعتدين، وأن تبقى منارة للأمم، لا تخرج إلا العلامات البارزة في تاريخ القمم، متمنين من الحكومة الحالية بقيادة دولة أبا سليمان أن تقترب أكثر من هموم الشعب، وآماله والآمه وأمانيه، فالمهمة على عاتق الحكومة ثقيلة، وعليها أن تسارع الخطى نحو الإصلاح المنشود ومحاربة الفساد، كما نتمنى أن لا نرى مشاهد قمع المظاهرات في بلادنا، فبلادنا التي أصبحت مضرباً للمثل للكثير من البلدان، في حرية التعبير، والأمن، والأمان، علينا أن نحافظ على صورتها هذه، وأن نعمل على تعزيزها وترسيخها أكثر وأكثر ..
وطني يا مهد الأنبياء، أرض هود، ولوط، وشعيب، وموسى، وهارون، ويوشع، وأيوب، وغيرهم من الأنبياء، صلوات الله عليهم أجمعين.
يا أرض الصحابة، أرض الجليل الأزدي، وجعفر بن أبي طالب، وعامر بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، وعبدالله بن رواحه، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.
يا أرضاً إنتزعت المحبة من صميم القلب، ومقلة العين، يا وطنا عزيزاً بترابه، فخوراً بأبنائه، شامخاً بجباله، سامياً مقامه، سموماً على أعدائه، معشوقاً من قبل أبنائه.
يزداد إليك الحنين يا وطني، مع كل نفس يخرج من بين الأحشاء، مع كل دمعة تذرف من العيون شوقاً ليوم العناق واللقاء، ويزداد إليك الأنين مع كل صرخة لجنين، ومع كل نفس يتنفس به أهل الأرضين، فسلاماً إليك يا وطني، سلام العز والفخار في ذكرى يوم الإستقلال، وسلاماً إليك سيدي أبا الحسين في يوم إستقلال الوطن بأرضه وقراره وزعمائه، ودامت أفراحك يا وطن بهامات وقامات رجال ما عرفت غير القمة لك يوماً عنوان ...
تشتاق العين دائماً للقائك، يا وطني الحبيب، يا أردن الفخر والإبداع، أردن أخضر بلون الطبيعة، أحمر بلون الورود، أبيض بلون السلام، أسود بلون سكون ليل السماء، وجمال السوسنة السوداء ...
يا أردن الألفة، أردن الروعة، أردن الدرر، أردن صحيح أنه بلا نفط ولكنه بنوابغه يملئ الدنيا بالثروات ...
سلمت يا وطني يا أردن فخراً لنا وسلمت أبا الحسين فخراً لنا وللأردن ..
نعيش فيه ويعيش في قلوبنا
فلو كل الشعوب ثارت على حكامها وزلزلت أركانها ...
نثور على الدنيا ونزلزل أركانها ليبقى أبا الحسين تاجاً على رؤوسنا ويبقى الأردن عزيزاً شامخاً ....