زاد الاردن الاخباري -
كتب صائب سعد الحسن - تكتسب زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين إلى الولايات المتحدة الأميركية ولقاؤه بالرئيس الأميركي بايدن أهمية كبيرة، فجلالة الملك أول زعيم عربي يلتقيه بايدن في واشنطن خلال السنة الأولى من رئاسته، بعد فترة رئاسية صاخبة لسلفه ترمب.
فعلى مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي انطلقت قبل ما يزيد على سبعين عاماَ، مرت العلاقة بتحديات عدة، ولكن كان يتم تجاوزها دائماً، وهو ما ساعد على تطور تلك العلاقات وعلى مختلف الصعد الاقتصادية والصحية والعسكرية والأمنية والتعليمية، وقد توجت هذه العلاقات بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين كما ساهمت هذه العلاقات باختيار الأردن حليفاً رئيساً غير عضو في حلف الناتو.
كما شكّل الأردن من خلال تلك العلاقات نموذجاً متفرداً على مستوى المنطقة، حيث ظل الأردن قادراً على تقديم المقاربات بعقلانية غير خاضعة للأهواء، وعلى أساس معلوماتي متين توفره الأجهزة الأمنية المختصة، وبتحليل سياسي رزين، واستمر الأردن، رغم تراكم أزمات المنطقة وتصاعد دخان الحروب فيها، بتقديم رؤية استشرافية مستقبلية بنهج قائم على الاعتدال والوسطية ورسوخ القيم والمبادئ الثابتة للسياسة الأردنية.
أما على مستوى المنطقة، فقد ثبت للقاصي والداني بأن جلالة الملك لم يكتسب لقب عميد الحكام العرب بسبب أنه أقدم الحكام فقط، بل بسبب ما يحمله من فكر وحكمة ورؤية استشرافية، وامتلاكه القدرة على إيصال ما يفكر به بوضوح وصراحة، وظهر كم هو قائد استثنائي تمكن باقتدار من أن ينال الاحترام والتقدير الكبيرين على مستوى الإقليم والعالم، بما فيها دوائر التأثير في القرار الأميركي.
ثبات الموقف الأردني بقيادة جلالة الملك وخاصة خلال السنوات الأخيرة بخصوص رؤيته حول جملة من قضايا المنطقة وبالتحديد القضية الفلسطينية، والوصاية على المقدسات في فلسطين، كان يبرز شخصية الزعيم الذي يمتلك مجموعة من القيم والأخلاقيات في ميدان السياسة، ولا يقبل التنازل عنها لتحقيق مكاسب لحظية، رغم كل ما رافق الفترة الماضية من ممارسة للضغوط السياسية والاقتصادية على الأردن، ممارسات مثلت محاولات بائسة لثني جلالته عن مواقفه الثابتة.
فمرة جديدة، يؤكد الأردن بأنه وبقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين يمثّل رقماً صعباً في المنطقة، وان الدور المحوري والمؤثر للأردن لا يمكن تجاوزه و/ أو القفز عنه، فالدور الأردني لا يتصل بالضرورة بالحجم الاقتصادي ومساحة الرقعة الجغرافية، بل بمقدار ما يمثله جلالة الملك عبدالله الثاني من حكمة وحنكة سياسية، يستطيع من خلالها تقدير ما يحدث بعيداً عن اتخاذ القرارات بصورة انفعالية.
كما أثبتت الفترة الماضية قدرة الأردن على الصمود أمام التحديات، رغم صعوبتها، وأن الأردن دولة عصية على الكسر، قادرة على التأقلم مع صعوبات الإقليم، واحتفالها بمرور المئوية الأولى على الدولة خير دليل على ذلك.
واليوم يتفاءل الأردنيون بما هو قادم، واثقين بأن زيارة جلالة الملك إلى الولايات المتحدة ستحقق أهدافها المرسومة، سواء بانعكاساتها الداخلية الاقتصادية أو بدور أردني محوري في المنطقة ليعيد الأمور إلى نصابها.
* مدير عام صندوق الملك عبدالله الثاني