نــــاس يأكلون التـــراب !!
بفلم : ـ دانـا جهــاد
dana.jehad@hotmail.com
لاشك أن ماجرى في العالم من أحداث في الفترة الأخيرة ، جعلها تكشف لنا أن "اللصوصية " في حقيقتها هي علم كبير قائم بذاته ، وأنها واحدة من أهم الفنون الرائجة في أماكن كثيرة في هذا العالم ، و اتضح أنها علم خاص يتم تدريسه في أرقى المدارس العالمية لطلاب معينين يتصفون بمواصفات مميزة خاصة.
كما اتضح أكثر أن "علم اللصوصية " هذا هو علم فريد من نوعه ؛ له أفرع متعددة ، ويحوي تخصصات عديدة؛ شأنه في ذلك ؛ شأن أي تخصص مهني آخر ؛ لايتم تدريسه إلا لمن يثبت أنه قادر بالفعل على فهمه ، و قادر على احترافه وعلى تطبيقه عمليا و ، قادر على انتهاجه بأسلوب متطور يتناسب مع محدثات العصر الذي نعيشه ؛ و بشرط ألا يتم كشفه عند مزاولته العمل .
والدليل على ذلك ؛ ها نحن نسمع أن هناك الكثيرين من اللصوص من الذين يسرقون و ينهبون و يختلسون في وضح النهار ؛ وبالرغم من كل ذلك ؛ فإنه لايطلق على أي منهم لقب لــص أو حـرامي أو مخــتلس !!
بل إنهم يظلون يجدون كل الإحترام والتقدير على سرقاتهم (المقنعة) هذه ؛ والتي غالبا ما يتم نسبها في كل مرة الى شخص فضائي مجهول الهوية ؛ يكون قد تعود على الهبوط من الفضاء الخارجي بين كل فترة وأخرى ، يأتي ليسرق وينهب ويختلس ثم يختفى في لمح البصر وبسرعة البرق ؛ بدون أن يترك خلفه أثرا يدل عليه ، وبدون أن يجعل أحدا يتمكن من رؤيته ، ولا من الإمساك به ، ولا من الإستدلال عليه ، ولا معرفة من هو ، ولا حتى معرفة لحساب من يعمل ، ولا معرفة من يكون يقف وراءه !!!؟؟.
أما اللص الذي لم يحالفه الحظ في الإلتحاق بمدرسة اللصوصية هذه؛ بسبب تدني مجموع علاماته ، ولعدم وجود واسطة لديه تدعم قبول طلبه ، ولم يستطع أن يتعلم أساسيات هذا الفن الراقي ، ولم يتمكن من الإلمام بأسرار هذه المهنة الرائجة، ولم يتمكن من الحصول على شهادة الإحتراف الدولية . فقد اقتصرت سرقاته على أمور بسيطة مثل (سندويتشة فارغة أو رغيف خبز حاف ) ليسد بها جوعه فقط.
وعندما حاول هذا اللص الغير محترف الإرتقاء بمستوى مهنته ، والإعتلاء بسرقاته وتطويرها ؛ فقد هداه تفكيره الى أن يقوم بسرقة (باكيت ماجي ) على سبيل التجربة ؛ إلا أن حظه العاثر من جهة ، وعدم وجود ظهر يستند اليه من جهة أخرى، ولعدم قدرته على الإختفاء و عدم تمكنه من التخفي ؛ فهذا كله سهل من عملية سرعة القاء القبض عليه ، وساعد على الإمساك به مسك اليد متلبسا بالجرم المشهود . و من ثم محاكمته !! لأنه في نظر الجميع يعتبر لصا خطيرا خارجا عن القانون ؛ يجب تخليص العباد والبلاد من شره ومن خطره ؛ حتى وإن كنا نسمع ( صوصوة عصافير بطنه ) ،و ( قرقعة مصارينه ) ، وصراخ أولاده ونحيب زوجته الذين يموتون جوعا وعطشا.
إخوان أخوات :
إن مقالي أعلاه ماهو سوى مقارنة بسيطة بين لص وآخر ، وإنه ليس لاسمح الله ؛ تشجيعا على السرقة بأي حال من الأحوال ، وليس دعوة إليها ، ولا دعوة إلى الإلتحاق بمدرستها ، ولا ترغيبا بها ؛ بقدر ماهو تنفير منها !! لاسيما أن اللص كان من كان ، صغيرا أم كبيرا ، محترفا أم مبتدئا ؛ يسرق جملا أو يسرق نملة !! فكلاهما غير محترم في رأيي ، وكلاهما سيء ، أدعو ا الله سبحانه وتعالى له بالهداية والرشاد والبعد عن هذا الطريق الغير سوي ، واتباع طريق اللقمة الحلال .
وختاما !! فهذا نداء حار مني أخص به كبار التجار في كل مكان في عالمنا العربي والإسلامي ؛ داعية اياهم مشكورين الى الخوف من الله أولا قبل كل شيء ، والقيام بتخفيض الأسعار ، رحمة بالفقراء ومراعاة لظروف المساكين وشفقة بأحوال الأطفال الصغار؛ حتى يبارك الله لهم في صحتهم وعيالهم وتجارتهم وأموالهم ؛ وخاصة لأن الجشع والطمع وقسوة القلب ، وعدم الرحمة ، صفات لايحبها الله في الإنسان !!!!
فمعظم الناس ياكبار التجار وبسبب هذا الغلاء الفاحش ؛ لم يعد بإستطاعتهم القدرة على الشراء ، و لم يعد بوسعهم أن يجدوا شيئا ليأكلونه ، ولم يعد أمامهم سوى البحث عن طعامهم في حاويات القمامة وبين المزابل (أكرمكم الله) ، وحينما لايجدون شيئا فيها ؛ فيضطرون الى أكل التـــراب !!.فهل هذا يرضيكم ويسركم ويفرحكم ؟؟
لذا يا أخوان و يا تجار و يا كبار !! اتقوا الله ، ولا تدفعوا الناس إلى أكل التـــراب ، وارحموا من في الأرض ؛ يرحمنا ويرحمكم من في السماء .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛
دانــــا جهـــــاد
dana.jehad@hotmail.com