بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس النواب الاردني في ذمة الله
الكاتب : منتصر بركات الزعبي montaser1956@hotmail.com
مرة أخرى يرسب الشعب الأردني والحكومة معا في امتحان الوطن – البرلمان السادس عشر - رسوبا مدويا بعد الرسوب الفاضح في البرلمان الخامس عشر ما يجعلني استحضر ببالغ الأسى والحزن الحكمة القائلة :[ إن كان أعمى يقود أعمى؛ يسقطان كلاهما في حفرةٍ ]! ولا ادري يقينا على من يقع اللوم ؟ أعلى الحكومة أم على الشعب ؟
وغالب ظني انه يقع على الطرفين : الشعب لأنه لم يحسن الاختيار مرة أخرى وهذا ما حذرت منه في مقال سبق الانتخابات النيابية الأخيرة بعنوان[ لماذا ننتخب ومن ننتخب ؟ ] مع أن رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم – يقول : [ لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ] ورحم الله شاعرنا عمر أبو ريشة إذ يجسد هذا الواقع البائس محملا الشعب وزر اختيارهم فيقول :
يا شعـب لا تشـك الشقـاء ولا تطـل فـيـه نـواحـك
لو لم تكن بيديك مجروحـا لضـمـدنـا جــراحــك
أنت انتقيت رجال أمـرك وارتقبـت بهـم صلاحـك
فإذا بهـم يرخـون فـوق خسيـس دنياهـم وشاحـك
كم مرة خفروا عهـودك واستقوا برضـاك راحـك
أيسيل صدرك من جراحتهم وتعطـيـهـم ســلاحــك
لهفـي علـيـك أهـكـذا - تطـوي علـى ذل جناحـك
لو لم تُبـح لهـواك عليـاءَ ا لحيـاة لـمـا استبـاحـك
أما عن دور الحكومة فأكتفي بذكر ما جاء في التقرير الذي أعده مركز الجسر العربي لحقوق الإنسان المستقل تاريخ 13 / 11/ 2010 وهذا نصه : قام المركز بمتابعة ورصد العملية الانتخابية ورصد عدداً من “الإيجابيات” والسلبيات حيث التقت السلبيات التي وردت في“تقرير المركز” بما تطرحه القوى السياسية والمجتمعية من إشكاليات على مدى العقدين الماضيين فقد أشار التقرير إلى قانون الانتخاب ووصفه بقانون ( الصوت الواحد والدوائر الوهمية ) وأشار إلى أن هذا القانون ما يزال مؤقتا ًوبالتالي فهو “غير دستوري” إذ اعتبر التقرير هذا القانون بأنه “عدو العمل السياسي والحزبي” كما حمّله وزر العودة بالبلاد إلى الوراء فضلاً عن دوره - أي قانون الانتخاب - في تعزيز “حالة العنف المجتمعي وازدياد “الكراهية والفرقة بين المواطنين هذا إلى ما أشار إليه التقرير من قضايا خطيرة لعل أخطرها” التمويل المشبوه” الذي تلقته عدد من مؤسسات المجتمع المدني لرصد الانتخابات النيابية 2010 مما يشكك في نزاهة وحيادية وموضوعية التقارير الصادرة عنه بخصوص العملية الانتخابية , فضلاً عن تضخيم نسب الاقتراع المعلنة من قبل الحكومة عن النسب الفعلية للاقتراع .
هذا ما يجعلني أن لا ألوم مجلس النواب إذا شئتم الصدق، بل ألوم نظام الصوت الواحد البائس في المقام الأول الذي جعل من الدائرة الضيقة الوهمية المعيار الأهم لاختيار النائب الذي أغرى الحطمة من الناس وطلاب الدنيا ممن يحبون ركوب الموجة بالتهافت والتكالب على الترشح للمجلس النيابي ، معرضين في المقابل عن البحث الجدي لمعرفة المهام التي ستقع على عاتقهم , وراغبين عن معرفتها سعيا منهم لتقرير مكانتهم وتعيين أدوارهم في الوساطات والمحسوبية, وان تحملهم النيابة إلى المناصب والوجاهات ثم تكون النيابة آخر أولوياتهم بل قد يتنكرون لها عندما يصلون إلى مبتغاهم وأهدافهم وهكذا تكون النيابة مطية إلى أهدافهم.
وقد يدخل ميدان الصراع أناس لم يتربوا على العمل النيابي فيمارسون صراعهم السياسي بأخلاق الجاهلية الأولى من غش وكذب وخيانة أمانة وإخلاف وعد , فيكونون بممارستهم السيئة دعاية سيئة للعمل النيابي وسبة على الوطن .
فكم رأينا في النظام الخائب كيف أبعد أشخاص أفذاذ عن موقع المسؤولية وسُرق رجال متميزون و بارعون في العمل النيابي مما أدى إلى إقحام فئة لا يستهان بها لا تأخذ بعين الاعتبار إلا حسابات جهوية أو عشائرية أو شخصية ضيقة سرعان ما تجعل أصحابها بعد الانخراط فيها حينا من الدهر يتوهمون بأنهم أصبحوا سدنة البرلمان وكهنته وأنهم اقدر واخلص من كل من عداهم .
ذلك النظام المريض هو السبب في ولادة برلمان مشوه ومهمش يتحرك أعضاؤه كأشباح هشة – خيالات – شفافة لا يراها احد يفتقرون إلى الكفاءة في التعامل مع التشريع هذا إن لم يتم إجبارهم على الصمت أو الإقصاء بسبب استقواء الحكومة كما حصل عند تشكيل لجنتي الحوار الوطني والاقتصادي إذ يعاني من ضمن ما يعاني من شلل رباعي وتغييب شبه تام .
هائل وعظيم ومفصلي هو الفرق بين التفاؤل والتجاهل يا سادتي فتفاؤلنا الذي قد يكون أمراً محموداً يمكّننا من شحذ عزائمنا والإصرار على الإصلاح والتغيير، وهذا لا يعني أو يبرر التعامي عن معطيات الواقع وتسمية الأشياء بغير أسمائها، فالسرطان هو السرطان، ولن يحوّله تحاشي الناس لذكر اسمه المرعب إلى مجرد طفح جلدي بسيط ! والقاعدة الأولى لعلاج أي مرض ـ وأظن أن هذه القاعدة ـ تتمثل في الاعتراف بوجود ذلك المرض، وليس بإنكاره أو تجاهله، ومحاولة إقناع أنفسنا وإقناع الناس، وربما إقناع المريض نفسه، بعدم وجوده من الأصل!
مجلس النواب الحالي يحتضر يا سادتي ، وحتى لا أكون ظلاميا فيما أقول : إنه قد فارق الحياة ويعيش في موت سريري وهو لا يحتاج الآن إلى مجرد "أكسجين " ، بل يحتاج إلى زراعة قلب جديد، وإلى إزالة الأورام السرطانية الخبيثة الذي انتشرت في عموم بدنه وعششت في دماغه
فكل أمم الأرض تسبقنا في مضمار العمل النيابي إلا نحن ليس! انه بحاجة إلى طبيب حاذق ونطاسي بارع للقيام بذلك لتعود إليه الحياة من جديد ولا أرى ذلك الطبيب : إلا مليكنا المفدى عبد الله الثاني حفظه الله ورعاه
فهو البدر الذي يفتقد في الليلة الظلماء ليبدد عتمتها وينيرها. فهل اتشرف من جلالته بسماع استغاثتي ؟ وتكون عيدية الاستقلال الخامس والستين حل مجلس النواب .
لنا إلا برلمان يفتقر إلى الكفاءة في التعامل مع التشريع , فهل برلماننا بحالته الراهنة قادر على منحنا بعض الأمل أقول لا وألف لا والقهر يجتاحني من كل جانب فالمحتضر الذي لا يستطيع احد ان يفعل شيئا جديا لإنقاذه ، لا يعرف إلا طريق المقبرة!
إنني لن أصاب بحالة من الاكتئاب لو انه تم نعي البرلمان الأردني في باكورة شبابه ولن أصاب بحالة من الحزن لأننا فقدناه في سن عطائه وعز شبابه , ولن أشارك في تأبينه ولا حتى في زيارة بيت العزاء - معذرة يا برلماننا الأردني – لن يغضبني لو آن إعلان نعي البرلمان قد ذكرمن ضمن حسناته وانه قضى سنوات عمره في أعمال البر والتقوى وسوف اعتبر ذلك نكتة سمجة تحملنا مثلها الكثير لان جميع موتانا اعتبارا من السماسرة والحرامية وانتهاء بالخونة كلهم بدون استثناء قضوا أعمارهم المديدة في أعمال البر والتقوى وبالتالي فان برلماننا العتيد والذي يرى أعضاؤه ان الوقت غير ملائم لحله رغم عجزه عن اتخاذ أية إجراءات لما يتعرض له الوطن من أخطار جسام تتهدده وليس ضد الهند أو الصين . النكتة أو الكذبة في التاريخ لا تستحق فعلا ان تبقى على قيد الحياة , وبالتالي فإن غيابها هو اصدق ألف مرة من بقائها على قيد الحياة , وبالتالي فإن موتها أفضل ألف مرة من استمرارها , ونسيان مواقفه هو العزاء لكل منا عن ممارسته التي لم تسهم إلا في زيادة تغول الحكومة واستقوائها على الشعب وفي الختام أقول عظم الله أجركم وشكر الله سعيكم وجبر مصابكم وأجزل عزاءكم ف [ كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ]