يوم استقلالنا فخر لنا، وهذيان لأعدائنا
الخامس والعشرون من أيار يوم من أيام عز الأردنيين الذين قرروا حمل راية المسؤولية عن مستقبل ثرى وطنهم الطهور، إذ لا يحافظ على الأوطان إلا أبناؤها الغيورون، فوضعوا ركائز دولة القانون والمؤسسات، وبنوا الأردن الحديث الذي يزهو بأبنائه الغرّ الميامين، ولا بد لنا ونحن نحتفل بيوم استقلالنا العظيم أن نستذكر كل أولئك الذين قدموا التضحيات، وأخلصوا العمل لننعم بنعمة الاستقلال، ونفخر بأردن عزيز صلب متجذّر في التاريخ الإنساني، والحضارة العريقة بشموخ رجاله، وهمة نسائه، وعظمة قيادته التي ما فتئت تبحث عن كل إمكانية لبناء الوطن الأعز، وهي ترى الاستقلال حالة مستمرة من العطاء، والإنجازات، والبناء، وتقويم المسيرة.
إن قراءة الاستقلال هذا العام مختلفة عن قراءتها في كل الأعوام السابقة في ظل المتغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية من ثورات وعواصف يمكن أن تودي بدول كثيرة إلى الغرق، ولعل ذلك ناتج بالدرجة الأولى عن عدم الانصياع لدعوى الإصلاح الذي بات ضرورة ملحّة لنا نحن في الأردن أيضا؛ للحفاظ على مكتسبات الاستقلال، ولتعزيز نجاح الأردنيين في بناء الدولة النموذج في تقدمها، وأمنها واستقرارها، وتلاحم قيادتها وشعبها؛ للوقوف في وجه الطامعين والحاقدين.
نعم إن هؤلاء الحاقدين يتكاثرون من حولنا من خلال بث سمومهم، وهذيانهم بالمطالبة بالأردن وطنا بديلا للفلسطينيين، فمن زعيم الحزب اليميني المتطرف في هولندا فيلدرز إلى سلالة يهود خيبر من اليمين المتطرف وغيرهم الذين لا يعرفون إلاً ولا ذمة : بيرس ونتنياهو وليبرمن إلى الأخير إلداد الذي ذهب إلى السفارة الأردنية لتقديم عريضة بالطلب ذاته، فقد أصبح الوطن البديل مطلبا عند عناصر الدولة الصهيونية كلما غاب أفقهم السياسي عن إنهاء الصراع، فهذه سمة الفاشلين في كل زمان ومكان، لا يقدرون على حمل مسؤولية أعمالهم، ونتائج سياساتهم، فيبحثون عمن يعلقون عليه مشاكلهم، أو لعلها عقدة الذنب بحق ما فعلوه بالشعب الفلسطيني، الذي ما زال قابضا على مفتاح وطنه، فيريد هؤلاء الصهياينة أن يريحوا ضمائرهم المتعبة بالوطن البديل، فيتخلصوا من عزلتهم، وتبعات السلام، وحل القضية الفلسطينية جميعا، أو لعله حقدهم الدفين يمنعهم من ترك الآخرين ينعمون بأوطانهم، ووحدتهم الوطنية من خلال إثارة الفتن بين الأشقاء، وإشغالهم بها عن عدوهم الأول.
حسنا فعلت السفارة الأردنية بطرد إلداد وزمرته وتسميته شخصا غير مرغوب فيه، ولكن هل هذا يكفي؟! وهل فعلا يهم إسرائيل أن تجد للفلسطينيين وطنا وهي التي لم تعترف بوجودهم أصلا منذ أن أعلن عناصرها أن فلسطين التاريخية هي أرض بلا شعب لشعب بلا أرض؟!