زاد الاردن الاخباري -
لحظات فرح صاخب ومواكب سيارات علت مزاميرها وصدحت، وشباب بعمر الورود احمرت وجناتهم المتدلية من نوافذ السيارات أنستهم الفرحة برودة الطقس، وفي ثوانٍ معدودة انقلبت ضحكاتهم الى صمت وفرحهم الى يأس ودموع الفرحة انقلبت إلى دموع قهر، لحظات حرجة عاشها الطلبة وذووهم نتيجة لخطأ، سحبت معه وزارة التربية القرص الصلب المحتوي على النتائج مع إعلانها أنها ستصوب الخلل الذي أصاب نتائج الثانوية العامة للدورة الشتوية يوم أمس.
تلك المشاهد قابلتها مشاهد أخرى من الحزن الذي انقلب، ليس الى فرح وانما أمل لطلبة وصلتهم النتائج الأولى بأنهم راسبون أو مكملون.
واحتار في تلك اللحظات الطلبة واختلط الفرح بالحزن والأمل باليأس، وما عادت أحوالهم مستقرة وأزاح السائقون الفرحون في شوارع العاصمة أيديهم عن أبواق سياراتهم التي كانت انطلقت معلنة الفرح بالنجاح قبل لحظات من وقع الخبر، وخفت صوت المذياع عن أغنية لطالما صدحت مع مواسم الأفراح للراحل عبدالحليم حافظ "وحياة قلبو وأفراحو"، واحتبست الزغاريد في أفواه الأمهات.
وقد أثارت هذه الحادثة ضجة وإرباكا، لم يعد لأحد معها القدرة على التعبير بثقة عن حزن أو فرح فلا أحد من الطلبة واثق من نتيجته، أو مما حصل عليه من نتائج، وانسحبت تلك الحالة وإن كانت بدرجات متفاوتة على جميع الأردنيين حتى أولئك غير المعنيين بالنتائج.
صدمة نفسية أصابت العديد من الطلبة، بعضهم بخاصة الفتيات، عبر عنها بدموع امتزجت بالخوف والرهبة وكانت بمثابة تمديد قهري وقسري للفترة الماضية، التي عاشوها ترقبا للنتائج لحظة بلحظة.
بعض الطلبة وذووهم لم يجدوا ملجأ لحيرتهم سوى بالتوجة الى وزارة التربية والتعليم صباح يوم أمس وحتى الظهيرة علهم يجدون بلسما هناك يسلي لهفتهم، لمعرفة حقيقة ما جرى وليطمئنوا على أوضاعهم وتعويض فرحتهم التي خطفها خطأ ارتكبه أحد ما.
دانا حتر قالت لـ"الغد" إنها ومجموعة من زملائها يتابعون منذ الساعات الأولى لفجر أمس شاشات الكمبيوتر لمعرفة نتيجة ما زرعوه عبر نصف عام من الجهد والتعب والسهر، وإذ بمفاجأة الخطأ أربكت أفراحهم وقلبت موازين صبرهم إلى غضب.
حسن وهو أول طالب توجيهي في عائلته التي بدأت تعد لحفل نجاحه منذ يوم أمس، بخاصة وأنه طالب متفوق في مدرسته وكان هو وذووه على يقين تام من نجاحه، وقع مغشيا عليه بعد سماعه من قريب له سعى الى مقهى إنترنت من ساعات الصباح الأولى أنه "مكمل في اللغة الإنجليزية والثقافة الإسلامية".
وعادت نتيجة حسن بعد صراع نفسي بين ذاته وبين عائلته لتنقلب على أحد المواقع الى ناجح بكل المواد وبمعدل 83.2.
فيما تفاجأ الطالب خالد مساعدة بأن علامته الراسبة اعتلتها علامة النجاح بمعدل مرتفع، وكذلك الطالبة سرى التي ظهرت نتيجتها الأولية مكمل بكل المواد ما عدا مادة الثقافة الإسلامية وهو الأمر الذي تحول إلى نتيجة ناجح بمعدل 81.
"الله لا يطعمها لحدا يا رب" تقول والدة سرى لـ"الغد" وهي تصف حالة الذعر التي أصابت العائلة فور سماعهم لعلامة ابنتهم الأولى.
وآثار ضرب اعتلت وجه الطالبة حنين بعد إعلان النتائج وسماعها نبأ رسوبها الذي لم يكن النبأ السليم، ذاهبة إلى أن فرحتها سرقت وحرمت من الاحتفال واصفة أن الذي حصل لم يكن خطأ فحسب بل ظلم كبير تعرضت له.
المهرجانات التي كانت تغلي بها شوارع العاصمة عمان مع ظهور نتائج الثانوية كانت فاترة وخجولة ومتشككة في هذه الدورة، ولم تغص عمان كعادتها في مثل هذه المواسم بمواكب الناجحين.
الطالب ناصر "الواثق من نفسه" بعد معرفة نتيجة نجاحه خرج مع أصدقائه بسيارة شقيقه الأكبر للتعبير عن فرحته بالنجاح، يقول: وقع على مسامعه نبأ أن نتيجته الحقيقية هي حمله لمادتين كوقع الصاعقة جعله يترنح ويقول "سرق الخبر منه أحلى لحظات قد لا تعود الى عمره كله".
فيما لم يعرف الطالب إسماعيل أبو شيخة إلى أين يلجأ لمعرفة مصيره الذي بات في "علم الأخطاء" وكذلك الطالب زيد نشواتي المدرك بنسبة 100% بأن رسوبه في مادة الرياضيات وتدني علامات المواد الأخرى هو "خطأ، لكن ما في اليد حيلة" كما ذكر وعليه أن يستسلم للأمر الواقع الذي حرق قلبه وقلب أهله.
الغد