للمرة الثانية يتعرض امتحان الثانوية العامة"التوجيهي"الى ازمة صادمة ، فبعد تسريب الاسئلة يتعرض الركن الثاني للعملية -النتائج - الى ازمة لا تقل في اثرها السلبي عن الاثر الاول ، بل تزيد ، في اثرها الانساني والاجتماعي ، فإحتمالية انتحار طالب واردة وكذلك اصابة اب او ام بازمة قلبية او ارتفاع الضغط والسكري اكثر ورودا واحتمالية ، وحينها من سيدفع الثمن او يتحمل وزر الضحية ؟
ردة فعل وزير التربية والتعليم تكشف عن ازمة اكبر ، فالوزير يتحدث عن خلل فني طارئ في النتائج وليس في احتساب العلامات كما انه يشير الى محدودية الخلل - الدراسة الخاصة - فقط ولولا مهابة لطالبنا الوزير بالاعتذار عن الضجة التي افتعلها الاهالي ، فالقصة لا تستأهل كل هذا الامر ، فماذا يعني مستقبل الابن او الابنة ؟ مجرد خلل فني طارئ ، والسبب ببساطة ان مشاعر الناس لم تعد مهمة بالنسبة لمعاليه.
ما حدث يجب الا يمر دون حساب ، وحساب قاسْ ، فمشاعر الناس ومستقبل الطلاب ليس هامشيا ، فهؤلاء هم من يوفرون للوزير راتبه ولباقي كادر وزارة التربية والتعليم ، ومن حقهم ان تكون علامات ابنائهم في امان وكذلك نتائج امتحاناتهم ، لا اتحدث هنا عن الحق المجتمعي كله وصورة البلد وصورة العملية التربوية التي اهتزت بسبب ما جرى ، بل اتحدث عن مشاعر المواطن العادي الذي باتت مشاعره في اخر سلم اهتمام اصحاب المعالي ، فالوزير يعلن انه لم ولن يقدم استقالته ، بل انه لم يتواضع ويقول انه يضع استقالته بين يدي رئيس الحكومة او انه مستعد لتحمل نتائج لجنة التحقيق ولو من باب تهدئة الخواطر او من باب ذر الرماد في العيون .
مسلسل الاستهتار بمشاعر الناس وثوابتهم مستمر ، ومن الذين اقسموا على حمل المسؤولية باخلاص واقسموا على القيام بالواجبات الموكولة اليهم بأمانة واردفوا بتوقيع مدونة سلوك هدفها تقليل الفواصل بين المسؤولية الاخلاقية والمسؤولية القانونية ، فأين المدونة ؟
قبل شهر ظهرت قضية اختلاس وزارة الزراعة ، وذهب الموضوع والتحقيق في غياهب الجب ، ولن يمر احد لالتقاطه من الجب ، ويومها تم الحديث عن لجنة تحقيق ، والان تحدث خطيئة ويتم الاعلان عن لجنة تحقيق ، وبإستطاعة اي احد ان يستخلص النتائج سلفا في ظل تصريحات وزير التربية ، فيروس بشري او تقني افضى الى هذا الخلل البسيط الذي هوله المواطنون سامحهم الله ، مع احتمالية ان يتم احالة موظفين صغار على الاستيداع او التقاعد .
ما حدث خطيئة بكل المقاييس والموازين ، محاسبة الجميع فهل لدينا في كل العملية التربوية برمتها ما هو اهم من الثانوية العامة ، التي يتقدم اليها سنويا 130 الف عائلة ، فكلنا يعلم ان الاسرة كلها تتقدم الى امتحان الثانوية وليس الطالب فقط ، ننتظر النتائج ونتمنى ان نرى للمرة الاولى شخصا مسؤولا فعليا وقانونيا يحاسب على الخطيئة وليس عابر سبيل ، فهل تفعلها الحكومة ؟
omarkallab@yahoo.com