زاد الاردن الاخباري -
تعكس توجهات الحكومة لتحرير سعر أسطوانة الغاز خلال الفترة المقبلة، إجراءات تهدف إلى خفض عجز الموازنة والمديونية، عبر إضافة أعباء جديدة على المواطنين، كما يرى خبراء اقتصاديون.
ويشير هؤلاء إلى أن تداعيات هذا القرار ستكون على ذوي الدخل المحدود بشكل مباشر، الأمر الذي يؤدي إلى رفع أسعار مختلف السلع والخدمات، خصوصا المتعلقة بالمواد الغذائية.
وبحسب الخبراء، فإن الأفق الإبداعي للحكومات بات محدوداً، والحل الأسهل لمشاكل العجز هو جيوب المواطنين.
وتتجه الحكومة حاليا لإنهاء الدعم الحكومي على أسطوانة الغاز المنزلي ابتداء من الأول من نيسان (ابريل) المقبل، وذلك كإحدى الفرضيات التي بنيت عليها موازنة 2010، إضافة إلى بنود أخرى مثل فرض ضريبة على البنزين والدخان والمشروبات الروحية والتتبع الإلكتروني.
الخبير الاقتصادي أحمد النمري، رأى أن حجة رفع الدعم عن الغاز هي تخفيض عجز الموازنة، علماً أن كافة الإجراءات لحل العجز في السابق أدت إلى تفاقمه.
وبين النمري أن هذه الخطوة ستضيف عبئاً إضافياً على المواطنين، خصوصا من ذوي الدخل المحدود والمتدني، إذ أن لها تداعيات غير مباشرة من خلال ارتفاع أسعار مختلف السلع والخدمات، ولا سيما المواد الغذائية التي تستخدم الغاز.
وأوضح النمري أن عملية التسعير للمشتقات النفطية مشكوك فيها، إذ أن الأسعار العالمية ترتفع وتنخفض، في حين لا يتم عكس الانخفاض محلياً، مشيراً إلى أن السياسات الاقتصادية المنتهجة خاطئة، حيث تم تخفيض ضريبة الدخل على الأغنياء، وتم فرض ضرائب غير مباشرة على أصحاب الدخول المتدنية.
يشار إلى أن نية الحكومة لتحرير الغاز تأتي ضمن سياسة التخلص من بند دعم المحروقات في إطار خطة تحرير المحروقات التي بدأتها مطلع 2004 واستمرت حتى شباط (فبراير) 2008 باستثناء الغاز.
بدوره، أكد نائب رئيس الوزراء الأسبق جواد العناني أن هذه القرارات تصدر من دون تطبيق واقعي لقانون الموازنة، إذ يعكس ذلك وضع الموازنة الصعب، ويفتح تساؤلات سياسية ومالية واقتصادية.
وأوضح أنه في حال كانت هناك ضغوط على الأردن من الخارج لاتخاذ هذه القرارات، فالأولى إطلاع الشعب عليها، ليتخذ موقفاً إلى جانب الحكومة لمواجهة هذه التحديات، بينما إذا كانت قرارات اقتصادية ومالية، فلا بد من فتح باب النقاش حول الظروف، ووضع جدول حول "المغانم والمغارم" لهذا القرار، ليتضح دور كل شخص وتوقعاته.
وأشار العناني إلى أن إطلاع الشعب على مجريات الأحداث، يصنع حالة من التكافل الاجتماعي، في ظل الظروف الطارئة التي تمر بها الأردن، والتي لا بد من الخروج منها، إذ أن هذه السياسة ستنعكس على ذوي الدخل المحدود بشكل خاص.
ووفق المصادر، فإنّ رفع الدعم على الاسطوانة يعني أن تباع للمواطن بأسعار التكلفة، والتي تقدر وفق الأسعار الحالية بحوالي 9.75 دينار، حيث "تدعم الحكومة حاليا كل أسطوانة بحوالي 3.25 دينار وفق الأسعار العالمية للغاز".
الخبير الاقتصادي حسام عايش، من جهته، لفت إلى أن التفكير برفع أسعار الغاز ليس جديداً، إذ تفكر الحكومة بذلك منذ العام 2008، مشيراً إلى أن أي إضافة على أسعار السلع والخدمات والمنتجات خلال العام الحالي لن تكون إيجابية.
وكانت الحكومة تنوي رفع الدعم منذ العام 2008، إلا أن جلالة الملك عبد الله الثاني كان أوعز في آذار (مارس) من ذات العام بوقف القرار.
وذكر عايش أن هذا العام يبدو "مأزوماً ويذكر بأعوام سابقة كان الشعار فيها شد الأحزمة، لحل مشكلة العجز والمديونية، حيث تشير "حملة" رفع الضرائب من قبل الحكومة، إلى سلسلة متواصلة تهدف، بحسب المسؤولين، إلى سد العجز عبر رفع الأسعار.
وبين عايش أن رفع الدعم عن الغاز يعني أن السعر سيرتفع بنحو 50%، ما سيؤدي إلى هزات بالأسعار لا يمكن توقع نتائجها، حيث ستعم الفوضى بالأسعار، لا سيما في ظل الآثار الجانبية بارتفاع أسعار السلع والخدمات.
وتبلغ قيمة الدعم السنوي لأسطوانات الغاز المنزلي ما يقارب من 80 مليون دينار، ويتغير الرقم بتغير الأسعار العالمية، في الوقت الذي تدعم فيه الحكومة الغاز المنزلي فقط وتقدر عدد الأسطوانات المنزلية من وزن 12.5 كيلو بحوالي 25 مليون أسطوانة.
وأكد عايش أن المواطنين منذ العام 2008 تضرروا من الأوضاع الاقتصادية العالمية، إذ أن جيوب المواطنين باتت فارغة، وتقارير مسح الدخل والنفقات تؤكد فجوة بين دخل الأسرة ونفقاتها بأكثر من ألف دينار شهرياً.
وأوضح عايش أن كل الحكومات تفكر بالطريقة نفسها، حيث إن الأفق الإبداعي محدود حالياً، وجيب المواطن أسهل الحلول، بينما لو يتم ضبط النفقات التفاخرية لكان أفضل من خلال التخلص من أسطول السيارات الكبير في المؤسسات الحكومية، وإيقاف المياومات على الأقل خلال السنة الحالية، أفضل من حل إرهاق جيب المواطن.
ويبلغ معدل الاستهلاك الشهري من مادة الغاز في المملكة نحو مليوني أسطوانة، يزداد في أشهر الشتاء ليتراوح بين 2.7 و3 ملايين أسطوانة شهريا.
الغد