زاد الاردن الاخباري -
حسم مركز الأزهر العالمي للفتوى الجدل حول حكم استخدام ”التاتو“ على الجسم، وما إذا كان هذا محرما على الإطلاق أم في حالات يسمح فيها برسم ”الوشم“.
وأوضح الأزهر العالمي للفتوى، في بيان، الجمعة، أن صورة الوشم (التاتو) المعاصرة تكون بإدخال أصباغ إلى طبقات الجلد الداخلية بوخز إبرة موصولة بجهاز صغير، يحمل أنبوبا يحتوي على صبغة ملونة، وهو عمل مشابه لعمل ماكينة الخياطة على قطعة من القماش، وفي كل مرة تغرز الإبرة في العضو الموشوم تدخل قطرة صغيرة من الحبر إلى طبقات الجلد الداخلية وتختلط بالدم؛ ومن ثم يبقى أثر هذه العملية مدى الحياة، أو يظل مدة 6 أشهر فأكثر.
ولفت إلى أن ”حكم الوشم وفقا لما جاء في الأحاديث النبوية، وبعض الفقهاء عده كبيرة من كبائر الذنوب“، مبينا أن ”حكم الحرمة عام يشمل الرجال والنساء على السواء، وقصر الخطاب في الأدلة المذكورة على النساء جاء مناسبا للأغلب؛ لوقوعه من النساء أكثر“.
وأشار إلى أن التشديد جاء على حرمة الوشم تبعا لتعدد علل النهي عنه وكثرتها، فعلاوة على اللعن المقترن به في النصوص المذكورة؛ فإنه يشتمل كذلك على تغيير للخلقة، وتشويه، وتبرج وتدليس في بعض صوره، وضرر صحي.
وذكر أن الوشم ينقل الأمراض التي تنتقل عن طريق الدم كفيروس الكبد الوبائي، وفيروس نقص المناعة البشري المعروف بالإيدز، في حال تلوث الآلات المستخدمة وحملها للفيروسات.
وتابع ”كما يسبب الوشم عدوى الجلد -على الرغم من استعمال إبرة جديدة لكل شخص- عن طريق حبر الوشم، الذي قد يحتوي على بكتيريا منقولة من شخص آخر مصاب؛ مما يسبب الطفح الجلدي والتورم والألم؛ ومن ثم تزيد نسبة تكون الحفر والندوب على البشرة“.
وواصل ”يؤدي الوشم أيضا إلى تغير لون الجلد بسبب صبغة الميلانين الموجودة في الجلد المصبوغ بالتاتو، والتي قد تتسبب في تغير لون الجلد فور اختفائها، وفي بعض الحالات تظهر بعض الكدمات الزرقاء على المنطقة التي رسم التاتو عليها في شكل تورم، كما يؤثر التاتو على كريات الدم البيضاء؛ الأمر الذي يقلل من مهاجمة الجسم للأمراض والبكتيريا“.
وأكمل ”ناهيك عن التشوه والنفور الحاصلة بسببه، ومبالغة بعض الواشمين فيه حتى استخدموه في وشم بياض أعينهم باللون الأسود، الأمر الذي أدى إلى فقد بصر كثير منهم، كما أن لإزالة الوشم (التاتو) مخاطر طبية أيضا“.
وبين أنه ”بالإضافة لانحباس الدم في موضع الوشم، وتلبس جميع حالات العبد به، حتى في أداء الفرائض كالصلاة التي ينبغي لها الطهارة الكاملة، وقد اتفق الفقهاء على نجاسة موضعه من الجسم“.
وأكد ”لذا؛ كانت إزالة الوشم (التاتو) من الجسم واجبة إن وجدت طريقة إزالة مقدور عليها، آمنة -كإزالته بالليزر مثلا-؛ يحافظ الإنسان من خلالها على العضو الموشوم ووظيفته“.
لكن الأزهر للفتوى، قال إن ”قد استثنيت من حكم حرمة الوشم حالتان، هما: إذا تعين التاتو علاجا لأحد الأمراض، مع وجود ضرورة ملحة للوشم بحيث لم يجد المريض بديلا عنه مباحا، وكان تدخل الوشم بغرض رد الخلقة لطبيعتها، وكان فعله بقدر إزالة الضرر، وأمنت أضرار الوشم المذكورة سابقا؛ فالضرر في الشرع لا يزال بضرر مثله، ويجوز أيضا إن وجدت ضرورة تستدعي ذلك؛ فالضرورات تبيح المحظورات“.
ونوه بأنه ”من الأمثلة على هذه الحالات: جواز الوشم في رد شكل الجلد إلى طبيعته بعد أن غيره حرق أو أحد الأمراض الجلدية كالبهاق، ولتخفيف التشويه بوشم أظافر لمن بترت أطراف أصابعه مثلا، وفي علاج بعض حالات الصلع والوحمات التي ليس لها علاج تجميلي إلا بالوشم، وجواز النقش بكتابة الاسم والعنوان على أيدي ذوي الاحتياجات الخاصة، ممن يخشى فقدانهم إن كان في ذلك ضرورة، ولم توجد غير هذه الوسيلة“.
واستطرد ”الوشم المؤقت على سطح الجلد الخارجي سواء بالحناء، أو بأقلام التحديد غير الدائمة، سهلة الإزالة؛ لكون هذا النوع من الوشم لا ديمومة فيه، وتسهل إزالته، فهو لم يأخذ من الوشم المحرم إلا الاسم فقط“.
ولفت إلى أنه ”لا بأس في تزين المرأة به، بشرط ألا تشتمل رسومه على محرم مخالف لأوامر الشرع وآدابه، وألا يؤدي لتشويه الخلقة، وألا يطلع على زينة المرأة به رجل أجنبي عنها“.
وذهب إلى أن رسم أشكال على سطح الجلد الخارجي لجسد الرجل كجلد الذراع أو الرقبة، أو نحو ذلك بما لا يعد وشما؛ لا يجوز أيضا؛ لما فيه من التشبه بالمرأة، ولكونه لا يناسب طبيعة الرجل ومروءته.