تحالف الأضداد في بلاد الأنداد
في فترة باتت كلمة الإصلاح من أكثر المصطلحات استعمالا في قاموسنا اللغوي اليومي بل صارت تأكل وتشرب على موائدنا في ثلاثية وجباتنا المنهكة ،بل وتلوّنت نكهتها بنكهات طعامنا الفاقد للطعم والرائحة،ومع زيادة هذا الاستخدام زاد منظّروها بشكل متسارع ومن كافة الأطياف وظهر سباق محموم لتشكيل اللجان الإصلاحية في محاولة للتماهي مع روح العصر الجديد ، والغريب أنّها في مجملها تجمع الأضداد من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. في بلد يرى فيه الجميع نفسه ندا لكلّ موقف،وقادرا على خلق مشروع إصلاحي وفي كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إذن كيف سيكون الإصلاح المنشود منسجما مع أفكار اليمين واليسار؟ أم تغير الواقع السياسي ولم تعد كلمة اليمين واليسار تحمل معناها؟ أم أنّ المزاوجة التي تجري حالياً بين اليسار واليمين، تعدّ شكلاً من أشكال الهدنة بين الفريقين وسنشهد بعدها صراعا بين هذه التيارات؟
إنّ المتأمل في المشهد اللجاني ليتسائل حول إمكانية نجاح هؤلاء الأضداد للخروج بمشروع إصلاحيّ توافقي ينسجم مع نديتهم وقدراتهم الخارقة في ظلّ تعدد لا أعرف ما اذا كان صحيّا أم مرضيّا؟ ولكنّي حقيقة لا أراه بعيدا عن صراع الأنداد والزعامة السياسية.
إنّ سباق الإعلان عن التجمعات الإصلاحية أصبح حقيقة واقعة، وبتنا بحاجة إلى عطلة ما بين الربيع والصيف لنستطيع دراسة أو حتى قراءة ما يخرج عن اللجان والمؤتمرات والتجمعات والتيارات الإصلاحية في الأردن.
تكمن غرابة الأمر وربما سخريته أنّ كثيرا من شخوص هذه التيارات هي ممن رسّخ التخلف السياسي في الأردن بل ودافعت عنه بكلّ قواها بل إنّ بعضهم لعب دورا هاما في القضاء على بواكير الدعوات الإصلاحية في العقود الفائتة، فكيف ستقود اليوم حالة إصلاحية شاملة؟اذا كان هذا من باب صحوة الضمير فعليها أنّ تقدم اعتذارها للشعب الأردني أوّلا على ما جنت أيديهم بحقّه.
والمحزن أيضا أنّنا لا نرى في جعبة هذه اللجان أيّة رؤية حقيقية وعصرية للإصلاح وإنّما يدور حديثها حول تعديلات دستورية(متناقضة أحيانا) ومطالبات بمكافحة الفساد مجهولة الآلية.
والسؤال الأهم فيما لو طلب من هذه اللجان سياغة دستور جديد للأردن فهل تتفق الأضداد ويتقبله الأنداد؟ واذا اتفقت هل سيكون أحسن حالا من الدستور الحالي؟
الأكيد ليس بالضرورة أنّ كلّ تحالف للأضداد يصب في نهر الإصلاح ويتقبله الأنداد.
رائـد العـزام