زاد الاردن الاخباري -
مهدي مبارك عبد الله - كارلوس غصن رجل أعمال لبناني يحمل الجنسية البرازيلية والفرنسية ولد عام195 في مدينة بورتو فاليو البرازيلية شغل منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركتي نيسان اليابانية ورينو الفرنسية ومنذ عام 2013 إلى عام 2016عمل رئيسا لمجلس إدارة شركة سيارات ميتسو بيشي موتورز ورئيس مجلس الإدارة لشركة أفتوفاز المصنعة للسيارات الروسية
استقال غصن من منصبه كرئيس تنفيذي لشركة نيسان في 1 أبريل 2017 في 19 نوفمبر 2018 تم اعتقاله في مطار هانيدا الدولي في طوكيو بسبب اتهام له حول عدم الإبلاغ عن أرباحه وإساءة استخدام أصول الشركة التي يرئسها
في 22 نوفمبر 2018 اتخذ مجلس إدارة نيسان قرارًا بالإجماع بعزل غصن كرئيس لشركة نيسان ثم تبعه قرار مماثل لمجلس إدارة شركة ميتسوبيشي موتورز اما شركة رينو والحكومة الفرنسية فقد استمرتا في دعمه في البداية معتبرين أنه بريء حتى تثبتت إدانته ومع ذلك وجدوا في النهاية أنه في موقف لا يمكن الدفاع عنه ولهذا أقيل من رئاسة وإدارة شركة رينو في 24 يناير 2019
خرج غصن من السجن بكفالة مالية ضخمة ولكنه اعيد اعتقاله مرة اخرى في في 8 أبريل 2019على اثر ذلك صوت مساهمو شركة نيسان بالإجماع على طرده من مجلس إدارة الشركة ثم اطلق سراحه بكفالة مرة أخرى وقد اجري تحقيق فرنسي معه كشفت فيه شركة رينو عن 11 مليون يورو من المصروفات المشكوك فيها قام بأنفاقها بشكل غير قانوني
استطاع كارلوس غصن الهروب من اليابان إلى لبنان مخترقًا شروط الإفراج عنه بكفالة في ليلة باردة من ليالي شهر كانون الأول عام 2019 وفي الساعة 10:30 مساء كان غصن أحد العمالقة السابقين في قطاع صناعة السيارات العالمية ممددا داخل صندوق كبير للمعدات الموسيقية على متن طائرة تجارية تمهيدا لفراره من اليابان حيث يتذكر غصن تلك اللحظات العصيبة والجريئة بانه كان من المقرر إقلاع الطائرة في الساعة 11,30 دقيقة مساءا وهو في الانتظار داخل صندوق في بطن الطائرة استعدادا لإقلاعها
ويقول في ذلك لقد ( كانت أطول مدة انتظار حدثت في حياتي ) ولكنها كانت فرحة عظيمة تلك التي شعرت بها عندما وصلت أخيرا إلى وطني لبنان بعدها تحدث لمحطة بي بي سي البريطانية بشكل مسهب عن الطرق التي كان يتنكر بها وهو يسير في شوارع طوكيو دون أن يعرفه أحد ولماذا وقع الاختيار على صندوق كبير للمعدات الموسيقية ليهرب بداخله من اليابان
في تقرير مطول لها قالت شبكة بي بي سي إن رجل من القوات الخاصة الأمريكية ( مايكل تايلور ) رتب بالكامل عملية هروب كارلوس غصن من اليابان إلى تركيا قبل أن يصل إلى لبنان ومنذ الإعلان عن هروبه إلى بيروت سرت شائعات كثيرة حول الطريقة التي هرب بها وحول من قام بتسهيل المهمة له حتى وصوله سالما إلى العاصمة اللبنانية بيروت
من المرجح ان شخصان لبنانيان قاما بدور وسطاء في عملية تكليف تايلور بتهريب غصن كما ساعدا رجل القوات الخاصة الأمريكي الذي قام بالدور الرئيسي في المهمة الخطيرة
وفي الحيثيات والتفاصيل استقل تايلور قطارا فائق السرعة من طوكيو حيث كان يحتجز غصن إلى مدينة أوساكا الواقعة على بعد 500 كم وهناك نقل غصن من شقته إلى طائرة خاصة كانت تنتظره في مطار المدينة الذي لا يخضع لإجراءات تفتيش دقيقة بعد وضعه داخل صندوق كبير كان يستخدم لنقل الآلات الموسيقية ثم وصلت الطائرة إلى تركيا حيث تم نقله إلى طائرة أخرى كانت تنتظر على المدرج نقلته بدورها إلى لبنان
شركة الطيران التركية ( أم أن جي ) هي التي أجرت الطائرتين لكن تبين فيما بعد أن مدير العمليات في الشركة ( أوكان كوسمان ) قد شارك في العملية دون أن يكون على دراية بذلك وفي التحقيقات معه اكد إن أحد معارفه من اللبنانيين اتصل به وطلب مساعدته في قضية ذات أهمية على المستوى العالمي لأن أسرته ستكون في حالة خطر وخوف شديدين وقد تم بالفعل نقل رجل من طائرة إلى أخرى في المطار دون أن يعرف من هو
مايكل تايلور ربان العملية هو عنصر سابق في القوات الخاصة الأمريكية يبلغ من العمر 59 عام خدم في عدد من بلدان الشرق الأوسط وبعد أن دفع رشوة لمسؤول في مكتب ( أف بي آي ) لإيقاف التحقيق معه في عقد أبرمته البنتاغون مع شركته لتدريب القوات الخاصة الأفغانية وبسببها سجن في الولايات المتحدة
لم يكمل تايلور دراسته والتحق بالجيش وسرعان ما أظهر براعة فائقة في التدريب والمهارات نقلته إلى القوات الخاصة الامريكية وخلال الحرب الباردة التحق بوحدة المتفجرات النووية الخاصة بعمليات التدمير والتي كان يطلب منها تنفيذ عمليات إنزال بالمظلات خلف خطوط العدو وان المهمة الأساسية للوحدة هي الإنزال الجوي وفتح المظلة في آخر لحظة وتفجير قنبلة نووية يدوية يحملها كل واحد من عناصر الوحدة في حقيبة يدوية في معسكر ( فولدا غاب ) في ألمانيا حال تعرضه للغزو السوفيتي
في 1982 وصل تايلور إلى لبنان بهدف تقديم التدريب لميليشيا القوات اللبنانية بعد الغزو الإسرائيلي واغتيال الرئيس بشير الجميل وبعد 4 سنوات من انضمامه للجيش الامريكي تركه وعاد إلى لبنان مرة اخرى للعمل كمقاول أمني يشرف على تدريب القوات المسيحية خلال تلك الفترة تعلم تايلور اللغة العربية وتزوج من اللبنانية لمياء عبود عام1985 ثم عاد تايلور إلى نيويورك وعمل مع مكتب التحقيقات الفيدرالي وأجهزة أمن أمريكية أخرى بهدف مكافحة تجارة المخدرات وتزوير العملة
كما شارك تايلور في عمليات لمكافحة الاتجار بالمخدرات في لبنان بتكليف من الحكومة الأمريكية عام 1988 وبالفعل تمكن من الوصول إلى مصانع إنتاج المخدرات في وادي البقاع اللبناني حيث كانت تنتشر حقول زراعة الحشيش تحت إشراف القوات السورية هناك وقد نجحت السلطات الأمريكية بفضل جهوده في مصادرة قارب يحمل كمية من الحشيش بلغت قيمتها 100 مليون دولار
وخلال تلك الفترة أيضا تعرف تايلور على اللبناني ( جورج أنطوان زايك ) الذي كان إلى جانب تايلور على متن الطائرة التي نقلت غصن من اليابان إلى أنقرة
في 1994 بدأ تايلور العمل بشكل خاص وأسس شركته ( الهيئة الأمنية الأمريكية الخاصة ) التي أبرمت لاحقا عقودا مع عدد من الجهات الحكومية والإعلامية لتقديم خدمات أمنية وقد تولت شركته تدريب قوات الكوماندوز وحراسة البنية التحتية في جنوب العراق وتقديم الحماية لفرق التحقيق في المقابر الجماعية وموظفي شركات النفط كما لجأ تايلور إلى توظيف العديد من المسيحيين اللبنانيين بعد أن ازدهرت أعمال شركته
وسائل إعلام عديدة قالت إن التخطيط لعملية إخراج غصن من اليابان تطلب شهورا عدة وإن الفريق المكلف سافر إلى اليابان أكثر من عشرين مرة وقام بعمليات استطلاع لأكثر من 10 مطارات يابانية إلى أن تمكن من العثور على ثغرة أمنية في مطار ( أوساكا ) يمكن استغلالها اخراج غصن من اليابان
ووفقا للخطة المرسومة خرج غصن من الشقة التي كان يحتجز فيها رهن الإقامة الجبرية في العاصمة طوكيو ثم التقى بشخصين في فندق في طوكيو واستقل الثلاثة قطارا سريعا إلى مدينة أوساكا بعد أن لبس غصن قناع وجه وقبعة صنعا خصيصا له دخل الثلاثة الى فندق قريب من المطار
وهناك تم وضع غصن في صندوق كبير يستخدم في نقل الآلات الموسيقية ومكبرات الصوت العملاقة بعد ان أحدثت بعض الثقوب في أسفل الصندوق لمساعدة غصن على التنفس ثم نقل الصندوق الكبير إلى الطائرة دون أن يخضع للتفتيش الجمركي والسلطات اليابانية قالت في حينه إن صور كاميرات المراقبة في الفندق اظهرت شخصين فقط يخرجان من الفندق مساء ومعهما صندوقان كبيران
بعدها وبكل هدوء وامان أقلعت الطائرة التي حملت عصن في جوفها وحلقت لمدة 12 ساعة متواصلة عبر الأجواء الروسية متفادية الأجواء الكورية والصينية والمنغولية والكازاخية إلى الحد الأقصى حتى وصلت إلى مطار أتاتورك في إسطنبول وبهدف تفادي إثارة الشبهات ايضا جرى بسرعة تبديل الطائرة
هناك حيث تم نقل غصن إلى طائرة أخرى تابعة للشركة التركية والتي أقلعت بعد 45 دقيقة من وصول الأولى ونقلته إلى مطار بيروت دون أن يرافقه تايلور من إسطنبول إلى لبنان وبعد مغادرته تم العثور على الصندوق الذي كان يعتقد أن غصن اختبأ فيه داخل الطائرة وبذلك انتهت واحدة من اكبر مغامرة تهريب البشر الخطيرة والجريئة من نوعها في العالم
mahdimubarak@gmail.com