كتب:رزق الشبول
خروج وزيري العدل والصحة من حكومة معروف البخيت يشكل حرجا لها وتحدي لبقائها، خصوصا بعد تورط الحكومة وبعض اعضائها "بالطبطة" على ظهور الفاسدين خصوصا بعد سفر السجين خالد شاهين أاو "تهريبه" ان صح التعبير.
بالمجمل فان الحكومة اتت وسط وعي الشارع الاردني والاهتمام بما تنجزه وتقرره الحكومة والدولة على وجه العموم،بعد ان ورثت العداء من حكومة سمير الرفاعي، وخصوصا بعد ان انشغل الرأي العام بما تفسره الحكومات المتعاقبة من مشاريع وخصخصات ويتبين بعد خروجها او اخراجها انها اخطأت في الكثير من اتخاذ قرارات ،ولا اكثر دليل من ان فساد الكازينو تبين جليا بعد خروج حكومة معروف البخيت الاولى قبل عدة سنوات وها هو الآن يحيل قضيته بنفسه الى القضاء وهيئة مكافحة الفساد .
في عام 2007 احرج الدكتور معروف البخيت بعدة ملفات والصقت الشبهات به كان ابرزها وأولها تزوير الانتخابات النيابية والبلدية والصقت الاتهامات لشخصه كونه المسؤول عنها وهو ما تم تفسيره لاحقا بعد ذلك بحل المجلس المتخب الذي اشرف على انتخابه، فأصبحت الاتهامات تطوله وثانيا قصة التسمم التي حصلت في منشية بني حسن والتي اقصفت عمر الحكومة بعد اقالة وزيري الصحة والمياه بصفتهما المسؤلان عن تلك القضية، فأربكت الحكومة بعد ذلك بالقضايا، الى ان اتتها المنية بعد ذلك باشهر قليلة وثالثا توقيعه على اتفاقية الكازينو التي كادت ان تحول البلد الى بلد اخر
او تكبده خسائرفادحة، وموافقته على الشرط الجزائي في حال الغاء الاتفاقية، ورغم شبهات عطاء الكازينو والشروط التعجيزية المشروطة بالعطاء الا انه تم التوقيع وبعدها بفترة جمد الموضوع الى ان اتى مرة اخرى رئيسا للحكومة فذهب هو وملفه للقضاء.
في العرف الاردني والمتمثل بالعقد الأخير لم يكلف جلالة الملك عبدالله الثاني اي رئيس وزراء سابق لتشكيل حكومة، الى انه كسر العرف ذلك بتكليف معروف البخيت مرة ثانية لتشكيل حكومته ومدافعته عنه وقول جلالته للاسلاميين بأنّ معروف 2007 يختلف عن معروف ،2011 في دلالة واضحةعلى انه يتمتع بسمعة طيبة وحسن الاداء عند دائرة صنع القرار.
ورغم الاداء الحسن للرئيس في ادارة ملفات الدولة فان البطئ صفة في قراراته ،وهو الدليل الشاهد على احالته ملف الكازينو الى هيئة مكافحة الفساد لكن ليس التحدي الأوحد الذي يواجهه البخيت في حكومته الحالية سوى عدة ملفات علقت به وهو كان بالغنى عنها وتجاوزها، وان كان في حكومته الاولى ثلاثة قضايا علقت به واطاحت به فان في حكومته الحالية اكثر من قضية علقت به واحبطت قراراته،ولا نعرف ماهي النتائج المترتبة على ذلك.
قضية سفر خالد شاهين أو "تهريبه" كما يشاع وضعت الحكومة في حرج الاعلام والنخب السياسية والشارع الاردني، وأصبح مطلب رئيسي للمتظاهرين، فبدلا من المطالبة بالكشف عنه ورفاقه المتهمون تعسفيا بقضية توسعة المصفاة التي احالها الرئيس السابق سمير الرفاعي كقرار كيدي وتصفية حساباته كما وصفها عائلات بعض السجناء خلال اعتصام سابق لهم، فبخروج خالد شاهين فتحت شهية الشارع الاردني بمعرفة تفاصيل سفره او تسفيره وهو ما تعهد به البخيت قبل عدة ايام في مؤتمره الصحفي، الامر الذي زال الشكوك عن شخصية الرئيس وتحويل النظرة الى وزراءه الحساسين في مناصبهم
المخولة بتسهيل سفره .
بسفر خالد شاهين فان فبركة مرسومة بأهدافها وخططها له، خصوصا بعد ان كشفت احدى الصحف بانه متواجد في احد مطاعم العاصمة البريطانية مما زاد حدة الحرج لدى الحكومة ولا سيما بعد غضب الملك لمعرفة من كان وراء سفره او تسفيره، وبعدها ليتبين في مداخلة في احدى البرامج الاذاعية لشخص يدعي بانه يمتلك تسجيلات تثبت تورط مسؤولون رفيعوا المستوى بتسهيل سفره مقابل رشوة خمسة ملايين دينار، فهل ذلك صحيح؟
وهل تم التحقيق مع ذلك الشخص؟ لبيان ادعائه حتى نكون جادون في محاربة الفاسدين.
حتى لا يحرج اكثر من ذلك الرئيس وحتى لا تتشوه صورته السياسية لدى النخب فان ثمة حلول كانت بين يديه ومن ضمنها اقالة تلك الوزيرين حتى تلصق التهم بهم على انهم سمحوا له بالسفر، فحتى لو كانوا هم متورطون هل الاستقالة لهم جزاء دون محاكمتهم ؟
من يخطىء بان اقالة الوزيرين عقاب لهم، اذا كانوا فعلا متورطون بسفر خالد شاهين فالأولى التحري من الحقائق الرامية لمعرفة من هم الذين سهلوا سفره واثبات تلك الاشخاص وبعد ذلك اقالتهم وتقديمهم للمحاكمة او مسائلتهم امام مجلس النواب كونه المخول بملاحقة الوزراء، وان جاز غير ذلك فالافضل محاكمتهم بما يريده الشعب الاردني لانه هو من يطالب بمكافحة الفساد.
ولطالما ان القاعدة القانونية التي تنص على "المتهم بريء حتى تثبت ادانته" فلا يجوز لنا ان نفسر اقالتهم بتلك القضية ،فتلك الوزيرين قد يكونا غير متفقان مع القناعات لسياسة رئيس الوزراء، فوزير العدل هو أول من خرج للمطالبة باطلاق السجين الدقامسة، وهوما اثار غضب اسرائيل، فقد تكون اقالته لتلك السبب، ووزير الصحة قد تكون استقالته بمحض عن نفسه لانه لم يعالج اشكالات الاطباء بعد اضرابهم وتوقفهم عن العمل، فلا أحد يعرف ما هو المغزى الحقيقي من استقالاتهم، لكن اعين الصحافة تشير الى أنّ هروب خالد شاهين قد يكون سببا رئيسيا لاقالة الحكومة
بأكملها.
حتى لا نكثر في الحديث عن مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين فان محاسبة كل من كان وراء تسفير خالد شاهين هو اكبر دليل على ان الرئيس جاد في محاربة الفساد وحتى لا تلتصق الصورة الكارثية بفساد الرئيس عليه الاستمرار بالكشف عن عدة قضايا فساد أبرزها "موارد"و "الكازينو"و "مصفاة البترول"و "الباص السريع" وغيرذلك من القضايا.
rezegrak@yahoo.com