زاد الاردن الاخباري -
من القواعد الفقهية الثابتة في علوم المال والإقتصاد أن "خزينة الدولة جيوب رعاياها"، وأن الأولى ما إن عجزت ومرت بضائقة مالية فلن تجد أمامها البديل سوى جيوب رعاياها لتأمين موارد مالية؛ على اعتبار أن "المواطن" هو ملجأ الحكومات عند الأزمات يرفد خزينتها بالإيرادات.
ولكن لم يدر بخلد الحكومة أن تلك الجيوب، منقذها عند الأزمات، باتت مهترئة ممزقة غير قادرة على تأمين قوت يومها، لتثقل كاهلها بأعباء مالية جديدة لا تقوَ على حملها حتى تسد به عجز ميزانيتها تحت مسميات حزمة ضرائب جديدة تفرضها على رعاياها أو رفع نسبتها في بعض القطاعات أوإلغاء إعفاءات سابقة عنهم.
الحكومة بصدد اتخاذ قرارات ضريبية جديدة ...
في هذه الأيام تحديدا شاع الحديث عن توجه الحكومة لإتخاذ قرارات ضريبية جديدة، تشمل إلغاء دعم الغاز والضريبة على البنزين والسيارات الهجينة.
حكومتنا الموقرة وفي محاولة منها لتخفيض العجز الذي تعانيه موازنة الدولة لعام 2010، قد تتجه لرفع الدعم عن اسطوانة الغاز لبيعها وفق الأسعار العالمية, وإلغاء قرار إعفاء السيارات الهجينة من الرسوم الجمركية.
كما يجري الحديث في الأوساط الحكومية عن عدد آخر من الخيارات لتخفيض العجز, من بينها زيادة الضريبة على مادة البنزين, وفق توجهات أسعار النفط العالمية, والغاء الإعفاء الضريبي لبعض المواد الأساسية, فضلا عن دراسة امكانية زيادة العائد من ربط الاتصالات الدولية, وفرض بدل خدمة على الشاحنات مقابل عمليات التتبع الالكتروني.
ومن ابرز المبررات, التي تسوقها الحكومة لتسويغ الإجراءات المنوي اتخاذها في وقت قريب, انه حال عدم اتخاذ مثل هذه الإجراءات الملحة والمطلوبة في جانب النفقات والإيرادات فان العجز المالي والدين العام سيتخطيان الحدود الآمنة بشكل كبير, ما قد يهدد الاستقرار المالي في المملكة.
وبدأ الحديث حول هذه القرارات بعد إعادة قراءة موازنة الدولة لعام ,2010 التي اجرتها الحكومة اخيرا, وكشفت ان العجز الحقيقي في الموازنة بلغ 1.105 مليار دينار, وليس 685 مليون دينار, وفق ما جاء في الموازنة التي ورثتها عن الحكومة السابقة.
وتتوقع الحكومة ان تسهم خطواتها بتوفير مبالغ مالية تخفض عجز الموازنة, الذي سجل مستويات هي الأعلى على الإطلاق.
220 مليون دينار إيرادات ضرائب متوقع فرضها قريبا ...
قدرت مصادر حكومية ان تبلغ قيمة إيرادات حزمة القرارات الضريبية, التي تنوي الحكومة اتخاذها في وقت قريب, نحو 220 مليون دينار.
وقالت المصادر, في تصريحات ل¯ "العرب اليوم", ان "القرارات والاجراءات, التي تنوي الحكومة اتخاذها قريبا, ستضيف الى خزينة الدولة نحو 220 مليون دينار", مشيرة الى نية الحكومة إخضاع بعض السلع للضرائب ورفع الدعم عن سلع اخرى.
وبينت المصادر أن "رفع الدعم عن اسطوانة الغاز, وبيعها وفق الأسعار العالمية, سيوفر على خزينة الدولة اكثر من 20 مليون دينار, وستبلغ الإيرادات جراء زيادة الضريبة الخاصة على مادة البنزين زهاء 50 مليون دينار, اما حصيلة إلغاء إعفاء بعض المواد الأساسية فستبلغ 70 مليون دينار".
واوضحت المصادر ان "رفع الضريبة الخاصة على المكالمات الخلوية سيضيف الى موازنة الدولة 20 مليون دينار, بينما تبلغ الحصيلة المتوقعة جراء إلغاء الإعفاءات المتخذة من قبل مجلس الوزراء غير المحددة بمبلغ او مدة حوالي 15 مليون دينار, وأكثر من 40 مليون دينار حصيلة رفع الضريبة على السجائر والمشروبات الكحولية, إضافة الى مبالغ اخرى ستحصل بعد إلغاء قرار إعفاء السيارات الهجينة من الرسوم الجمركية, وفرض بدل خدمة على الشاحنات مقابل عمليات التتبع الالكتروني وزيادة العوائد من ربط الاتصالات الدولية".
وبحسب المصادر, ستتخذ الحكومة إجراءات لتخفيف حدة عجز الموازنة على وضع الدين العام والوضع المالي والنقدي في المملكة, وذلك بعد ارتفاع الدين الى نسب باتت مقلقة, فقد تجاوز 60.8% من الناتج المحلي الإجمالي.
إعفاءات حكومية بالجملة لسلع مستوردة ...
من أبرز المفارقات الحكومية التي تعاني ميزانيتها عجزا تجاوز المليار دينار، بأن المواطن هو من يجب أن يتحمل ذلك العجز في حين تحظى سلع مستوردة بإعفاءات كفيلة برفد خزينة الدولة بالسيولة اللازمة إذا ما تم استيفائها.
وكان الامين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي الدكتور اسحق الفرحان قد استهجن إعفاء الحكومة لما يزيد على 2500 سلعة صهيونية من الرسوم والضرائب ابتداءً من العام الحالي.
واستغرب قيام الحكومة بفرض العديد من الضرائب على المواطنين الاردنيين والغاء اعفاءات سابقة عنهم، منوهاً الى ان من شأن هذه الاجراءات الدفع باتجاه موجة جديدة من انفلات الاسعار بما يثقل كاهل المواطنين.
ولكن ليس من حق المواطن الإعتراض.. أليست خزينة الدولة جيوب رعاياها ؟!