زاد الاردن الاخباري -
رفضت صفية عبدالله البهلاني 24 عاما الاستسلام لإعاقتها لتتغلب عليها بالإبداع والانجاز .
تقول صفية التي تقبلت إرادة الله التي قضت بولادتها بقدم واحدة ، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) " عزمت على أن لا اجعل من الأطراف التي افتقدها أن تقف عائقا أمام تحقيق طموحاتي وعملت ما بوسعي لممارسة الهوايات التي تحتاج إلى الأطراف الناقصة لدي ".
تبهرك المواهب المتعددة للبهلاني من سلطنة عمان الشقيقة التي اختارت الأردن لمتابعة دراستها في مجال صناعة الرسوم المتحركة ، فهي فنانة تشكيلية وتعزف على آلة البيانو وتنظم الشعر وتتقن استخدام الكمبيوتر , لكن أكثر ما يشدك هو ممارستها لهوايتها في السباحة .
رفضت صفية التي تدرس في الكلية الاسترالية للفنون الإعلامية في عمّان إلا أن تختار تخصصا يعتمد على حركة اليدين لتحقيق إبداعاتها في مجال الرسوم المتحركة في تحد لإعاقتها إذ تستخدم لوحة مفاتيح الكمبيوتر الذي يعتمد على أصابع اليدين في فن الرسم الكرتوني على الكمبيوتر ذي الأبعاد الثلاثية .
وتحدث رئيس قسم الرسوم المتحركة في الكلية مهند الدسوقي عن الصعوبة التي تواجه صفية في دراستها التي تعتمد على الكمبيوتر وتجاوزها للاعاقة بتعاملها بحرفية واتقان مع الدروس .
تحتضن صفية القلم والريشة التي تتحدى بهما إعاقتها لترسم أجمل اللوحات وبأدق التفاصيل ، متجاوزة عقدة لازمتها لفترة طويلة وشكلت نقطة ضعف لديها وهي عدم تمكنها من رسم اليدين " لقد امضيت فترة طويلة وأنا ارسم الأشخاص بلا أيدي ، كيف لي ان ارسم ما لا املكه " .
ويشير نائب رئيس رابطة الفنانين التشكيلين الاردنيين إحسان بندك مدرس الرسم لصفية الى ان إبداعاتها باستخدام قلم الرصاص والفحم تتصف" بالذكاء الحاد والمثابرة والصبر وهو ما قادها إلى الإبداع والاحتراف " .
ويقول "أن أكثر ما يميزها رفضها للأمور السهلة واختيارها لكل ما هو صعب ومعقد في التنفيذ "، فهي تتقن مهارة رسم اللوحات بادخال القماش والخشب عليها" .
تجاوزت إبداعاتها مجالات دراستها لتأخذك بحركات انسيابية شفافة إلى إتقان العزف على آلة البيانو التي تحتاج الى أصابع اليدين ، معتمدة على انحناء كتفيها لتصل الكتلتان اللحميتان المتدليتان من يديها لتطال لوحة المفاتيح وتعزف أجمل الألحان من خلال الانتقال السريع من زر لآخر.
تهوى صفية رياضة السباحة التي تحتاج إلى قدرات ذهنية وبنية جسدية قوية , فهي تعتمد في ممارستها على كتفيها وقدمها الوحيدة وقوة عضلات بطنها ،" انني احرص على خلع قدمي الاصطناعية خوفا عليها من الصدأ " حسب قولها , وتكمل "رغم انني تأهلت في مسابقات نهائية في هذه الرياضة إلا أن لجانا رفضت مشاركتي ".
عندما ينتابها شعور بالحزن أو الغضب تختلي مع نفسها وتلجأ إلى الشعر ليكون أنيسا لها وتعبر عن معاناتها لمن ينظرون إليها بعين الخوف والاستهجان والشفقة اذ تقول في احدى قصائدها : " أرجوكم تفهّموا حالتي .
امنحوني دقائق من وقتكم .
قبل أن تنظروا إلي نظرة واحدة .
وتصفوني .
بالمعاق".
أكثر ما آلمها في طفولتها عدم تمكنها من قيادة الدراجة الهوائية ، ما دفع والدتها صباح البهلاني التي تعمل في مجال التثقيف الصحي إلى تركيب أطراف اصطناعية لها ،"اكتشفت انني أقود الدراجة بكفاءة اكبر دون الأطراف الصناعية فقررت خلعهما والاعتماد على ما منحني إياه الخالق جلت قدرته " .
واكثر المواقف التي تحزنها وتضحكها في ذات الوقت "الحيرة التي تبدو على وجه ال( جرسون) في المطعم عندما يقدم لائحة الطعام لها ويضع الشوكة والسكين أمامها وهي التي تجيد الأكل بهما " .
ترجع صفية إبداعاتها إلى والدتها التي تدعو كل أم لديها طفل معاق الى البحث عن قدراته الذهنية وتطويرها وتقول للأسر التي لديها أبناء معاقون "عليكم أن لا تخجلوا من عيون وأسئلة الآخرين ، افرضوا وجود أبنائكم حتى يتقبلهم المجتمع كما هم كي لا يظلوا بمعزل عن الآخرين ".
وترافق الام ابنتها في دروسها وتدريباتها على الرسم والموسيقى , وتتذكر كلمات البعض ممن ينتقدها وهي تصحبها أثناء التسوق "اذ أنني دائما اطلب من ابنتي التحلي بالثقة وامنحها الدافعية للعمل والمثابرة لتحقيق ما تريد " مبينة ان لا تفسير علميا لاعاقتها بحسب التقارير الطبية ".
تعود الام بذاكرتها الى مرحلة الطفولة عندما كانت تصر صفية على ارتداء ملابسها بنفسها والتي يتم اختيارها بلا أزرار التي تأخذ منها وقتا يتجاوز الساعة ، الى أن وصل مع التجربة الى دقائق محدودة فقط .
تحرص صفية على تنظيف غرفتها واعداد ال( سندويشات) بنفسها وتقول ، " ترتب والدتي الاطعمة في الرف السفلي للثلاجة ، وتخصص خزائن المطبخ السفلية للادوات التي احتاجها " , وتتمنى امتلاك (جاليري) لفنون الرسم لعرض رسومات اصحاب المواهب بغض النظر عن حاجاتهم الجسمانية الى جانب القاء الشعر للمواهب من ذوي الاحتياجات الخاصة .
صفية واحدة من مئات الآلاف من ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم التي تستحق التقدير والاحترام لعدم الاستسلام لاعاقتها داعية الى تغيير الفكرة تجاه المعاق.
بترا