في الدروس الاولى من محاضرات الاعلام للطلبة يتردد مصطلح واحد وبشكل متكرر ، ويستند هذا المصطلح على اساس تاريخي خرج من رحم الدراسات التي تناولت العلاقة ما بين الاعلام والسياسة ، وكي لاأطيل هذا المصطلح هو ( حراس البوابة ) ، وبكل بساطة يشرح هذا المصطلح كالتالي : إن اي معلومة تصل أو تنقل بأي وسيلة اعلامية لابد وان تمر بمراحل عدة من الفلترة والتنقيح ، وهذه المرحلة يؤثر بها العديد من الامور أولها المصلحة الذاتية للشخص الناقل ومن ثم المصلحة العامة للجهة التي يمثلها ، ومن ثم قناعات المجموعة التي تعنيها هذه المعلومة مستنده بذلك على حجم الضرر الذي قد يصيبها نتيجة مرور هذه المعلومة للجمهور ، وتتشابك المصالح الذاتية والجمعية في قناة تنقل هذه المعلومات وتكون النتيجة معلومة مشوهة وناقصة ولاتمثل من واقع الحدث أو الموقف إلا نسبة بسيطة جدا .
وبعد هذه المقدمة نسأل سؤالنا ، كيف تسمع الحكومة صوت الشارع ؟ ، وكم هي عدد مراحل الفلترة التي يمر بها الحدث أو الموقف قبل أن يصل للحكومة ؟ ، وما هي المصالح والقناعات التي تؤثر على نقل الموقف أو الحدث لصاحب القرار في الحكومة ؟ .
وكي تقرن هذه الكتابة بروح التجربة العملية سنأخذ حالة معينة ونتناولها بالبحث ، وهي اذا رغب رئيس الوزراء في زيارة منطقة ما من مناطق اراضي الوطن الاردني الكبير ، يحدث التالي :
اولا : يتم تبليغ الجهة ذات الصلاحية التنفيذية في المنطقة عن رغبة دولة الرئيس في الزيارة ، وتقوم هذه الجهة بعمل ما يلزم من النواحي التنظيمية والامنية للزيارة ، وتضع مخطط لساعات الزيارة القصيرة جدا .
ثانيا : تعمم هذه الاجراءات على الجهات ذات العلاقة والمعنية بالزيارة من خلال كتاب رسمي ، ويشار بذيل الكتاب أنه خاص وسري ، لأن الزيارة الى الان مجرد فكرة دارت في رأس دولة الرئيس .
ثالثا : يطلب من الاشخاص المقربين جدا من الجهات المنفذة لواجبات الاستقبال أن تعد العدة الضرورية لمثل هذه الزيارة ، من جوانبها سواء الامنية أو الاحتفالية ، ويأخذ في الحسبان جميع النقاط المتعلقة بالوصول الى اقصى درجات الرضي التي ستتحقق للضيف .
رابعا : يتم الاعلان الرسمي عن أن الزيارة ستتم وفي موعد محدد ، وهنا تبدء الاجراءات الخاصة بحسن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين جميع الاطراف المنفذة للإستقبال الضيف ، ويحدث أن تطرء بعض الحالات الطارىء التي يؤخذ أمرها بالحسبان ، ويكون لها اشخاصها المختصين في مثل هذه الحالات .
خامسا : وهنا يتم التأكيد على المحضور والمسموح به اثناء وجود الضيف ، وهذه نقطة تمثل هما رئيسا للجهة المنفذة ، لأنها تمثل زبدة الزيارة ونتائجها .
سادسا : يحضر الضيف وتتم الامور على أحسن ما يرام وكما هو مخطط لها، ويأتي المعدين للضيافة بمجموعة من الاطفال ( وهم من أقرب الناس لهم ) يلبسون اجمل الملابس ويقدمون للضيف باقة من الزهور مع ابتسامة طفولية سعيدة ، يأخذها الضيف كمؤشر على أن كل اطفال هذه المنطقة يتسمون بنفس السمات والحظوظ من السعادة والنظافة .
وبعد هذه الخطوات نأتي لزبدة الموضوع وهو هل سمعت الحكومة صوت المواطن ؟ ،والاجابة على سؤالنا هذه هي واحدة ،وحسب الخطوات المفترضة سابقا نجد أن حراس البوابة المسيطرين على وصول صوت المواطن للحكومة يفوق عدد حراس البوابة في اية وسيلة اعلامية عرفها الانسان ، وخاتمة الحديث بعد الزيارة تأخذ ثلاثة اوجه ، الاول الضيف وبجملة واحدة ( الله يعطيكم العافية يا شباب ) والثاني من طرف المنظمون وتكون بجملة واحدة ( هنا حفرنا وهنا ندفن ) ، والثالث من طرف الشارع هو جملة واحدة (ما في حدى بسمع صوتنا ) !!