زاد الاردن الاخباري -
روى ثلاثة من الاسرى الاربعة الذين اعادت اسرائيل اعتقالهم بعد فرارهم من سجن جلبوع تفاصيل مذهلة حول عملية الهروب التي اقضت مضاجع الاحتلال ودفعت قضية الاف الاسرى القابعين في زنازينه الى الواجهة من جديد بعدما كاد العالم ينساهم.
ونجح 6 اسرى، جميعهم من سكان محافظة جنين شمالي الضفة الغربية، في الفرار من سجن جلبوع شديد الحراسة، فجر الإثنين 6 أيلول/ سبتمبر.
والجمعة ألقت قوات من الشرطة الإسرائيلية القبض على اثنين من الأسرى الستة الفارين من جلبوع في أطراف مدينة الناصرة، هما محمود عبد الله عارضة (46 عاما) من جنين ويعقوب محمود قادري (49 عاما) من بير الباشا.
وفجر السبت اعتقلت اسرائيل اثنين آخرين من الاسرى الفلسطينيين الفارين هما زكريا الزبيدي ومحمد عارضة، فيما يتواصل البحث عن اسيرين لا يزالان قيد المطاردة وهما ايهم فؤاد نايف كمامجي (35 عاما) ومناضل يعقوب عبد الجبار نفيعات (32 عاما).
ونجح محامو الاسرى الثلاثاء، في كسر أمر المخابرات بمنعهم من زيارة الأسرى الاربعة، حيث تمكنوا من الالتقاء بهم ونقل روايات ثلاثة منهم لحادثة الهروب واعادة الاعتقال والاوضاع التي يعيشونها حاليا في ظل التحقيق والتعذيب الوحشيين.
سأعاود الكرة
نقلت المحامية حنان الخطيب عن الأسير يعقوب قادري، قوله إنه يعرف "وجوه وأسماء الوشاة الذين أبلغوا الشرطة ولم نطلب منهم الماء سوى للتمويه.. تحية إلى أهل الناصرة".
وقال قادري بحسب الخطيب: "أجمل 5 أيام في حياتي. رؤية فلسطين لن أنساها بالمرة هو حلم وتحقق"، مضيفا: "أكلت التين والبوملي والبرتقال الأخضر. رأيت أطفالا بجانب أهاليهم لأول مرة منذ 22 عاما.. قبلتهم واحتضنتهم".
وكشف أن "حفر النفق بدأ في 14 ديسمبر 2020 وكان من المفترض أن يتم تنفيذ خطة الهروب من سجن جلبوع في توقيت آخر لكن أحد السجانين لاحظ وجود رمل وطين فقررنا التنفيذ في نفس الليلة"، مؤكدا أنه يعرف "وجوه وأسماء الوشاة الذين أبلغوا الشرطة ولم نطلب منهم الماء سوى للتمويه".
وقالت الخطيب إن "يعقوب يحتجز في زنزانة بمساحة متر بمترين وتفتقد لكل مقومات الحياة، ولا يوجد فيها شيء سوى بطانية، وتم تركيز المحققين على التعذيب النفسي"، مشددة على أن "معنوياته عالية غير مهتم إعادة الاعتقال ولا ظروف العزل فهو معتاد عليها ويقول طالما بقيت على قيد الحياة سأبحث عن حريتي مرات ومرات".
صاحب فكرة الفرار من جلبوع
أكد الأسير محمود عارضة المحكوم بالسجن مدى الحياة، في إفادته للمحامي رسلان محاجنة، خلال اللقاء الذي جمعهما فجر الأربعاء، في معتقل الجلمة، أنه صاحب الفكرة والمخطط والمنفذ لعملية الهروب من جلبوع .
وقال محاجنة لموقع "عرب 48" إن "المخابرات تعتبر الأسير محمود عارضة المنفذ والمخطط لعملية الهروب، وهو بدوره لم ينكر أنها فكرته، ويتحمل المسؤولية كاملة".
امتلك الأسير محمود عارضة، خطة هندسية دقيقة لعملية الهروب، وكان مطلعا على جميع الارتفاعات والأبعاد والمسافات للنفق الذي قرر حفره تحت أساسات أكثر السجون الإسرائيلية تحصينا. خطط الأسير لنقطة بداية النفق ونهايته ونقطة الخروج إلى الحرية، كما روى المحامي محاجنة لـ"عرب 48".
وقال محاجنة "قد يعتقد الكثيرون أن العملية كانت عشوائية وهذا خطأ. كان لدى الأسير محمود عارضة خطة مدروسة ومرسومة منذ الخطوة الأولى لعملية الحفر، كان يملك الأبعاد التي سيحفرها، والارتفاعات، والمساحة والمسافة، أين نقاط التماس وأين نقاط الضعف، وأين ستكون نقطة الدخول وأين ستكون نقطة الخروج تحديدا، كانت الصورة لديه واضحة والخطة في غاية الدقة".
انطلقت عملية حفر النفق في بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر من العام 2020، واستمرت حتى قبل تحرر الأسرى من النفق بيوم واحد، أي أن عملية الحفر استمرت نحو 9 شهور، كما أوضح الأسير محمود عارضة.
ونقل المحامي محاجنة تفاصيل خطة الهروب كما رواها الأسير محمود قائلا: "قمت بالتحضير للخطة وشرعت بحفر النفق في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي وأُنجزت المهمة مطلع أيلول/ سبتمبر الجاري".
وعن الأدوات التي استخدمها الأسرى في عمليات الحفر، قال محاجنة: "الكثير من الأدوات استعملت في عملية الحفر، بعيدا عن الأدوات الحادة التي لا يمكن إدخالها إلى السجن".
وأوضح محاجنة أن الأسرى استخدموا "أدوات من الخشب تم شحذها بصورة جيدة كي تتلاءم مع ظروف الحفر، بالإضافة إلى صحون وملاعق ومقالٍ، وأي أدوات صلبة كانت بحوزتهم".
وأوضح أن الأسرى "قاموا بنثر الرمال في نظام الصرف الصحي وفي حاويات القمامة".
وأضاف محاجنة على لسان عارضة "تقرر الهروب مع الأسرى الخمسة الذين لم يعرفوا تفاصيل الخطة، حيث انضم إلينا زكريا الزبيدي في اليوم الأخير لنذهب جميعا إلى جنين".
ذات الانطباع خرج منه المحامي خالد محاجنة الذي التقى الأسير محمد عارضة المحكوم مدى الحياة؛ إذ بدا الأسير منهكا ومتعبا من جراء التعذيب والتنكيل الجسدي وإخضاعه للتحقيق يوميا لمدة 18 ساعة متواصلة، من قبل طاقم من المحققين يصل عددهم إلى 8 أو 10 في كثير من الأحيان.
وأوضح خالد محاجنة أن الأسير محمد عارضة يحرم من تلقي العلاج رغم الجروح والإصابات التي تعرض لها بسبب الاعتداء عليه من قبل عناصر الوحدات الخاصة حين تم اعتقاله مع الأسير زكريا الزبيدي قرب قرية الشبلي في مرج ابن عامر.
وأوضح محاجنة أن محمد عارضة "جُرِّد من ملابسه لساعات طويلة، ونُقل عاريا إلى معتقل المخابرات في الجلمة، وحرم من النوم ليومين على الأقل، بعد تعرضه لتحقيقات مكثّفة من أجل كسر عزيمته"، ولفت إلى أن "المحققين يحاولون مساومته بتهم أمنيّة، في محاولة لتوريطه، هذا عدا عن الإهانات والتهديدات بالقتل التي يتعرض لها حتى الآن من قبل المحققين".
ونقل المحامي خالد محاجنة لـ"عرب 48" شهادة الأسير محمد عارضة الذي انتزع حريته لخمسة أيام بعد 22 عاما في غياهب السجون الإسرائيلية، مشيرا إلى أن التنقل في ربوع وسهول وجبال فلسطين بعثت لديه الحياة من جديد.
كانت فرحة الأسير محمد عارضة لا توصف رغم أنه مطارد حين كان يتجول في الجبال والسهول وأكل من تين وصبار الوطن لأول مرة منذ 22 عاما. وقال محاجنة إن "الأسير محمد حلم أنه يأكل الصبر وهو داخل السجن، وهذا الحلم تحقق حين قطف بعض حبات الصبر وأكلها من سهول مرج بن عامر".