للأسف الشديد جاءت توصيات الإصلاحات بصيغة إقرار مسبق بأن التداعيات والانعكاسات قد فاقت قدرة المصلحين على الإصلاح ، فضلاً عن بعض التجاوزات الدستورية التي من شأنها أن تنسف كل توصيات لجنة الإصلاح ومن ضمنها على سبيل المثال لا الحصر التوصية : " بالفصل ما بين النيابة والوزارة " ، ما هذا ؟! نحن نظام برلماني ياسادة ، ومن أولى أبجديات تشكيل لجنة الإصلاح الوصول إلى " حكومات برلمانية " وأنتم ترفعون توصية " بفصل النيابة عن الوزارة " وهناأتساءل تساؤل الباحث عن إجابة : الملك يعمل ، ولكن من يعمل مع الملك ؟!! وقد يقال للإجابة انتم لا تعرفون ماذا يريد الملك ؟!! وللإجابة نقول : نحن ونحن فقط من يعرف جيدا ماذا يريد الملك ، لأننا نتواصل مع الملك فكريا ، تواصل لا ولن يعيه من لا يقرأ كل حرف قاله الملك سواء في الأوراق النقاشية وبخاصة الخمسة الأولى ، أو التوصيات للحكومات المتعاقبة التي للأسف خذلتنا جميعا ، لا بل ويتابع كل توجه للملك إقليميا وعالميا ، ما يعني أن جميع
الذرائع لا بد أن تتساقط تباعاً ، للوصول إلى إصلاح حقيقي وشامل ، وليس التمهيد المبدئي لسلسلة من التراجعات غير المبررة في وقت أخطر ما يكون على الأردن ( أرضا وشعبا ونظاما ) ، أقول ذلك لغياب عامل التوقيت عن لجنة الإصلاح ، وأقصد عامل التوقيت في المنطقة التي تتخلى عنها أمريكا الحليف الأقوى لنا في الأردن ، في وقت لا أجد فيه ربط بين ما يحدث في عموم الجوار ، ومخرجات اللجنة ، والواقع المحلي والإقليمي والذي يقتضي أردنا نموذجا في الديمقراطية التي تتطلع لها شعوب المنطقة حين يتحقق الأنموذج الأردني الديمقراطي على يد حفيد " ملك العرب " ...!!
صدقوني انا حزين وحزين جدا ، وجل جهدكم الإصلاحي جاء لتغريم القائمة الإنتخابية كاملة ، بسبب تجاوز شخص في القائمة سقوف المصروفات الموصى بها من قبل اللجنة ؟! ما هذا ؟!! وأين إستقلال الذمة المالية ؟!! لا بل أين الحد الأدنى للتوجيهات الملكية السامية في الإصلاح ؟! وأين الخطوط العريضة لطموحات الشعب القابض على جمر الفقر والجوع والبطالة و تغول المؤسسات التي من المفترض انها معه لا عليه مثل مؤسسة ( الضمان الاجتماعي ) ، والتي تقتطع من المتقاعدين تقاعد مبكر 18% من رواتبهم دون وجه حق ، فضلا عن انها تتهرب من احتساب " الحوافز المالية " لهم مع ان المحكمة الإدارية مشكورة فصلت في هذا الأمر لصالح المتقاعدين ضمان مبكر ، والحق لا نجد مبرر في الإصرار على منع الحقوق عن هذه الفئة التي خدمت الأردن بإخلاص إلا أن المؤسسة للأسف لا تزال تجتر أسباب أخرى تهدد " الأمن المجتمعي " وهذه واحده يا ساده من بين العديد مما يقتضي الإصلاح الفوري والعاجل ، لتشكيل مسمار أمان مرحلي في ( المرحلة الأخطر ) منذ عهد الإمارة إلى اليوم ...!!
ارجوكم نريد إستعادة الثقة المؤسسية بالمؤسسات الحكومية وفي مقدمتها ( الضمان الاجتماعي والصحة والتعليم ) وغيرها ، إضافة إلى مجلس النواب والأحزاب ، لا بل وإعادة الثقة بين الدولة وبين المجتمع ، في ظل جوع وبطالة تصل إلى ارقام مرعبة ، فضلا عن قوانين لا ترحم على غرار قانون التنفيذ المخالف للمعاهدات الدولية الموقع عليها من قبل الحكومة الأردنية من عام 1996م ، ونذكر هنا بالمادة 11 من العهد الدولي التي تمنع حبس المدين العاجز عن الوفاء ...!!
والسؤال المتوالد عما سبق هل توصياتكم تقود إلى عملية التحول الديمقراطي ؟!! كيف في ظل غياب الديمقراطية التي تعتبر الوسيلة الوحيدة للإصلاح السياسي ؟!! أعود وأقول : الملك والشعب ضمن إرادة واحدة تريد بين هلالين ( تحديث المنظومة السياسية ) وفق برامج عمل إصلاحية واضحة في الأهداف ومحددة ضمن جدول زمني يجسد بالأرقام لا بالأوهام ، يضمن رفع مستوى معيسة المواطنين ، لنفسح المجال لما نسميه ( الإدارة العقلانية للدولة ) التي تضمن لنا إستمرارية النظام في ظل ما يعصف في عموم المنطقة ، وهنا حين نطرح موضوع إستمرارية النظام لا نهز ذنب ، وإنما نطرح القاسم المشترك لنا في الأردن تحديدا ، على أساس أولوية أوضاعنا ، والتي تقتضي تعبأت القدرات ، وشحذ الإرادة ، والتصميم والمثابرة ، ولكن فوق أرضية تبدأ بمعالجة الخلل الواضح والفاضح في رواتب المتقاعدين الضمان الاجتماعي المبكر ، وبعض الإجراءات السلوكيات الصحية والتي أشار لها جلالة الملك ، وكذلك قانون التنفيذ ، ورفع يد أمانة العاصمة عن أصحاب البسطات وتطبيق ما يقوم عليه الاقتصاد العالمي والذي يختزل في كلمتين ( دعه يعمل ) وأخيرا وليس بأخر أقول : إذا كان الإصلاح يحتاج إلى إصلاح : ( فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ...!! خادم الإنسانية