زاد الاردن الاخباري -
ترك المستثمر زيد الجمعاني عمله في مدينة تبوك السعودية، وعاد لأرضه محملا بآمال كبيرة لإقامة #مشاريع #زراعية تنقذ أراضي منطقته من التصحر، وتفتح فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل، وتسهم في تنمية بلدته الريفية.
بدأ الجمعاني العمل في مشاريع زراعية متنوعة بمنطقة #الوالة (جنوبي الأردن) على مساحة 1200 دونم (12 ألف متر مربع)، وبرأس مال زاد على 250 ألف دينار (352 ألف دولار)، وشكّل جمعية تعاونية للمزارعين بالمنطقة لاستثمار #مياه #سد #الوالة للزراعة.
زراعات حديثة
يقول الجمعاني “أنشأنا مشاريع زراعات مائية بأحدث طرق، وزراعات حقلية ومزارع سمكية، وتمكنا من جرّ مياه السد لمسافة 7 كيلومترات، وفتحنا فرص عمل لأكثر من 700 عامل وعاملة من أبناء المنطقة على مدى عامين، وبدأنا تدريب 400 مهندس زراعي من أبناء المحافظة على أنماط زراعية حديثة”.
ويضيف أنه منذ شهرين بدأت مياه سد الوالة تنقص بكميات كبيرة، وتواصلنا مع المسؤولين، وكانت ردودهم بأن كميات المياه الموجودة بالسد تكفي لنهاية الموسم الزراعي في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، لكن مع نهاية أغسطس/آب الماضي بدأت معاناة المزارعين مع انخفاض كميات المياه وجفاف السد.
وخلال أشهر الصيف الحارة انخفضت مستويات المياه في عدد من السدود الأردنية وسط وجنوب المملكة، خاصة سدود منطقتي الوالة والموجب، نتيجة تراجع الهطول المطري والتغير المناخي وارتفاع نسب التبخر؛ مما أدى إلى جفاف آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية المروية من تلك السدود، ونفوق الأسماك، مما ينذر بكارثة بيئية، وتحويل أطراف وبقايا مياه السدود لمكرهة صحية، وفق مختصين.
“ليتنا لم نزرع”
وفي جولة بمجرى السد، تجمع المزارعون يشكون مأساتهم؛ فالمزارع الخمسيني إبراهيم الوراد يستثمر في 3 آلاف دونم (30 ألف متر مربع)، ويعمل معه أكثر من ألفي مزارع وعامل، ويتمنى لو أنه لم يزرع هذا الموسم؛ فالجفاف تزامن مع وقت الحصاد، مما ألحق بهم خسائر بآلاف الدنانير.
ويقول الوراد “مشكلة جفاف مياه السد بدأت منذ رمضان الماضي، ومنتصف الشهر الحالي توقفت نهائيا، والسبب في ذلك تفريغ السد من خلال ضخ 30 ألف متر من المياه يوميا، إضافة إلى تفريغ 4.2 ملايين متر مكعب من السد خلال الموسم المطري مخافة انهياره، كل ذلك أدى إلى جفاف السد، وجفاف المزروعات على طول الوادي”.
ويقع سد الوالة في محافظة مأدبا (جنوب غربي الأردن)، ويبعد 70 كيلومترا عن العاصمة عمان، ويتسع لنحو 10 ملايين متر مكعب من مياه الأمطار قبل التعلية، ليصل بعدها إلى 25 مليون متر مكعب، وهو من النوع الخرساني في الوسط والترابي من الجانبين، ويستعمل لري المزروعات وتغذية المياه الجوفية، وتم إنشاؤه عام 2003 بكلفة 23 مليون دينار (32 مليون دولار).
انهيار السد
السبب المباشر لجفاف السد أرجعه وزير المياه السابق معتصم السعيدان لقرار وزارة المياه في بداية أغسطس/آب الماضي بزيادة ضخ مياه سد الوالة من 20 ألف متر مكعب إلى 40 ألف متر مكعب يوميا، وذلك لتزويد محطة زارة ماعين بكميات إضافية من المياه لتأمين مياه شرب لمناطق ناعور غرب عمان.
وتابع أن الضخ المستمر أدى إلى جفاف السد، والمياه المسالة ذهبت لتغذية آبار الهيدان، ومنها كميات تبخرت خلال الجريان السطحي، ولم يصل لزارة معين سوى كميات قليلة، فلم تتم المحافظة على كميات المياه في سد الوالة لاستخدامها من قبل المزارعين، ولم يصل سوى 15 ألف متر مكعب من الكميات المسالة لمنطقة زارة ماعين.
وبخصوص تعويض المزارعين، دعا السعيدان وزارة المياه لفتح من 2 إلى 4 آبار من آبار المياه الجوفية الموجودة بالمنطقة لتعويض المزارعين عن الكميات المسالة، ولحماية الاستثمارات الزراعية بتلك المنطقة.
وحذر السعيدان من تخزين أكثر من 10 ملايين متر مكعب في سد الوالة مخافة انهيار السد، مشيرا إلى أن تصميم التعلية الجديدة للسد عام 2017 مخالفة للبناء القديم القائم منذ 2003، مما يشكل خطرا ينذر بانهيار السد عند ارتفاع كميات المياه المحتجزة خلفه.
مزارع سمكية
وعلى مجرى السد، أقام المستثمر وليد الحواجرة مزارع سمكية ضمت أكثر من 20 ألف سمكة من أنواع الكارب والمشط، بتكلفة مالية زادت على 12 ألف دينار (17 ألف دولار)، لكن جفاف المياه المسالة من السد أدت إلى نفوق أغلبها.
ويقول الحواجرة إنه مع انخفاض منسوب المياه وبداية الجفاف “حاولت نقل ما يمكننا نقله لبرك زراعية أخرى، لكن للأسف لم نفلح في ذلك، وتجاوزت خسارتي 10 آلاف دينار (14 ألف دولار)”.
وأرجعت سلطة وادي الأردن أسباب جفاف سد الوالة إلى انخفاض الموسم المطري بنسبة 60% مقارنة مع السنوات السابقة، وارتفاع نسبة التبخر صيفا بما يعادل 9 آلاف متر مكعب يوميا، والسحب الجائر من قبل المزارعين على أطراف السد، وتسييل مياه السد لتغذية المخزون الجوفي لمنطقة الهيدان، وذلك وفق مصدر بالسلطة.
وأضاف المصدر أنه تم فتح بئر مياه جوفيه الأسبوع الماضي وضخ مياه للمزارعين.
جفاف سد الوالة وما خلفه من مشاكل زراعية وبيئية يتزامن مع أزمة مائية يعيشها الأردن في تأمين كميات مياه الشرب والري الضرورية، وقدرت وزارة المياه العجز المائي لهذا العام بأكثر من 40 مليون متر مكعب في مياه الشرب، بسبب تراجع الموسم المطري، خاصة في المناطق الجنوبية للمملكة.