الهيكلة المهلهلة
بحكم الفضول والاهتمام ترقبتُ بفارغ الصبر البرنامج التلفزيوني ستّون دقيقة والذي استضاف السيد امين عام وزارة تطوير القطاع العام وامين عام ديوان الخدمة المدنيّة والسيد نقيب الصحافييًن للحديث عن البرنامج الحكومي لإعادة هيكلة القطاع العام وخاصّة فيما يتعلّق بالمؤسسات المستقلّة والشركات التابعة للحكومة .
وقد فوجئت بما سمعت وكما شاهدت التقرير الخاص بذلك ودهشتي جائت لإدراكي وكأن المشروع جديد على الدولة وتعمل عليه لأول مرّة مع أنّ وزير تطوير القطاع العام قدّم مقترحا بذلك عندما كان رئيسا للديوان منذ عدّة سنوات وكما ذكر احد المحاورين ان الدولة عملت على هيكلة المؤسسات المستقلّة عام 1988 وأنّ الحديث عن ذلك دائم التردّيد نظرا للأثر النفسي على موظفي الخدمة المدنيّة ولكنّ الصوت علا الان لأن الظرف اختلف والخوف زال واصبح الشارع والنقابات طريق الإحتجاجات لإسماع المسؤولين صوت الحقوق والتعبير عن الرأي .
وقد دهشت لأن المخطّط لهذا البرنامج غير مدرك بكلّ ابعاده وأنّ الموظف المعني في أيّ مؤسسة لا يعرف وجه الحقيقة الذي يخصّه ولا اين مصيره خاصّة عندما تحزّم مشكورا نقيب الصحافيين للدفاع عن المؤسسات الإعلاميّة مهددا بتصعيد الموقف إذا لم تُستثنى المؤسسات الإعلامية من الهيكلة أو ان تشمل الهيكلة جميع المؤسسات المستقلّة واعتقد انه محقُّ تماما بذلك .
وأعتقد أن الهيكلة والإستثناءات كما شرحها المختصُّون فيها كثير من الغبن والظلم وعدم المساواة والعدالة للمؤسسات الداخلة في الهيكلة وأعني الموظفين فيها التي ستقلّ رواتبهم وامتيازاتهم والظلم المعني هو ليس الهيكلة بحدً ذاتها وإنما تطبيقها وإستثنائاتها وتأجيل إشراك بعضها هو الظلم بعينه وما دام ان تطبيق هذه الهيكلة ستطبّق في بداية عام 2012 فما هو الداعي لتقسيم العملية الى مراحل والحكومة تدرك ان هذه الإستثناءات تثير النفوس المشحونة وتخلق حزازيات وحساسيات بين الموظفين ورؤسائهم وزملائهم والبلد في غنى عن ذلك في هذا الوقت .
إن هذا البرنامج كان يهدف الى توعية المواطنين بالبرنامج الوطني للهيكلة وشرحه بشكل مفصّل ولكنني أعتقد انه لم ينجح بذلك وهو بحاجة لبرنامج خاصّ لتوضيح ما تمّ طرحه في حلقة اليوم لإنّ الشعور للمشاهد للبرنامج يدرك انّ هذه الهيكلة ما زالت مهلهلة وبحاجة لتنظيم .
إنّ الهدف من برنامج الإصلاح الهيكلي هو إزالة الإختلالات وتحقيق العدالة لموظفي القطاع العام بما فيها المؤسسات المستقلّة والشركات التابعة للدولة وما معنى أن يستثنى تلك المؤسسات والشركات من إعادة الهيكلة حتّى البنك المركزي لماذا يُستثنى كما أوضح امين عام الوزارة والأفضل هو وضع امتيازات لوظائف معيّنة بتسميات خاصّة وليس لكل موظّفي البنك .
ما زالت الحكومة لم تفهم الناس ومطالبهم ونفسياتهم وإحساساتهم لكي تحسًن الثقة بينها وبين المواطنين ففي حين ينادي الجميع بإجتثاث الفساد تلجأ الحكومة الى تكريس مفهوم التمييز والمداراة في هذا البرنامج .
اللهم ألهمنا الرشاد في فهمنا وألهم الحكومة الفهم والعدل في قراراتها .
المهندس احمد محمود سعيد
دبي – 4/6/2011