م-اكثم الصرايرة
سكت دهراً ونطق كفراً
لقد أخذت هذه الحكومة الصالح بعروه الطالح في قرارها الأخير القاضي بإعادة هيكلة الهيئات المستقلة وبشكل غير مستغرب أو مستهجن في حكومة تفتقد لأدنى معايير الكياسة والمهنية والسياسة، حكومة تصر كل يوم على إيصال رسالة للشعب مفادها بأنها حكومة سلحفائية عاجزة عن تقديم أي حلول إصلاحية أو سياسية أو إقتصادية تخرج البلد من أزماته و احتقاناته المتكاثرة، لحظة بلحظة تثبت بأنها مشلولة كلياً عن التقاط الرسائل الشعبية وعن ترجمة التوجيهات الملكية لخطوات عملية تبعث أي أمل في نفوس الأردنيين الحانقين اليائسين من أي إصلاح.
لقد وجهت هذه الحكومة المتهالكة صفعة جديدة للعديد من أبنائها تسجل في سجل الصفعات الحكومية الموجهة لمناصريها ومصدقيها بالدرجة الأولى من الشعب والتي تتزايد باضطراب ابتداء من صفعة شاهين وصولاً لصفعة الهيئات حتى بدا هؤلاء المدافعين عنها أشبه بالعاجزين عن الاستمرار بمسلسل اختلاق الأعذار والأكاذيب لها وسرد قصص الخيال عن الإنجازات القادمة والتي تحتاج فقط للوقت ويزداد عجزهم مع كل دقيقة تمضي دون الشروع بالإصلاح لا بل على العكس تتسارع خطوات القمع والإبتعاد عن الإصلاح.
أن قرارها الاخير افتقد للمهنية وللنظرة الثاقبة المفقودة وللخبرة العملية المعدومة، فبأي وجه حق تساوي حكومتنا بين هيئات ورقية أنشأت بهدف خلق المناصب والوظائف للمتنفذين وأبنائهم وزبانيتهم ليس لوجودها أي أسباب أو مقومات يتقاضى قراصنتها رواتب وامتيازات كبيرة استولوا عليها دون وجه حق ودون تنافس ودون إعلان، رواتب حتى لو تم خصم نصفها فإنها تبقى كثيرة على أناس لا يستحقون قرش مما يسرقون وسيكتفوا بأي شيء يحصلون عليه لأنه يأتيهم دون تعب أو جهد أو حق، كيف يساوون مثل هذه الهيئات الفاشلة بهيئات ناجحة تورد مئات الملايين للدولة ويتقاضى موظفوها رواتب بسيطة إذا ما قورنت بباقي الهيئات وبحجم العمل والمسؤولية الملقاة على عاتقهم، وعلى سبيل المثال سأتحدث عن هيئة تنظيم الإتصالات والتي لي احتكاك مباشر مع كوادرها تحتمها علي طبيعة عملي، فهولاء الموظفين وعلى قلتهم يقومون بجهود جبارة حيث يتعاملون يومياً مع عشرات الطلبات من قبل شركات الاتصالات والمواطنين والتي تحتاج إلى مهنية عالية ودقة كبيرة وسرعة في الأداء حيث أن كل تأخير يكلف المواطن اموال ويحرم الدولة من مداخيل مهمة مما يضع هؤلاء الموظفين تحت ضغوط مستمرة والعمل بأجواء مشحونة في أغلب الأوقات، ومما يزيد العبء عليهم هو تدني رواتب أغلب هؤلاء الموظفين وحرمانهم من العمل في أي شركة محلية وخاصة شركات الاتصالات بحكم حساسية عملهم مما يحد من مجالات الانتقال وتطوير أوضاعهم المادية، وكان للحوافز التي سلبت منهم من رواتب إضافية وتأمين صحي أثراً بالغاً في تعويضهم و تحفيزهم على الانتاج وبذل الجهد الذي يتناسب طرديا مع المردود المالي للخزينة .
لا يجوز وتحت أي مسمى مقارنة هؤلاء وأمثالهم في الهيئات المنتجة ببقية هيئات المناصب والفساد، ونتسائل هنا
لماذا لم يتم استثنائهم كما تم استثناء موظفي مؤسسة الضمان الاجتماعي التي تضم بين ظهرانيها جيوش من الموظفين الذين تم تعيين أغلبهم تحت بند المحاباة والواسطة والانتقائية وبأعداد تفوق المطلوب بأضعاف ؟
لماذا ورواتبهم خيالية وامتيازاتهم استثنائية في دولة مفلسة تعتاش من المساعدات والهبات؟
ولا ننسى بأن هنالك الكثير من القطاعات الاخرى والتي يمكن للحكومة أن ترشد النفقات وتوفر الأموال فيها لسد فاتورة الفساد والاستهتار كأمانة عمان الغارقة في نعيم الجنان؟
ولكن يبدو بأن هذه الأسئلة لا توجه لمثل هذه الحكومات لأنها أعجز من أن تستوعب معناها كي تجيب عليها إذ تقضي أغلب وقتها في قمع الحريات واعتقال الصحفيين و اعداد مواكب المطبليين وجباية أموال المساكيين وتهريب المساجين ومحاربة الإصلاحيين وحراكهم السلمي والالتفاف على مطالب الشعب بطرق مضحكة وتصريحات لايصدقها إلا المغفلون.