ذهبت قبل يومين الى إحدى المدارس الحكومية للسؤال عن ابني فطلب مني احد المدرسيين ان اذهب الى غرفه المدير واطلب إليه ذلك ففعلت ودخلت الى تلك الغرفة التي اعرفها جيدا حيث انني قضيت في تلك المدرسة جل سنوات حياتي التعليمية ثم خدمت فيها كمدرس وبعد دخولي الى غرفه المدير لم يكن المدير في مكتبه قيل لي انتظر قليلا المدير بين الصفوف فوقفت وإذا بلوحه الشرف لمدراء تلك المدرسة العريقة وبدأت اقراء تلك الأسماء وانا اعود سنوات الى الوراء مع كل اسم اقرءاه حيث عاد بي الحنين الى زمن بعيد كنت فيه طالب هنا ووقفت امام تلك اللوحة بعز وانضباط حيث شعرت فعلا انني الآن امام ذلك المدير الذي كان يصول ويجول في المدرسة حاكما صارما مهاب يهابه الآباء قبل الأبناء جيل بعد جيل مخلفا وراءه جيلا من خيره ابناء المدينة فمن هؤلاء المدراء من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ولكنهم ما بدلو تبديلا لقد خرجوا أجيلا تعي ما تتعلم وتعلم ان المدير او المدرس هو الأب وهو المربي وهو الفاضل وبدأت تأمل الأسماء اسم اسم وانا اسمع ضجيج الطلاب في الصفوف واشاهد بعض الفوضى هنا وهناك طلاب يركضون خلف بعضهم البعض داخل الممر شاهدت حقيقة ما لم اكن اتمنى ان اشاهد فرجع بي الحنين الى وقت مضى كنت فيه مدرس في تلك المدرسة وقلت لنفسي ماذا جرى لماذا هذه الفوضى اين أيام زمان عندما كنت اقف في رأس الممر لا اسمع حتى همسا فعرفت حينها ان المعلم لم يعد المعلم وان التدريس لم يعد التدريس عرفت ايضا ان قول الشاعر قم للمعلم وفيه التبجيلا إلى اخره لم يكن يقصد هذا الوقت وهذا المعلم الذي جردناه من كثير من مهامه التربوية قبل التعليمية ذلك المعلم الذي كانت تهابه الحارة باكملها وليست المدرسة فقط ذلك المعلم الذي كنا نغير الطريق عندما نراه من بعيد ذالك المعلم الذي كان يستدعي ولي الأمر الى المدرسة لأمر ما يخص ابنه فكان الأب يقف موقف الجندي امام القائد امام ذالك المعلم كان الأب يحترم المعلم كان الطالب يقدس المعلم حتى ان الأب كان يهدد ابنه إذا اخطأ انه سيخبر المعلم عنه فكنا نرتجف احتراما من المعلم قبل ان نهابه ذلك المعلم الذي كان يقف في الصف كالأسد كنا نتمنى ونطلب الى المعلم ان يفعل فينا ما يريد ولا يطلب إلينا ان نحضر ولي أمرنا إليه اين هو الآن واين هو ولي الأمر ذاك لقد انقلبت الايه حتى اصبح المعلم اشبه بالطالب حجما اصبح المعلم الآن يغير الطريق إذا رأى فيها احد الطلاب من بعيد اصبح المعلم او المدير الآن يقف امام الأب وقفه المذنب الخائف من العقاب او الشكوى الله على وقت مضى كان المعلم فيه معلم والمدير مدير ويا حسره على وقت الآن اختلط فيه الحابل بالنابل لم نعد نفرق بين مدير او طالبا او معلم رجعت الى نفسي وقلت نحن الآن السبب لم نعد نوقر المعلم في نفوس ابنائنا نطيع الولد فورا إذا اشتكى من المعلم نذهب الى المدرسة للتهجم على المعلم او المدير فأين ذهبت إذا تلك الهيبة لقد طمسها الأبناء بجهل الآباء حتى اصبح المعلم لا يبالي بما يقدم للطلاب فأين هي أيام زمان الله ما اجملها ثم عدت ادراجي دون ان أسال عن ابني لأني خفت ان اتفاجىء بنفسي انني اصبححت من هذا الجيل
زيد عبدا لكريم المحارمه \ سحاب