زاد الاردن الاخباري -
أ.د حسين الخزاعي - لا يختلف اثنان على أن التنبؤ مهاره وفن تتطلب خبرة ودراسة ودراية لوضع تقديرات للمستقبل على أساس منطقي مترابط، وتحليل واقعي لمجريات الاحداث الحاضرة، وأثرها في تحليل الوقائع وخطورة استمرارها بلا تعديل او تغيير وخاصة إذا تكررت الاحداث والاخطاء فيرتفع منسوب التذمر والشكوى والنفور، لهذا السبب نجد عملية التقييم والتقويم من اركان الإدارة الناجحة ويحرص على تطبيقها المسؤولين في مراحل العمل كافة.
انتهت المقدمة ونبدأ بعنوان المقال: " تغييرات مهمة في مواقع متقدمة في الدولة " ، وبالمناسبة عندما اكتب عن حكومة جديدة لا يهمني الرئيس الجديد ، وبنفس الاتجاه لا يهمني الرئيس الخارج من الحكومة، كوني لا اتحدث عن شخص رئيس الحكومة، يهمني الحديث عن موقع رئيس الحكومة، الذي يفترض فيه أن يكون القائد والقدوة والمثال الحسن ، الجريء، الصبور، المتواضع ، المقدام، المبادر، المتابع ، الميداني الذي يدير الملفات من موقع الحدث ، لا من خلف المكاتب الوثيرة ، والتقارير التي قد تكون زائفه ، الشخص القوي بفكره وبحضوره البهي واطلالته المريحة الذي لا تهزه نسمات الريح العابرة .
من علم الإحصاء والخوض في عالم الأرقام ، نصل الى مؤشرات وايضاحات ، والتوقف عند النتائج الصادمة التي رصدت الرأي العام الأردني ، نجد الحكومة تحظى بثقة (33%) وانها حكومة غير قادرة على تحمل المسؤولية ، اما رئيس الوزراء فيحظى بثقة( 34%)، اما في مجال الخدمات الأساسية التي تقدم للمواطنين (تربية وتعليم وتعليم عالي، صحة، مياه ، ديوان خدمة مدنية ، مكافحة فساد ، تلفزيون اردني، مستشفيات حكومية ، أسعار وخدمات ) جلها خدمات أساسية ثقة المواطنين فيها لم تصل الـ ( 50%)، هذه النتيجة لا تتحملها هذه الحكومة لوحدها ، فالحكومة ورثت ملفات معقده ، وورثت وزراء جدليون ، يتربعون على كراسيهم ولا يتحركون ، لكن ما علينا منهم ، لنتركهم ونترك الإحصاء ونتائج الاستطلاعات التي تقوم بها بعض المراكز المرموقة في الأردن مثل ( راصد ) ، ( مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية ) ويبدو ان الحكومة الحالية والحكومات السابقة لم تكن تكترث للرأي العام الوطني، لكن حول هذه الحكومة سوف استشهد بفشلها في عدم قيامها بوضع خطة للتطوير الإداري للدولة ، واقتبس هنا من كتاب التكليف السامي الذي وجهه الملك عبد الله الثاني الى رئيس الوزراء بشر الخصاونة في السابع من شهر تشرين أول 2020 " كما لا بد من البدء بتطوير الجهاز الإداري للدولة، وتنفيذ دراسة مبنية على أسس علمية خلال الشهور الثلاثة القادمة، وتقديم مطالعات حول إمكانية دمج بعض الوزارات والهيئات، لرفع كفاءة القطاع العام وتحسين مستوى الخدمات وضبط النفقات.
لقد انتهت السنة الأولى من عمر الحكومة وأسئلة كثيرة تجول في الخاطر والوجدان ، هل بدأت رئيس الحكومة بتنفيذ هذه المهمة ، هل تم وضع خطة لتطوير الجهاز الإداري " الواقع والمهتري والمزري " في وزارات الدولة ومؤسساتها ، هل يوجد دراسة علمية واسس واضحة لعملية التطوير، لقد انتهت الشهور الثلاثة والشهور الستة والعشرة والسنة بكامل لياليها ولم نسمع عن خطة او دراسة او فكرة لتطوير قسم اداري في الحكومة، او دمج وزارة او تحسين مستوى خدمات ، ماذا فعلت يا رئيس وزرائنا طوال الاشهر التي مضت ، نعرف جيدا انك اتقنت فن الهروب من وجع الراس عندما كانت البلد تواجه الازمات ، وترتفع نسب الفقر والبطالة ويزداد اعداد طالبي دعم الخبز والمعونة من الدولة ، ولم نسمع لك صوت عندما نفذ الاكسجين من مستشفى السلط، ومستشفى الجاردنز، وعندما ازدادت حالات الوفيات بين الاطفال الأبرياء في عمر الورد في مستشفيات وزارة الصحة، وكان الامر لا يعنيك . نعرف جيدا ان الحكومة ورثة ملفات كثيرة مزعجة ولكن كان الاجدر ان ابدأ خطوة خطوة في قراءة الملفات ، واجيد فتحها بقوة بلا تراجع او تردد.
حسناً،،، اقولها لك بشفافية بلا تزلف او تقرب او غاية ، لقد منحك الملك الفرصة الذهبية لإجراء تعديل وزاري ، وكان تعديلا رابعا على الحكومة، يا ليتك لم تقدم على هذه الخطوة ، فالوزارات الخدمية ( التربية والتعليم والتعليم العالي كانت بحاجة ماسة الى فصل هاتين الوزارتين ليتولى وزيرا لكل وزارة، هل فشلت في إيجاد وزير تعليم عالي ؟ هل رؤساء الجامعات الحاليين لا يصلح منهم رئيس جامعة ليكون وزيرا للتعليم العالي او وزيرا للتربية والتعليم ؟ هل وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية التي عدد موظفيها اقل من عدد موظفي مديرية الامتحانات في وزارة التربية والتعليم بحاجة الى وزارة؟ يا عجبي !! ، ام ان وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية أصبحت وزارة سيادية لا احد يجرؤ للاقتراب منها وتغير وزيرها عابر الوزارات الذي يتربع على كرسي الوزارة منذ سنوات ومع خمس رؤساء وزارات ، وتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية كان اعترافا بفشل الوزارة في وضع نظام للأحزاب السياسية او الانتخاب او اقتراح بتعديلات دستورية فما الفائدة من وجود هذه الوزارة التي أصبحت سيادية؟ لماذا لم يتم تغيير وزير الصحة ؟ هل الوضع الصحي مريح في الوطن ؟ لماذا يتم نقل وزير العمل الى وزارة الصناعة والتجارة ؟ لماذا لم يتم تعينه من البداية وزيرا للصناعة والتجارة ثم يتم نقله؟ هل اكتشفت ان الناطق الإعلامي للحكومة يجب ان يكون من الجسم الصحفي ؟ لماذا يتم إعادة وزير الطاقة علما انه غادر الوزارة في عام 2018 وسلمها للوزيرة المستقيلة ثم تسلمها منها في 2021 ، لماذا تم إخراجه من الوزارة عام 2018 اذا كان ناجحا في عمله ؟؟؟ لماذا لم تدمج وزارات ( الشباب والثقافة والشؤون السياسية والبرلمانية في وزارة واحدة ) جل هذه الوزارات عدد موظفيها اقل من عدد موظفي مديرية صحة او تربية او اشغال او اوقاف في أي محافظة اردنية، وهي وزارات ترضية وجبر خواطر ، لماذا تستعين بوزراء من مجلس الأعيان ؟ ام ان العضو في مجلس الأعيان يستطيع ان يعمل وزير وسفير ورئيس مجلس إدارة ورئيس حزب سياسي؟ .
عزيزي واخي رئيس الوزراء، لم نسمع هدرك وارتفاع صوتك وغضبك على وزير اخفق في إدارة شؤون وزارته، تابعناك عبر الفضائيات عندما هدرت ورغدت وازبدت واحمر وجهك وتحركت أصابع يداك وعلا صوتك في مجلس النواب واستمتعنا بمشاهد لم نألفها عندما جلس النائب الوطني عماد العدوان على الكرسي المخصص لفخامتك بتاريخ 5/08/ 2021يوم افتتاح الجلسة الاستثنائية الأولى، تابعنا طريقة تمسكك في الكرسي فالنائب المحترم ارسل رسالة شعبية احتجاجية على رفع أسعار المحروقات، وجلس على الكرسي لا طمعا في كرسي . وتابعنا كيف تضربون عرض الحائط ويتم الغاء اجتماع جلسة مجلس النواب الصباحية ويعلن رئيس المجلس رفع الجلسة إرضاء لكرسي رئيس الوزراء ، وفي الجلسة المسائية، يحضر رئيس الوزراء ويغيب النائب العدوان، ويعبّر رئيس مجلس النواب في بداية الجلسة عن رفضه للإساءة لرئيس الوزراء والتعدي على السلطات الدستورية، هل الكرسي سلطة دستورية ؟ يا عجبي !!! هل المقاعد الأخرى الموجودة في المجلس لا تليق في مقام رئيس الوزراء ؟ من هو الأهم في الدولة الأردنية النائب المنتخب ام رئيس الوزراء المعين ؟ هل تنقص هيبة ومكانة رئيس الوزراء اذا جلس على أي كرسي بجانب نائب من نواب الشعب المنتخبين ؟ لا ندري من يحاسب من يا رئيس مجلس النواب؟ رئيس مجلس النواب يرفض الإساءة لرئيس الوزراء ، ولكن يسهل على رئيس مجلس النواب الإساءة للشعب الذي انتخب نواب هذا المجلس بتعطيل جلساته كرمال عيون رئيس الوزراء وكرسيه ، هل تتوقع يا رئيس الوزراء بعد هذه الحركة الهزيلة وقيام رئيس مجلس النواب برفع الجلسة الصباحية ترضي مليكنا الانموذج الذي يتابع كل صغيرة وكبيرة في هذا الوطن الغالي ، بالتأكيد لا ، كون الملك يضع في وجدانه حكمة وتواضع ومحبة وتعاون السلطة التنفيذية والتشريعية ، والايثار والاحترام المتبادل بين السلطتين لا ان يدخل المجلس والسلطة التنفيذية في خلافات ومعارك صوتية على كرسي الرئيس ، لكن حكمة الملك الفناها وتعودنا عليها فمن خلال تبني أسلوب النفس الطويل والصبر والتأني ومنح الفرص للتعلم من الأخطاء ، ولكن يا عزيزي يا رئيس الوزراء لم تتعلم ابدا من الأخطاء ولم تقترب من نبض الشارع وخاصة بعد غليان الشارع بعد وفيات الأطفال في مستشفيات وزارة الصحة، وبعد حادثة مستشفى الجاردنز وبعد انقطاع الكهرباء عن الأردن كاملة ، والمعاناة المزمنة التي تعاني منها بعض مناطق الوطن في انقطاع المياه عنها ، وفي ظل عدم وجود تغطية كاملة لخدمات الانترنت والتي حرمت قرابة مليون طالب اردني من التعليم المدرسي وما عرف عنه ( الفاقد التعليمي )، ؟ وفي المناسبة ، لتعلم دولتك ان موقفك الأخير ولجوئك للقضاء في قضية اسرية كانت المسمار الأخير في نعش الحكومة ، فالذي يتقلد منصب حكومي عليه ان يفتح مكتبه وقلبه وعقله للراي العام، ويستقبل الإساءة مهما كانت جارحة بابتسامه ورحمة وحوار على قاعدة "وجادلهم بالتي هي احسن " ،هذا لا يعني اننا لم نتألم لما ورد من كلمات جارحه بحق زوجتك الفاضلة ، ولكن حسابات الربح والخسارة في القرار الاستراتيجي تدخل عالم الحسم وحسن الاختيار والانحياز الى اهون الخسائر؛ ليس من باب الاستسلام والهروب ولكن من باب المكانة والموقع الإداري والسمعة المحلية والعربية والعالمية التي تلحق الضرر بصاحب المكانة والموقع اكثر من المشتكى عليه ، لماذا تحرك الطبقات الفقيرة والمسحوقة والجائعة والعاطلين عن العمل وتدفعهم للتحيز والتعصب ضد رئيس الحكومة حتى لو كنت صاحب حق ، فالفقراء روحا وفكرا وموقفا يتخندقون ويساندون الفقراء والمشتكى عليه من جلدتهم فقير الحال، هل نسيت يا رئيس الوزراء ما يحمله أبناء المجتمع من كره ونفور تراكمي للحكومات السابقة والحكومة الحالية كونها لم تصوب الاختلالات في الخدمات الأساسية للمواطنين؟ لماذا لم تتمسك في القيم والعادات الاجتماعية التي تعلمناها من دياناتنا السماوية، ومن موروثات وسلوكيات الاسرة الهاشمية التي تؤكد على الحكمة والصبر والرحمة والإيثار الحوار والشفافية والطيبة والهدوء وطول البال والبشاشة والصفح والنصح والإرشاد وحب الناس بلا حدود . سؤال فضولي احشر نفسي به لمعرفة من هو مستشارك الذي أشار عليك بهذه الشورى واوقعك واشغلك في هذه القضية ، لتفتح شهية الناس على مواقع التواصل الاجتماعي لتتناقل خبر رئيس وزراء يرفع قضية على مواطن فقير؟!!! سامحك الله يا رئيس وزرائنا؟ لو تواضعت وطلبت استشارتنا المجانية لقلت لك يا عزيزي مع حفظ الألقاب: تذكر جيدا يا بشر الخصاونة انك ابن هاني الخصاونة الانسان الهادئ الصبور الخلوق الطيب المبتسم رائع الملقى والمحيا ، الذي لم تفارق السبحة والتسبيح بها يوما يده ، وزوجتك الفاضلة واسرتك لن تتأثر كونها تعرف جيدا انك انسان مخلص، شريف، نظيف اليد ، بعيد عن عالم البزنس ولم تتلوث وتنخرط في عالم الأسهم والشركات والصفقات والشبهات والماركات، علاوة على ذلك صاحب تاريخ مشرف ، والناجح تلاحقه سهام المغرضين الحسودين الفاشلين " هل نسيت تاريخك يا خصاونة؟ يا ليتك تسلحت في الحكمة والصبر وحسن التفكير والتدبير والدفع بالتي احسن بدلا من القضاء والتقاضي ووجع الراس والدخول في سيناريوهات تتحرك مثل كرة الثلج لا وقت لديك للدخول في غمارها او وقف انتشارها .
وبعد ،،، كمتابع وباحث ومراقب ، استذكر هذه الأحداث ودلالتها وما ينجم عنها من قرارات ،ليس من باب التشفي، أرى ان هذه الحكومة قد استنفذت جل وقتها ، واعلنت افلاسها ، فالوقت الأصلي للحكومة انتهى، والفرص التي منحك إياها ملك البلاد استنفذتها وخسرتها، فالأيام القادمة حبلى بالمفاجئات وخاصة اننا نقرأ قسمات الوجه ولغة الجسد لمليكنا وهو خارج الوطن التي تشير الى ان الملك منزعج وغاضب من هذه الحكومة التي أصبحت مصدر ازعاج وقلق وغضب ونفور لفئات المجتمع كافة، بعد عودة الملك سالما من جولته الرسمية سنشهد تغييرات مهمة في إدارة الدولة، فالملك غير راض عن الحكومة وعن مؤسسات ودوائر وقضايا كثيرة في إدارة الدولة، والملك عندما يغضب ونقولها بالمثل العامي ( ما عنده لحية ممشطة ) والشعب والمواطنين وخدماتهم وخدمتهم خط احمر لا يجوز نسيانه او اهماله او التطاول عليه.
اخر الكلام : سأغامر بالتنبؤ وأقول : رئيس وزرائنا، رتب اوراقك، ونظف مكتبك، السفينة أصبحت بحاجة الى قبطان جديد للوصول فيها الى شاطئ الأمان ، فالدورة العادية القادمة لمجلس النواب سيدخلها رئيس وزراء جديد ، ورئيس مجلس نواب جديد، رئيس يوقف السلطة التنفيذية عند حدودها ويمنع تغولها ؟ لا رئيسا يرفع جلسات المجلس اكراما لرئيس الوزراء الذي لا يرتاح إلا اذا جلس على الكرسي المخصص له في مجلس النواب؟. مجلس النواب في دورته الاستثنائية كان استثنائي في الدخول في معارك ومعتركات مع المجتمع لم نكن بحاجتها ، بل على العكس نحن احوج ما نكون قريبين من نبض الشارع وتقوية الروابط بين أبناء المجتمع وتعزيز وحدته وتماسكه واستقراره، وهذا لم يحصل على الاطلاق، هذه الرؤية التي تدفع بمسيرة الاستقرار والهدوء والانطلاقة الجديدة في المجتمع ، الا اذا كان هناك من يرغب بقاء الوضع القائم المحفوف بالمخاطر والممتلئ بالمطبات والمفاجآت. وللحديث أكثر وقفة وتحليل . والله اعلم بصدقية نوايانا وتنبؤاتنا.
ohok1960@yahoo.com
الكاتب: أكاديمي متخصص في علم الاجتماع