كل التوجهات الليبرالية والتحديثية والمستقبلية للدكتور وزير التربية والتعليم لم تمكنه من تحمل حتى مجرد التفكير بمعنى الاستقالة في مثل هذه الحالات, فجاء تصريحه واضحاً قوياً واثقاً: "لم ولن أستقيل", وهو حتى لم يفكر بتقديم اعتذاره لعشرات ألوف الطلبة ومئات الألوف من أهاليهم الذين أصيبوا بالهلع والتوتر وخاضوا ما يشبه "ثورة التوجيهي" بينما كانوا قادمين للاحتفال بالنسبة للناجحين, وللصمت ولوم الذات مع كثير من الحياء بالنسبة للراسبين.
إذن كان على الناس أن يتحلوا بالعقلانية بشكل جماعي وأن يتصرفوا بهدوء جماهيري شامل, بل إنها فرصة لإعادة النظر بجدوى لهفة الطالب وأهله على معرفة نتيجة ابنهم.
لا يلتفت الوزير إلى حساسية صورة التوجيهي في الذهنية الجماعية للأردنيين, وهي صورة سبق أن تعرضت لاهتزاز كبير آخر في حادثة تسريب الأسئلة التي واجهها الوزير آنذاك خالد طوقان بنفس القدر من الصمود والثقة ولم يبد مثله مثل الوزير الحالي أي موقف يوحي بأن هناك احساساً بأن خطأً جسيماً قد حصل.
طيلة عمر البلد شكل التوجيهي عنصراً مهماً مما يعرف بالحيز العام أو المجال العام حيث يقف الأردنيون عند سن معين أمام هذا الامتحان سواسية يخضعون لإجراءات موحدة بالكامل تحظى بدرجة من القدسية, وقد ظل الناس يتبادلون ما يشبه الأساطير عن دقة هذا الامتحان وعدالته.
الوزير هذه المرة أزاح النار إلى "القرص" المدمج, وكما تعلمون, من التعسف أن نطالب باستقالة قرص مدمج.0