الدم العربي المسفوح
بقلم: أحمد عطاالله النعسان
ما أغلاك أيها الطاهر الزكي المسفوح على حبات التراب المتعطشة لضم أبنائها بحنان والمستعدة للتضحية بمائها وغذائها لتقدم له كل ما تستطيع ليرتقي ويزدهر وينتج ويخدم بلده ودينه وأمته، ولكنها تجبر قسرا على تجرع مرارة الإرتواء من الدم النقي المراق عليها في كل مكان هذه الأيام، الجسد العربي يخترف ويتمزق بأيادي صديقة بل بأيادي الإخوان وأبناء الدم والجلد واللغة والتاريخ والعيش الواحد، وتخجل الحروف أن تلملم نفسها من هنا وهناك لتكتب عن الذي يجري في بلادي العربية، فالجرح يمتد ويكبر كل صباح من العراق إلى ليبيا إلى اليمن إلى السودان والصومال إلى سوريا إلى ...، أين الدول العربية من بعضها؟! أين جامعة الدول العربية؟! أين العمل العربي المشترك؟! أين أخوة الدم والدين والتاريخ واللغة؟! أين الغيرة والحرص على كل قطرة دم مسلم حرمها الله؟! أين الموقف الحازم من شلال الدم الهادر من دماء أبائنا في هذه الدول وغيرها أما آن له من توقف أو إيقاف ؟. فلسطين الحبيبة لم ولن أنساك أو أتناساك حاشاك فأنت في صميم القلب وفي أحشاء الضمير والفكر والوجدان ولكني أتحدث عن الدم الذي كان لزاما أن يكون على أرضك في ذكرى نكستنا لا نكستك لفك أسرك من أبناء القردة وإخوان الخنازير قاتلهم الله وجعلنا من الذين يحاربون في سبيله وعلى أرضك الطهور إنه ولي ذلك ومولاه، وأخذ وأراحنا من كل من حول البوصلة وغير مجرى الأحداث ودوائر الإهتمام.
إن قلوب الأحرار من الأمة العربية الواحدة تتفطر ألما وكمدا هذه الأيام من المناظر القاسية والجروح النازفة والأخوة المتمزقة في كل أرجاء وطننا العربي الكبير، إختلط حابل الخيانة بنابل الديكتاتورية والظلم والقسوة والتشبث بالسلطة، واحتار العقلاء والشرفاء ولسان حالهم يتساءل...هل عجزت الأمة عن حل مشاكلها وهل من الطبيعي أن يشاهد الأخ أخيه يقتل وينكل به ولا يحرك ساكنا؟!، إن الذي يجري أتعب الأفكار وحير الأقلام النزيهة بوصفه والكتابة عنه، أرجو من كل أحرار الأمة العمل على وقف هذا المسلسل الدموي المرعب بأي طريقة وأن يكسروا حاجز الصمت المطبق، فقد ضاعت فلسطين مهجة الفؤاد وقبلتنا الأولى ومسرى حبيبنا ونحن نلتزم الصمت والإستنكار ومن ثم احتلت العراق في أكبر جريمة من بعد إغتصاب فلسطين، ومن بعد حروب طويلة مفتعلة من أمريكا والصهاينة قسمت السودان، والحروب دائرة وطاحنة في الصومال، فالصمت لا يولد إلا ضعفا وخسارة في الكرامة وحتى على الأرض، ومن ثم جاءت الثورات العربية المنادية بالحق والعدالة والحرية فحصدت في بدايتها الحرية ومن ثم صار النتاج دما عربيا زكيا طاهرا مسفوحا دون وجه حق.
حمى الله بلادنا العربية والإسلامية وحقن دماء أبناء الأمة في كل مكان، وخلصنا الله من كل ظالم جبار قاتل يقتل أبناء جلدته بدم بارد دون أدنى شعور بالمسؤولية أو التذكر للحظات عظمة الوقوف بين يدي الجبار وبأنه سيحاسب عن كل قطرة دم أريقت دون وجه حق في يوم تشيب له مفارق الولدان، ولا نجد قولا يخفف من جراحنا في مثل هذه اللحظات العصيبة وبعد أن حارت بنا السبل وضاقت بنا الآفاق إلا أن نلجأ للعلي القدير وبقلوب طاهرة صافية صادقة تائبة ونقول بصدق وإحساس وإخلاص "حسبنا الله ونعم الوكيل ".