لماذا يجب أن ينضم الأردن لدول مجلس التعاون الخليجي؟
بقلم: د. آية عبدالله الأسمر
إن عدم الارتياح العام الذي قوبل به خبر إمكانية انضمام الأردن لدول مجلس التعاون الخليجي، سواء في الداخل الأردني أو من قبل بعض الرموز الخليجية له مبرراته وأسبابه المنطقية والمفهومة، ففي غياب مبررات ومسوّغات واقعية وشرعية ومعقولة لانضمام الأردن لدول مجلس التعاون الخليجي، وجد كلا الطرفين نفسيهما ينسلخان في لحظة هستيرية خيالية من واقع تاريخي من أجل صياغة مشروع دموي إجرامي في حق الشعب الأردني، في سبيل تمرير مخططات ستعود بالنفع على كل من إسرائيل والأنظمة الملكية القمعية القائمة في دول الخليج وكذلك حكومة الأردن التي ستقبض ثمن موافقتها على شروط الانضمام، وبالرغم من أن الشعب الأردني و حده من سيدفع ضريبة وتداعيات هذا الانضمام التعسفي إلا أنه وحده سيحرم من فوائده المرجوّة حتى الاقتصادية منها، فلقد اعتدنا على حكومات تبيع ما ليس ملكها وتقبض الثمن وتتقاسمه وتهربه إلى حساباتها في البنوك الخارجية والشعب ما زال يحاول فهم مكوّنات "الطبخة".
في تقديري الخاص انضمام الأردن إلى دول مجلس التعاون الخليجي يعود إلى سببين لا ثالث لهما:
أولا: تعالت الصيحات في الآونة الأخيرة من قبل بعض الرموز والجماعات الأردنية في استياء صريح وواضح من قلة موارد الأردن التي يتقاسمها الأردنيون والأردنيون من أصول فلسطينية، بل وطالب البعض بإعادة النظر في مسألة المناصب والحقائب الوزارية التي يتسلمها الأردنيون من أصول فلسطينية، وتخوّف الكثيرون سواء أردنيون أو أردنيون من أصول فلسطينية من فكرة الوطن البديل، خشية الاكتظاظ السكاني وشح الموارد والتنافس على الوظائف والعديد من القضايا والمسائل التي تصب جميعها في كونها أمورا اقتصادية ومادية واجتماعية، في هذا السياق يعد انضمام الأردن إلى دول مجلس التعاون الخليجي مخرجا لا بأس به لامتصاص غضب الشارع الأردني المنهك اقتصاديا لا بسبب الأردنيين ولكن بسبب فساد حكوماته المتعاقبة.
بعد أن ينضم الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي سيبدأ العديد من أفراد وشباب الشعب الأردني في التوجه إلى دول الخليج؛ بحثا عن فرص عمل في سبيل توفير حياة أفضل ومستقبل أضمن لهم، وهؤلاء سيضخون مبالغ لا بأس بها للوطن، وعليه فإن فائدتهم ستكون مزدوجة تماما كما كانت فائدة وقيمة الأردنيين من أصول فلسطينية والذين قضوا حياتهم العملية في الخليج، وبالتالي سيسود البلاد حالة من الهدوء النسبي والاستقرار المادي الذي لن يرتقي في أي حال من الأحوال إلى رخاء اقتصادي نظرا لظروف دول الخليج الحالية.
الوقت سيكون مواتيا إذا لبدء عملية ضخ الفلسطينيين من القدس وسوريا ولبنان لتوطينهم في الأردن ومباشرة العمل في مشروع الوطن البديل بشكل تدريجي حذر بينما الشعب الأردني مشغول بمحاولة استثمار المشروع الأردني الخليجي في تحسين أوضاعه المادية.
ثانيا: لقد ضاقت الولايات المتحدة الأمريكية من زج أبناء الشعب الأمريكي في حروب ومشاكل الشرق الأوسط، خاصة بعدما حصلت الحكومة الأمريكية على أموال طائلة ومبالغ ضخمة لقاء تضحياتها المتتالية في سبيل الحفاظ على الملكيات الخليجية من السقوط، ولأن الخطر الإيراني ما زال يلوح وبقوة في الأفق ولأن خلاياه تتحرك وبسرعة في أكثر من مكان في الدول العربية باستثناء الأردن، كما أن الأردن معروف بأجهزته المخابراتية والأمنية المشهود لها بالحرفية العالية، علاوة على أوضاعه الاقتصادية المتهالكة باستمرار، هذه الأسباب مجتمعة تجعل من الأردن مرشحا أولا للعب دور المرتزقة الذين يقبضون ثمن الدفاع عن أنظمة وقضايا لا تعنيهم من قريب أو بعيد، الفرق الوحيد هو أن المرتزقة يقبضون الثمن وهم يعلمون بحجم الأمر المقبلين عليه، أما نحن فسوف يقبض الأردن ثمن أرواح أبنائنا الذين سيرسلونهم في يوم من الأيام للدفاع عن عرش "طويل العمر" دون أن يكون لنا نحن رأي أو حتى خيار في هذا الشأن، ودون أن نقبض دولارا أو دينارا أو ريالا واحدا.