زاد الاردن الاخباري -
أغلقت مراكز الاقتراع، الأحد، في نيكاراغوا إثر انتخابات رئاسية جرت تحت حراسة نحو 30 ألف شرطي وعسكري وخلت من أي مفاجأت بعد أن ضمن الرئيس دانيال أورتيغا فوزه فيها بولاية رابعة متتالية إثر اعتقال جميع منافسيه.
وبعد إدلائه بصوته، اتهم أورتيغا خصومه بأنهم “شياطين (…) يختارون العنف والتشهير والافتراء والحملات حتى تقع نيكاراغوا مجددا فريسة للمواجهات العنيفة والحرب”.
وأضاف أن المرشحين المعتقلين “تآمروا ولم يرغبوا في إجراء هذه الانتخابات لأنهم باعوا أرواحهم منذ فترة طويلة للإمبراطورية (الولايات المتحدة) ويعيشون جاثين على ركبهم داعين لشن هجمات ضد نيكاراغوا”.
وندد الأميركيون والأوروبيون مسبقا بهذه الانتخابات معتبرين أنها “مهزلة” و”مسرحية”، منكرين أي شرعية لها.
وانتقد الرئيس الأميركي جو بايدن الأحد الانتخابات في نيكاراغوا واصفا إياها بأنها “صورية”.
وقال في بيان نشره البيت الأبيض إن “ما دبّره رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا وزوجته نائبة الرئيس روساريو موريو اليوم” لم يكن اقتراعا “حرا ولا نزيها وبكل تأكيد ليس ديموقراطيا”.
في المقابل هنأ رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو نظيره، دون انتظار النتيجة. وقال في خطاب متلفز “الإمبريالية وحلفاؤها الزاحفون في أوروبا يوجهون أصابع الاتهام إلى نيكاراغوا. لكن هناك أشخاص يحبون نيكاراغوا، وهناك أناس يدافعون عن نيكاراغوا”، معلنا عزمه على زيارة الدولة الواقعة في أميركا الوسطى قريبا.
ومنِع صحافيون من وسائل إعلام دولية عدة من دخول البلاد ورفضت الحكومة وجود مراقبين مستقلين.
لكن السلطات قبلت السبت اعتماد نحو مئتي “مرشد انتخابي” وصحافي اختيروا بدقة من “الناشطين الساندينيين” الأجانب، بحسب المرصد المستقل “أورناس أبيرتاس”.
واقتحمت الشرطة في الآونة الأخيرة مقر “لا برينسا”، آخر صحيفة معارضة كانت لا تزال تصدر في نيكاراغوا، وزجت مديرها في السجن.
وقبل أسبوع من الاقتراع، أعلنت “ميتا”، الشركة الأم لشبكة فيسبوك، تفكيك ألف حساب على فيسبوك وإنستغرام تديرها “مزرعة متصيّدين” تابعة لحكومة نيكاراغوا، تعمل على التلاعب بالرأي العام.
معارضة بلا قادة
بعد توقيف جميع قادتها أو خروجهم إلى المنفى، نظّمت المعارضة تظاهرة شارك فيها نحو ألف شخص في سان خوسيه عاصمة كوستاريكا التي لجأ إليها أكثر من مئة ألف من أبناء نيكاراغوا هربا من القمع.
ويرفع المعارضون شعارا واحدا “لازموا منازلكم”.
ويؤدي المرشحون الخمسة المسجلون لمنافسة أورتيغا دورا صوريا لا يهدف سوى إلى تعزيز موقع الأخير، وهم أساسا من دوائر السلطة.
وبالتالي، فإن نسب المقاطعة هي التي ستعطي مؤشرا إلى مدى تأييد المواطنين فعليا لأورتيغا وزوجته التي تشغل منصب نائبة الرئيس منذ 2017.
وخشية ضعف الإقبال على الاقتراع نظّمت الجبهة الساندينية للتحرير الوطني الحاكمة حملات ميدانية لتشجيع الناخبين على الاقتراع.
وكشف استطلاع للرأي أجراه معهد “سيد-غالوب” أن 65 في المئة من الناخبين المسجلين البالغ عددهم 4,3 ملايين، كانوا سيصوتون لمرشح معارض لو توافر هذا الخيار، مقابل 19 في المئة للرئيس المنتهية ولايته.
في المقابل، افاد استطلاع أجراه معهد “ام اند آر” القريب من الحكومة بأن أورتيغا وتسعين مرشحا للبرلمان قدمتهم الجبهة الساندينية الحاكمة، حصلوا على 70 في المئة من نوايا التصويت.
وقالت سيدة تبلغ 46 عاما لصحافية من وكالة فرانس برس، طالبة عدم كشف هويتها “ليس هناك أي شخص يستحق أن نصوت له. كلهم في جيب دانيال” أورتيغا. واضافت “لا يمكننا أن نتكلم وإلا وضعونا في السجن”.
لكن مارينا أغويري (36 عاما) التي اكدت عزمها على الإدلاء بصوتها قالت “لدينا مدارس ومستشفيات مجانية”، والرئيس “يحرص على أن ينال كل طفل ألعابا كل عام”.
مطاردة المعارضين
بعد ثلاث سنوات ونصف سنة من حملة قمعية سقط فيها أكثر من 300 قتيل من المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشارع في ربيع 2018 مطالبين باستقالة أورتيغا، وقبل ستة أسابيع من الانتخابات، بدأت حملة مطاردة المعارضين، فأدت منذ حزيران/يونيو إلى اعتقال 39 من السياسيين ورجال الأعمال والفلاحين والطلاب والصحافيين، وبينهم المرشحون السبعة الذين كان يمكن أن يشكلوا خطرا على أورتيغا.
وكانت كريستيانا شامورو (67 عاما)، ابنة الرئيسة السابقة فيوليتا شامورو (1990-1997) والمرشحة الأوفر حظا للفوز في الاقتراع حسب استطلاعات الرأي، أول الذين اعتقلوا ووضعت في الإقامة الجبرية.
والمعارضون متهمون بتقويض السيادة الوطنية ودعم العقوبات الدولية ضد نيكاراغوا و”خيانة الوطن الأم” و”غسل الأموال” بموجب قوانين أقرها في نهاية 2020 البرلمان الذي تهيمن عليه السلطة مثل القضاء والمحكمة الانتخابية.
ويسيطر الخوف على البلد البالغ عدد سكانه 6,5 ملايين نسمة، والذي يعتبر أفقر بلدان أميركا الوسطى ويعاني منذ اضطرابات 2018 من التضخم والبطالة ومن تفشي وباء كوفيد-19 الذي تنكر السلطة مدى انتشاره.
ومنذ تظاهرات ربيع 2018، اختار مئة ألف من سكان البلاد الرحيل فيما لا يزال 150 معارضا مسجونين ويصفهم أورتيغا بأنهم “مجرمون” و”دعاة انقلاب” لحساب واشنطن.
وبعدما كان بطل الثورة في نيكاراغوا، بات أورتيغا متهما من معارضيه بالعمل بالطريقة نفسها التي اتبعها الديكتاتور أناستازيو سوموزا الذي ساهم هو نفسه في إسقاطه في 1979.
وترى المحللة النيكاراغوية إلفيرا كوادرا المقيمة في المنفى أن عزلة البلاد ستؤثر على الاستثمار والتمويل الدوليين مع عواقب اجتماعية وهجرة متزايدة.
وإضافة إلى العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، توترت العلاقات حتى مع حلفاء تاريخيين لنيكاراغوا مثل المكسيك والأرجنتين.
في المقابل، لا تزال كوبا وفنزويلا وروسيا تدعم أورتيغا وزوجته.