تعد مراسم افتتاح الدورة البرلمانية فى الاردن احدى اهم عناوين احترام الديموقراطية النيابية العالمية وذلك لما تشكله هذه المراسم من معاني تعبيرية ازاء حرية الرأي ومضامين دستورية تجاه الاحتكام لراى الاغلبية وما بين مصلحة الجموع وحرية التعبير يكمن ميزان العمل بالحياة الديموقراطية الذى ترجح فيه بعض المجتمعات مناخات الحرية عن مصلحة الجموع كما فى الولايات المتحدة بينما يثقل وزن مصلحة الجموع عن حرية التعبير عند المجتمعات الاخرى وهو ما يجسد تلك العلاقة القائمة بين التطلعات الشعبية والمقتضيات الموضوعية والاردن انما يقوم عبر هذه المراسم الملكية التى ترسم فى كل سنة برلمانية فى العبدلي بالتعبير عن هذه الحالة وبالتاكيد على هذه الصورة لتكون موجودة فى عقل ووجدان الجميع ان الدولة الاردنية احد ابرز عناوين الديموقراطية النيابية عبر هذا الربط الواصل بهذه المراسم بين القصر الملكى عنوان الارث التاريخي والموروث الديني والعماد الثورى وبين الحاضنة الشعبية التى يمثلها مجلس الامة فى العبدلى .
هيئة جلالة الملك وهى هيئة الحماية الدستورية وعنوان سيادة الدولة تدخل مجلس الامة عبر العبدلي بموكب من الجيش الاحمر مع افتتاح الدورة البرلمانية فى لباس العرش ليضفي جلالة الملك الشرعية الملكية على تلك الشرعية الشعبية البرلمانية التى تجسد الثابت الدستوري لنظام الحكم القائم على المعادلة النيابية الملكية بحيث تعطي الشرعية الملكية ومجلس الامة فى غرفتيه العينية والنيابية وضوح الصورة التى تؤكد على عمق نهج الدولة واصالتها .
ومن على هذه المنطلقات الفكرية عادة ما ياتي خطاب العرش السامي ليجلي الصورة ويوضح بوصلة الاتجاه ويرسم معالم الطريق لبيت القرار ياتي ذلك كله عبر خطاب توجيهي بصيغة بيان يصدر عن راس الدولة يحدد فيه جلالته السياسات العامة للسلطة التنفيذية التى يرأسها ويؤكد عبرها على ثوابت الدولة ويرسم من خلالها الاطار المنهجى لعمل حكومته التى تتحمل مسؤولية اقرارها وتنفيذ بنودها كما بقية المؤسسات التنفيذية فى اطار البرنامج العام للدولة، والاردن الذى اطلقت رسالته عبر منطلقات فكرية جامعة للهوية ولم تحدد اطره جغرافيا سياسية حرص دائما على تقديم نموذجه الرائد بالحرية والديموقراطية التى جاءت مع ادبيات نهجه وحاضنة فكره فى مضمون الثورة العربية الكبرى ورسالتها فان الاردن سيبقى يشكل منارة فكرية جامعة للفكر العربي ومرجعية راسخة للقيم والمبادىء الانسانية يعمل على تقديمها من خلال نموذجة الرائد ويحرص على تامين سلامتها بمؤسساته الامنية والعسكرية لتبقى الاردن تشكل واحة الامان ومركز الاستقرار فى المنطقة فان مئوية البيعة للنظام كانت قد سبقت مئوية ميلاد الدولة التى نحتفل بها بهذا العام بافتتاح الدورة العادية الاولى لمجلس الامة ،
وستبقى رسالة الاردن ترنو من اجل انجاز مشروع الهلال الخصيب الذى يجمع بين ملتقى البحرين فى دمياط الى ملتقى النهرين فى بغداد، وهو الشام العربي الذى عليه تتحقق عناوين التنمية بتشاركية كما تجسد طريق للنهضة بتعاضد بناء لذا فان العمل على ابراز رسالة الامة يمر من وحدتها التى من خلالها يبني العامل الذاتي الصلب القادر على مقاومة رياح التغيير الموضوعية مهما اشتدت عواصفها او حملت رياحها رياح طاردة او تجاذبات اقليمية تستهدف اختراق المجتمعات وتمزيقها فان تعظيم البناء الذاتي خير وسيلة دفاع عن الامة وقضيتها المركزية التى ستبقى يشكل حلها عنوان الاستقرار وبداية البناء الجديد .
واذ يقدم الاردن اليوم ، صورته النيابية الملكية ويجسد معانيها عبر هذه الاحتفالية فى المراسم الملكية التى تجوب العبدلي انما ليؤكد عن مدى قدرة الدولة بتجاوز كل المحن من واقع تقديرات سياسية صحيحة ونماذج اصلاحية مفيدة تسهم بصيانة مسيرة الاردن فى بناء المنجز باعادة توظيف قدراته، والأردن بذلك انما ليرسم صورة ملكية بالمعنى والمضمون تقوم على تعزيز مسيرة الدولة والمضي باعلاء ورسالتها.