أعتقد أنه ينطبق على معظم الحكومات ــ العربية ــ مصطلح ( تناسخ الارواح ) حيث تنتقل الروح من الجسد الفاني إلى جسد جديد واستمراية تنقلها ــ بمعنى أن الأجساد تتغير وتبقى الروح كما هي ، وتبعا لإسطورة تناسخ الأرواح فان هناك عدة مراحل لعملية التناسخ ( النسخ ) وهو انتقال الروح من جسد إنسان فاني إلى جسد انسان حي ، (المسخ ) هو اتنتقال الروح من جسد إنسان فاني إلى جسد حيوان كنوع من العقاب لإن روحه شريرة ،( الفسخ ) وهو اتنتقال الروح من جسد إنسان أو حيوان إلى النبات وهو أيضا من أنواع العقاب للروح لتحل في مرتبة أدنى من سابقتها ، ( الرسخ ) وهو رسوخ الروح من خلال سجنها كعقاب أبدي لهذه الروح الشريرة .
ما يهمنا من هذه التشبيه أن الحكومات عموما تتشابه في معظم صفاتها وقدراتها واليات عملها وانماط تفكيرها وقدرتها على التحليل والتركيب ، معظم الحكومات تكاد تكون أقرب إلى بعضها من حيث البلادة والبلاهة والعته وعدم المبالاة وحالة الجمود الفكري الذي يعتريها ، ولعل الشيء الأكثر تشابه هو تغليب المصلحة الشخصية على مصلحة الدولة والشعب ، لذلك يكاد يكون ( نسخ الارواح ) متوافق تماما مع كل وزارة جديدة أو تغيير أو تعديل وزاري ، ولا تغيير ــ أبدا ــ في أي مجال من مجالات الحياة ، بل يزداد الأمر سوء ، تدهور في كل القطاعات ، إزدياد حجم البطالة وتوسيع رقعة الفقر إلى أعلى مستوياتها ، ازدياد غلاء الاسعار وخاصة السلع الاساسية ، ازدياد نسبة البطاله لتصل إلى أكثر من نصف عدد السكان من الشباب ، إزدياد نسبة العنوسة وارتفاع معدلات الطلاق لعدم القدرة على توفير الحد الأدنى من متطلبات الاسرة ، إزدياد حالات الانتحار لعدم القدرة على تأمين رغيف الخبز ، كثرة أعداد الوفيات في المستشفيات لتدني المنظومة الصحية وقلة وجود الأجهزة والكفاءات وعدم توفر الدواء ، إزدياد شريحة مدمني وتجار المخدرات وانتشار الجريمة وامتهان السرقات ، تدني المستوى التعليمي وانتشار الأمية لعدم الاهتمام بإنشاء مدارس جديدة وعدم توافق المناهج ونقص عدد المعلمين ، عدم الاهتمام بالتخطيط لإعداد بنية تحتية قادرة على خدمة المواطنين وازدياد عدد السكان ، الارتفاع المجحف بأثمان المحروقات وارتفاع فاتورة المياه والكهرباء ،بيع مقدرات الوطن بأبخس الأثمان لسرقة عدة ملايين لجيوب الفاسدين ، إزدياد حجم الضرائب ــ وتحت مسميات كثيرة ــ لتحقيق المزيد من إفراغ جيوب الشعب تحت أي ذريعة أو قانون أو نظام ، تشريع واصدار قوانين رجعية لاجراء الانتخابات بما يتناسب مع الحكومات الفاسدة ، ... .
نحن ندرك تماما أن كل ما ورد من فساد خراب ودمار هو عمليات تراكمية وكل حكومة تأتي لتكمل مسيرة سابقتها في تحقيق المزيد من الفساد والدمار والخراب وإفقار الشعب .
وهنا تتشابه أرواح الحكومات بكل الصفات الشريرة الخبيثة الفاسدة ، وما يتغير على الشعب هو أجساد فقط ،أجساد تستر عريها ببدلات يكفي ثمنها لإنشاء عدة مدارس أو مستشفيات ، حكومات تمتلك رؤوس فارغة مربعة ومن أثمان عمليات التجميل فيها تبنى الملاعب والحدائق لأطفال الوطن ، رؤوس تمتلك مئات الأعين والآذان لتراقب كل حركة وتسمع كل همسة تصدر عن الشعب الغلبان ، رؤوس لدها أفوه كأبار النفط الفارغة تبتلع كل الكائنات ، وأجساد تمتلك مئات الأيدي لتسرق من كل مكان تستطيع الوصول إليه وتنتزع اللقمة من أفواه الشعب .
كان من المنطقي ــ حسب اسطورة نسخ الارواح ــ أن تنتقل الارواح لتصل لمرحلة ( المسخ ) لتحل الارواح في أجساد الحيوانات عقاب لها وعلى ما اقترفته من شرور وآثام جراء تسلطها على رقاب الشعب ، وتبقى حكمة الله في بقاء الارواح تتنقل وتتنطنط من جسد فان نتن لتحل في جسد حي يمتلك صغة النتانة ، هي حكمة الله ــ ربما ليزيد في أعمارهم لارتكاب المزيد والمزيد من الشرور والآثام ــ وستبقى حكمة الله قائمة وعند الله تجتمع الخصوم ...