لم يكن أكثر المحللين تفاؤلاً يتوقع أن تصل رياح الثورات العربية إلى ليبيا بهذه السرعة، ولا يختلف اثنان على أن حجم القمع والبطش والتجهيل لدى النظام الليبي قد فاق حدود المنطق في بعض الأحيان وهو الأمر الذي جعل من اندلاع الثورة في ليبيا بعد مصر مباشرة أمراً مستبعداً.
ولن أخفي سراً إذا ما قلت أنني كنت من أشد المتحمسين لهذه الثورة خاصة وأنها بدأت بشكل عفوي وسلمي وامتدت كالنار في الهشيم إلى معظم المناطق الليبية بما فيها قلب العاصمة طرابلس وبسرعة جنونية ودون استخدام السلاح في معظم الأحيان.
الآن ، وبعد مرور ثلاثة أشهر ونيف على اندلاع هذه الثورة، وبعد مد وجزر أشبه بلعبة الأفعى، بات من الضروري أن أقف وأعيد قراءة المشهد بعيداً عن تأثيرات الخبير العسكري صفوت الزيات والمعارض الليبي محمود شمام والمنظر العروبي عزمي بشارة، ولذلك سأضع هنا بعض الملاحظات " الغبية " التي خرجت بها من وقفتي العظيمة :
1_ وصل حد التعاطف مع الثورة الليبية إلى درجة أن بعضنا – وبخاصة محللي قناة الجزيرة – أخذ ينظّر للتدخل العسكري في ليبيا، وأتذكر كيف تم جرنا من مربع إلى آخر بذكاء تحسد عليه هذه القناة، ففي البداية تم الإيحاء لنا بضرورة إصدار قرار من مجلس الأمن لحظر الطيران، وذلك لسحب الأفضلية من قوات القذافي، لتتطور المسألة لتصبح عملية قصف مواقع مستودعات الأسلحة والذخيرة ، لننتقل بعدها إلى ضرب قوات القذافي نفسها ، وتتطور المسألة أكثر فيتم ضرب المنشآت المدنية تحت ذريعة القضاء على القذافي، وبالتأكيد كل هذا تم في ظل رضا شعبي عربي استطاعت قناة الجزيرة بمحلليها وجوقة معارضيها الليبيين أن تسوّقه – بكل جدارة -.
2_ قيام المتظاهرين الليبيين في بنغازي برفع العلم الأمريكي تحية لجون ماكين – نائب الرئيس جورج بوش سابقاً والسيناتور الحالي – الذي كان يقوم بزيارة لبنغازي، ما يدلل على حجم التجهيل المتواصل لهذا الشعب الذي أراد الخلاص من تجهيل القذافي ليقع في تجهيل " الرأي والرأي الآخر ".
3_ وجه الشبه الغريب ما بين حامد كرزاي ومصطفى عبد الجليل، ولا أدري ما هي الصدفة الغريبة – أو الغربية – التي خلقت هذا الشبه؟؟!!!!
4_ قيادة الفرنسي الصهيوني برنارد هنري ليفي لعمليات الدعم للمجلس الوطني الانتقالي واتخاذه من بنغازي مقراً له، إضافة إلى قيامه بدور الوساطة مابين المجلس الانتقالي والكيان الصهيوني .
أعرف أن ملاحظاتي غبية جداً، وأنني سأتهم بالانحياز للقائد معمر والولاء للزنقة والحارة والدار، وأجزم بأن البعض سيعتبر أن هذه المقال هي دفاع مبطن عن النظام السوري، وآخرون سيعتبرونني خرجت عن مبادىء الحرية والديمقراطية بعدم الانحياز للجزيرة – أقصد للمجلس الانتقالي - .
أتفهم كل ما سيقال، ولكن عزائي الوحيد هو أنها ملاحظات قمت بتصنيفها مسبقاً كملاحظات غبية،
وأعدكم بأن أبقى وفياً لقناة الجزيرة ومصطفى عبد الجليل والسيد برنارد ليفي ... والله من وراء القصد.
فاخر دعاس