أ.د.محمد ماجد الدَّخيّل - ارتبطت الشجاعة بمفهوم البطولة عبر التاريخ الطويل ، والشجاعة تصنع البطولة في شتى المجالات والعكس بالعكس ، فحينما أطلق دولة الرفاعي مشروع التحديث السياسي الذي احتوى سلة التعديلات الدستورية الثلاثين مادة دستورية ، وقانوني الانتخاب والأحزاب ،وتمكين الشباب والمرأة كأساس مهم في توسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار ،مع الأسباب الموجبة لها ، بتقديري هي شجاعة ترافقها البطولة كمفهوم في القاعدة السياسية والاجتماعية والثقافية، رغم أنها هذه مهمة الإعلام الرسمي في نقل الرسائل الهادفة في تشجيع الناس وتحفيزهم على فعل المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وصناعته وآدابه .
وكما أرى أن دولة الرفاعي يسعى إلى توضيح هذه جملة التحديثات السياسية على شاكلة الدفاع عنها ، رغم أن هذه المسؤولية ستكون من مسؤوليات الحكومة أمام مجلس النواب قريبًا ، فهو يسعى إلى توسيع دائرة حواراته مع قطاعات واسعة من مجتمعنا الأردني ، وبخاصة قطاع الشباب العريض ، وبالذات طلبة الجامعات الأردنية ومعاهدها وكلياتها ؛لأنّ الشباب محط اهتمام جلالة الملك أولاً ، وثانياً لأنهم هم أكبر قطاع وطني تستهدفه سلة التوصيات ومخرجات اللجنة الملكية ،وثالثاً فإنّ دولته يرى مستقبل الوطن ونهضته ورفعته وتقدّمه بيد الشباب الأردني ،فلذلك دعا من منبر جامعة اليرموك إلى إعطاء الشباب الفرصة الكاملة في المشاركة الفاعلة والفعلية في الإنخراط بالعمل الحزبي البرامجي ،ومنحهم كامل الحرية والديموقراطية في التعبير عن توجهاتهم وأفكارهم ومواقفهم ورؤاهم وعدم المساس بهذه المساحة الديمقراطية المسموحة ضمن سيادة القانون واحترام الرأي والرأي الآخر وتبادل الآراء والمنطلقات الفكرية وتعددها ؛لأن مخرجات اللجنة الملكية وتوصياتها الموقرة دعت إلى هذه المساحة دون اعتراضها أو التضييق عليها ؛ ولاستيعاب الفكرة السياسية وفهمها كي يسهل تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع بآليات التدرج والتدريج .
إنّ الهدف الأسمى والسامي من مخرجات اللجنة الملكية وتوصياتها هو مصلحة للوطن والمواطن ،وليس غير ذلك ،فصون الهدف ضروري والدفاع المستميت لأجله أكثر ضرورة في هذه المرحلة الدقيقة .
ومن المسائل الوطنية التي تخص قطاع الشباب "امتحان الثانوية العامة " وبما أن دولة الرفاعي صرّح بعدم قناعته و رضاه عن آلياته ومجرياته فإنني أستشف بأن دولته يمتلك رؤية وطنية حقيقية له ،أو يمتلك مشروعاً وطنيًا يخصّ امتحان التوجيهي يواكب متطلبات العصر من جهة ، ويبعد عن الشباب وذويهم كابوس الامتحان وتبعاته النفسية والوجدانية والمادية وتكاليفه من جهة أخرى ،في الوقت الذي لم تُطرح أفكاراً تطويرية تحديثية حوله منذ عقود من الزمن ،اللهم عقدهُ مرة في نهاية كل فصل دراسي ، ومرة واحدة في نهاية العام الدراسي فقط .
إنّ دولة الرفاعي لن يقف عند حدٍ واحد من الحوارات الميدانية ،فهو كعادته منذ أكثر من عقد ،يؤمن باستراتيجية الحوار وملكة النقاش الحر التي تستند على توضيحات وشروحات وتفسيرات وتأويلات ونقاشات لكل قرار يتخذه أو لكل مهمة وطنية ينجزها ، ولم تكن توضيحاته وشروحاته وتفسيراته وتأويلاته ونقاشاته حادة ومستفزة وعصبية المزاج ،إنما على قاعدة استعاب الآخر واحترام ثقافته وتوجهاته ،ولم تأتي إلا من خلال لقاءاته الوجاهية الميدانية ،ولم تكن من وراء حجاب أو قناع ،وهذا ما يحتاجه الناس ويتوقون إليه بشغف ،ويتأملون له بترقب وترصد ؛لأن الصمت يجلب الإشاعات الضالة وحديث الإفك والشك والريبة والظن ، والناس يرغبون هذه الاستراتيجية حتى لا يسمعوا التحليلات والأخبار من جهات مغرضة خارجية النطق والمنطق والفلسفة .
دولة الرفاعي حديثه الوطني متجدد باستمرار ، يقدّم الأفكار الجديدة من أبواب النصيحة والوطنية والمواطنة الحقيقية ، رغم أن هذه الأفكار مشحونة بثقافات الحوار والتشاركية الحقيقية بين المواطن والمسؤول كي تبقى أواصر الثقة كبيرة ،ومحملة بأمتعة كبيرة تصب في مصلحة الشباب في الحضور النيابي البرلماني وحصوله على مكاسب سياسية وتعليمية في نهاية المرحلة الثانوية ،التي تُعدُّ مصيرية ،وكذلك دعوته لنيل حقوق الأردنية التي حُرمت من التمثيل النيابي ردحاً من الزمن عبر التحوّل الديمقراطي المنتظر وفق القوانين والانظمة والتشريعات الخاصة بالتحديث السياسي الذي حقق نجاحاً غير مسبوق بجهود دولة الرفاعي الذي لم ينم لأيام بعد تلقيه رسالة التكليف الملكية السامية ،فكان على قدر المسؤولية الكبرى .
ختاماً ،سنجد دولته في كل أرجاء الوطن ،وهذا رأيي، شارحاً مفسراً موضحاً مناقشاً مفصِلاً بكل شجاعة وبطولة غير مسبوقة .