أرسله مختار القرية إلى العاصمة ليسترق له الأخبار والمستجدات المنوي عملها في القرية ، فلاح ابن الربع قرن من عمره هو مندوب المختار في العاصمة وابن أخته في نفس الوقت، وقد وعده المختار بوظيفة تليق به في القرية ... لكن فلاح عنده مشكلة بسيطة فهو يشتكي من قلة السمع يعني سمعه خفيف (على قده) ... وأثناء تجوال فلاح بين المكاتب في الوزارات والدوائر الحكومية و الخدمية سمع بأن الحكومة بصدد عمل مشروع سكة قطار تمر من قرية فلاح لتربط مع دولة مجاورة ... فلاح ما صَدّق خبر وانطلق على المختار وبلّغه بموضوع سكة القطار اللي رح تمر من القرية ... وعلى الفور قام المختار بدعوة أعضاء المخترة ووجهاء البلدة ، وقام خاطباً بهم قائلاً : بحمد الله وكرمه وبعد جهد جهيد وزيارات عدة للمسؤولين في العاصمة وبعد تقديم مطالب القرية واحتياجاتها من قبلي ، تمت الموافقة على إنشاء سكة حديد تمر من أراضي بلدتنا مما ستنتعش حركة التجارة في جميع المجالات وسترتفع أسعار أراضي القرية وخاصة المجاورة لسكة القطار ، وسيدفن أهل القرية الفقر ويصبحوا من أصحاب رؤوس الأموال ... وقف الحضور وصفقوا للمختار وأثنوا عليه بالشكر والعرفان ، وبدأت الصفحات ومواقع التواصل وحديث الناس والشارع يتصدر انجازات المختار وكفاحه من أجل تطوير قريته ...
مرت الأيام والشهور وأهل القرية ينتظروا سكة القطار وكلما سألوا المختار أجاب : اليوم حكى معي الوزير الفلاني وقال : إذا مش الشهر الجاي ، الشهر اللي بعده ,,, مرت سنة وسنتين وأكثر ولم يظهر لسكة الحديد أثر ...وبقي الناس على أمل ما بين وعود المختار والانتظار القاتل ... حتى أن المختار نفسه أصابه الملل ، فذهب بنفسه وأخذ معه فلاح ليدله على الموقع الذي سمع فيه عن مشروع سكة القطار ، ولما دخلوا على المكان وسألوا الموظف عن سكة القطار ضحك الموظف وقال : لم يُدرج منذ سنوات عدة مثل هكذا مشروع ، وبعد البحث في الأوراق بتاريخ زيارة فلاح تبين أن المشروع المنوي تنفيذه هو صيانة طريق المطار في المدينة وليس سكة قطار في القرية وقد نسي المختار بأن فلاح يشتكي من قلة السمع وأنه سمع المعلومة بالشكل الخطأ...فرجع المختار وفلاح إلى القرية وكأن على رؤوسهم الطير من الخيبة ...
نقول: أن هناك أناس يسترقون الأخبار ويضعوا أنفسهم في الواجهة ليتصدروا المشهد على الساحة الاجتماعية للوصول إلى غايتهم دون عناء ، مثل فلاح والمختار مع سكة القطار ... وصدق من قال : ( في زمن الخداع يكون قول الحقيقة عملاً ثورياً ) ... والله يا عمي بهذا الوقت ما ضل هبايل ينضحك عليهم، الكل عارف الصحيح ...