رؤية الشباب وهم يمدّون سواعدهم للمساهمة في بناء الوطن عملا لا قولا، ورؤية جلالة الملك وهو يقف معهم مشجعا وداعما، ومساندا، ومكرّما، مشهد لا يمكن تجاهله، أو المرور عنه بقراءات سريعة نرى فيها سطورا وكلمات لا تمنح هذه التفاصيل حقّها بعمق الحدث وثراء التفاصيل التي تحكي أعمق من أن تُقرأ بسرعة المتصفّح لأوراق وأفكار عادية، ونمطية، ففي مثل هذه المشاهد يجب أن تبحث وتُقرأ بحجم عمقها وأهميتها.
أمس الأول، حيث رعى جلالة الملك عبدالله الثاني، احتفال صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية بمناسبة مرور 20 عاماً على تأسيسه، الذي أقيم تحت شعار «رؤية ملك»، هناك معان غاية في الأهمية، وأفكار تحتاج قراءات متعددة، ففي شعار الاحتفال ألف رسالة ورسالة، وفي تفاصيله ثراء فكري يتطلب وقفات بحثية وتدقيق، كون هذا الاحتفال تجسدت به تفاصيل مساهمات شبابية في بناء الوطن، ودعم ومساندة وتكريم جلالة الملك الذي لم يبتعد الشباب يوما عن أجندة جلالته واهتماماته.
جلالة الملك وفي حديثه بكل روح شبابية وبكل شفافية مع مجموعات شبابية استفادت من برامج الصندوق، ومتابعة جلالته لأبرز إنجازاتها ومشاريعها ومشاركاتها خلال السنوات الماضية، استمع جلالته إلى أفكار الشباب ومقترحاتهم، متبادلا معهم الحديث بشكل مثالي يعزز ويؤكد أن جلالته أب وأخ لهم، باثّا في نفوس الشباب سواء من كان في الاحتفال وكل الشباب الأردني حالة من التفاؤل الكبيرة، وحالة من الحثّ على العمل والانجاز اضافة لتوجيه رسالة هامة بمنح الشباب كل الفرص الممكنة للمساهمة في بناء الوطن، في ظل ما رأى جلالته من مشاريع هامة تضع الأردن في اماكن متقدمة عالميا بمجالات علمية متعددة.
وعندما خاطب جلالته الشباب بقوله «أنتم سلاحنا»، «ودوركم مهم وصوتكم سيساعد كثيرا في عملية التحديث وتغيير الثقافة تجاه الإصلاح السياسي»، فقد أسس جلالته لحالة سياسية اصلاحية نموذجية بأن يكون الشباب بشكل عملي شركاء في عملية التحديث وتغيير الثقافة لنصل للإصلاح السياسي النموذجي، فالشباب هم السلاح الذي تدخل به المملكة مئويتها الثانية، بفكر مختلف متجدد، واع مثقف، برؤى ملكية ترى في الشباب سلاحا لثورتنا البيضاء التي نلج بها مئوية ثانية من عمر الدولة الأردنية.
ومن جديد يؤشّر جلالة الملك خلال لقائه مع الشباب لأهمية الإصلاح السياسي، على أن تتجسد التكاملية في مسارات الاصلاح سياسيا واقتصاديا واداريا، مع تأكيدات جلالته على «أن تحسين الوضع الاقتصادي وتقوية الطبقة الوسطى سيسرعان الإصلاح السياسي، الذي يمضي الأردن به بقوة، ويتطلب نجاحه دورا بارزا للشباب والمرأة». نعم تأكيدات ملكية جديدة بضرورة تكاملية الاصلاح، يقابلها تأكيدات بأن نجاح ذلك يتطلب منح الشباب والمرأة دورا في هذه المسيرة، ليمنح جلالته مشهد الاحتفال أمس الأول مزيدا من الأهمية، وضرورة الوقوف على تفاصيل ما حدث بقراءات متعددة تؤخذ منها خطوات تنفيذية لقادم الأيام في التعامل مع الشباب والاصلاح، وكذلك في منح فئة الشباب الكثير من التفاؤل والأهم وربما الأهم الثقة بالنفس أنهم صنّاع مستقبل بل سلاح الوطن لصناعة المستقبل وفق رؤى جلالة الملك.
وفي إشارة عبقرية لأهمية الشباب وكذلك المرأة قال جلالة الملك «أن الهدف هو تحقيق نقلة نوعية في الحياة السياسية، ومنح دور أكبر للشباب والمرأة في عملية صنع القرار، ما يتطلب مشاركتهم الفاعلة في العمل الحزبي البرامجي، الذي نتطلع أن يكون ممثلا لليمين والوسط واليسار»، هي خارطة عمل سياسية لواقع ايجابي مختلف جذريا عن ما نراه اليوم في الواقع السياسي، إذ يؤشّر جلالته لأقطاب سياسية «يمين، ووسط ويسار»، واضعا محددات لصيغة سياسية مثالية في تطبيقها جوهر للإصلاح السياسي الذي يطمح له الجميع، ويأمله.
يوم الاثنين، كان يوما شبابيا بامتياز، بدا فيه الشباب كالبذور المخفية لزهور وثمار المستقبل المليء بالاختلاف الايجابي سياسيا واقتصاديا وادرايا، حاملين بقدسية الأداء والخطى حاضرنا لمستقبل ثري بالانجاز، بدعم ملكي ومساندة، وتفعيل دورهم وتمكينهم من المساهمة في مسيرة البناء والتنمية، بصيغ عملية، ومسؤولية وضعها جلالة الملك أمام الشباب وصانعي القرار على اختلاف مواقعهم، يوم أخذ مكانة كبيرة في نفوس الشباب الأردني بكل بقعة في المملكة، ومنح الشباب ثقة بأنهم سلاح الوطن لمستقبل مليء بالايجابية.