كان الفيلسوف الفرنسي «اتيان تاسان» تحدث عن فشل السياسة في كتاب صدر له عام 2013 ومؤدى الفشل مُسقط على توقيت صدور الكتاب الذي صاحب حركات التغيير التي ضربت المنطقة العربية تحديداً فيما سمي بالربيع العربي، ومع أن «أتيان تاسان» انشغل في كتابه بالتركيز على النظام الديمقراطي الغربي وضحاياه والتي أرسى أصولها المسرح الإغريقي جعلت الفكرة الذائعة «شؤم العيش في الجماعة رائجة».
هنا نتذكر أنّ الفيسلوف الفرنسي «موريس مرلو» قد تحدث أيضاً عن تعذر الوصول إلى حل موفق لمشكلة الانقسام والتنازع الذي يشهده كل مجتمع، والذي وجدت السياسة لموجهته أو حل معضلاته، لكنها لم تحلها.
ليست المسألة جديدة هنا، ناقش الفيلسوف الالماني جزءا من ذلك في مسألة الاستلاب الهيغلي، وذات الفكرة كانت عند ماركس ثم سارتر، كان الحديث عن الشؤم بالعيش في ظلال الجماعة مطروحا.
يتميز كتاب تاسان بافضائه بعد نقاش كبير إلى حكم قطعي على الساسة عموماً، وعلى السياسة الديمقراطية على وجه التخصيص بالفشل المحتوم، ولا يعني الفشل هنا الاستغناء عن السياسة، وفي الحديث عن فشل السياسة تحدث تاسان عن فشل الثورات الذي يبدو محتوماً عنده. والأمثلة اليوم كثير في إيران الخمينية وفي ثورات الربيع العربي وما أدت به إلى مصائر متناقضة ومعقدة حتى اليوم.
إنّ الرهان اليوم على إحداث تحول في السياسة كبير، لكن التعويل على الجمهور كمغير ومحدث للتغيير أيضًا يبدو أمراً بائسا وغير مقبول، إذا اثبتت مسيرة عقد الربيع العربي قدرة الدولة عبر مؤسساتها في تحقيق التغيير أكثر من قدرة الجماهير والاحزاب والحركات الاجتماعية.
لدينا اليوم واقع عربي يقول بأن مؤسسات الدولة هي صانعة التغيير المنضبط بايقاعها المحافظ الذي يرفض التغيرات الراديكالية، وينبذ أي انعطافات مفاجئة غير محسوبة النتائج، ولهذا سيكون عسيرًا إحداث تغييرات هيكلية سياسية باثر مطالب الجمهور، فهناك تحسب كبير من المغامرة من جديد بمنح الجمهور نشوة الانتصار.
عربيًا، لا شك أن الربيع العربي واجهته سياسات رافضة وثورات مضادة، حالت دون الاكتمال، والمهم اليوم التفكير في حلول السياسة التي تمنح الجميع امكانية التعبير عن خيار الديمقراطية كحل. وهو حلّ متعذر النجاح حتى الآن ويجري الالتفاف عليه.