منذ أن شاهدت الدكتور محمد نوح على قناة نورمينا و قناة اقرأ وأنا أسأل نفسي عن اليوم الذي سيتمكن به أبناء الأردن من متابعة هذا العالم الفذ على قناتنا الوطنية الأردنية؛ وها هو الآن يطل علينا ببرنامجه المتوازن (الميزان) والذي اخذ بشغاف القلوب و الدليل على ذلك كثرة المكالمات التلفونية التي تترحم على سماحة والد الدكتور، و تثني على خلقه و تنشد الحقيقة من الدكتور العالم. لست هنا للإطراء على الدكتور محمد رغم محبتي له دون أن أراه شخصياً و إن كنت تواصلت معه تلفونياً من قبل معزياً بوفاة فقيد الأمة الإسلامية سماحة الشيخ نوح، إلا أنني هنا للحديث عنه من الجوانب التالية: بره بوالده المرحوم، و نبرة التفاؤل التي تغلب عليه، ومواضيعه التي يتطرق اليها و التي لا يلتفت اليها الا القليل من أصحاب الفضيلة، وحبه لبلده الأردن الذي لا يخجل من البوح به.
لا يترك الشيخ مناسبة الا ويذكر فيها والده المرحوم وينزله المنزلة التي يستحقها رحمه الله فلم اسمع أنه قال ( سمعت من الوالد) ولكنه يحرص على أن يقول سمعت من سماحة الشيخ أو سماحة الوالد المفتي, واليوم ببرنامجه (المجاهدون) سمعته يقول لدى حديثه عن الجهاد سمعت من سيدي الشيخ نوح. فهو ابن بار بوالده كوالد، ولا ينكر فضله كعالم ومنزلته كمفتي. من هنا أراه العالم الجليل الذي ينسب الفضل لأهله. وهنا يظهر لنا الدكتور كقدوة في كيفية التحدث على والدينا.
كذلك تغلب على كل طروحات فضيلة الدكتور نبرة التفاؤل؛ فمن سمعه يتخيل الجنة قاب قوسين أو أدنى، رغم أنه يذكّرنا بشروطها وكيفية الحصول على المراتب العليا ولكنه يذكرها من منطلق انها صفات لدى كل واحد منا. ومن هنا يتبع قول المصطفى بشروا ولا تنفروا. وهو بهذا الطرح يكون بمصاف العلماء المبشرين الميسرين على هذه الأمة. وفي حلقة اليوم (المجاهدون) أجاب على سؤال عن عدة المرأة التي يتوفى زوجها؛ فإذا هي يسيرة سهلة وليست معقدة. بهذا يكون الدكتور محمد يختلف عن الكثير من العلماء ( وخاصة علماء الأشرطة) الذين يرون غالبية الناس من أهل النار. ولا يخفى عليكم تأثير التيسير والتبشير على النفس البشرية. فعندما تسمع عن قربك من الجنة تسعى اليها وتحث الخطى, وعندما تعرف انك تمتلك وسائل الدخول اليها تستعملها. ففي علم التربية علينا ان نجد مفاتيح النفس البشرية للدخول اليها لتحقيق الهدف المنشود.
وتشكل المواضيع التي يتطرق اليها – وهي ما يميز برنامجه على التلفزيون الأردني - جزءاً مهما من حياتنا اليومية؛ وأذكر أن الحلقة الأولى كانت عن المال العام وهي النقطة التي يغفل عنها الكثير من الموظفين، إضافة الى سلسلة المواضيع الأخرى. فالشيخ لم يتطرق أبدا الى مواضيع فقهية تخصصية، لأن الناس قد سمعوا منها الكثير، ولكن الناس بحاجة لمن ينبهمم الى ما تحتويه حياتهم اليومية من مفاصل مهمة بحاجة للتعزيز والتصحيح, ولن أنسى أبداً حلقته التي خصصها لأحداث الداخلية، فكان كلامه كالبلسم.
وهو ابن الأردن الذي يهتم بأمره دون أن ينقص من علمه شيئاً أو عالمية نظرته الإسلامية؛ ففي حلقة (المجاهدون) التي خصصها للجيش قال ( اذا شفت عسكري على الطريق أحمله معك بسيارتك) شعرت بكمية من الحنان والعطف على إخواننا المجاهدين، وحذرنا من الالتفات الى من يشكك بانجازات البلد وقوة الجيش.
الشيخ الدكتور محمد لا يتردد في اعطاء تلفونه وموقعه ويتواصل مع الناس على الفيس بوك، فهو غير منغلق على نفسه و لا يعيش ببرج عاجي تنتهي علاقته بمشاهديه بمجرد انتهاء البرنامج. لهذا أرى اننا بحاجة لمثل الدكتور محمد نوح عالماً متميزاً ، مبشراً ميسراً وباراً بوالدية. فكان حقا خير خلف لخير سلف.
دكتور محمد : رحم الله والدكم سماحة الدكتور نوح القضاة وأسكنه فسيح جنانه وهنيئا له بك كابن بار به لا تقطع الدعاء له وعالم ينتفع به كل من سمعه.
بارك الله بك يا شيخنا ونفعنا و المسلمين بعلمك وفقهك.
alkhatatbeh@hotmail.com
alkhatatbah.maktoobblog.com