زاد الاردن الاخباري -
طارق ديلواني - يُعد امتلاك شقة سكنية بمثابة حلم الأردنيين الأوحد، بعد سنوات من شقائهم، أو اغترابهم في المهجر، لكن هذا الحلم تراجع كثيراً في السنوات الماضية بفعل انخفاض الدخل والقدرة الشرائية وجائحة كورونا التي فاقمت التراجع الاقتصادي والمعيشي في المملكة.
وعلى الرغم من بلوغ عدد الأسر التي تمتلك مسكنها نحو 62 في المئة، يبدو واضحاً عزوف الكثيرين عن اللجوء إلى شراء العقار، باعتباره أحد مكونات الادخار الرئيسة للأردنيين سابقاً.
ويقدر عدد المساكن في الأردن بنحو مليونين و300 ألف مسكن 45 في المئة منها في العاصمة، فيما تبلغ نسبة الشقق نحو 83 في المئة منها، وتتراوح قيمة الإيجارات بين 200 و400 دولار شهرياً، ويبلغ متوسط دخل الأسرة الأردنية ما بين 400 و600 دولار شهرياً.
تراجع عقاري
يرصد الكاتب المتخصص بالشأن الاقتصادي، سلامة درعاوي، تراجعاً في قطاع العقارات من حيث الضريبة المتحصلة عن عمليات البيع بواقع 49 مليون دولار، وهو ما يحدث منذ ثلاث سنوات متتالية.
وعلى الرغم من تفاؤل الحكومة بحركة نشطة ونمو يقارب نسبة 31 في المئة في هذا القطاع الذي يعد أحد أبرز القطاعات المتضررة من جائحة كورونا، يرى درعاوي، "أن التراجع الذي شهده هذا العام، وتتجاوز نسبته 25 في المئة، هو نتاج سنوات، وتحديداً منذ عام 2001، ولأسباب متعددة، أبرزها وصول أسعار العقار في الأردن إلى مستويات عالية جداً تفوق حد المعقول، بخاصة فيما يتعلق بالأراضي"، مشيراً إلى "ارتفاع جنوني لأسعار الشقق على الرغم حالة الركود الشديدة".
ومن بين الأسباب التي يوردها درعاوي تراجع القوة الشرائية للمواطنين، مع ثبات الدخل لشريحة واسعة من المجتمع، وتحديداً القطاع العام، فضلاً عن توقف كثير من البنوك عن تقديم التسهيلات المصرفية.
تعافٍ محدود
لكن الحكومة الأردنية تقول إن "حركة بيع العقار في الأردن ارتفعت خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2021 بنسبة بلغت 37 في المئة مقارنة بعام 2020".
ووفقاً لدائرة الأراضي والمساحة، فإن "مبيعات الشقق ارتفعت بنسبة 23 في المئة، كما ارتفعت مبيعات الأراضي بنسبة 42 في المئة، فيما ارتفع حجم التداول في سوق العقار الأردنية على الرغم من استمرار تداعيات جائحة كورونا على المملكة".
وتعزو الحكومة هذا الارتفاع إلى إجراءاتها التحفيزية كرفع قيمة الإعفاءات التي استفاد منها التجار والمواطنون على حد سواء، وهو ما انعكس في المقابل على ارتفاع القيمة التقديرية لمبيعات غير الأردنيين.
ارتفاع في الأسعار
في حين يقول مراقبون، إن "الأرقام الحكومية لا تعدو كونها حبراً على ورق، حيث تكفي جولة واحدة في شوارع العاصمة وسوق العقارات للاطلاع على حجم الركود في هذا القطاع، إذ تنتصب مبانٍ عديدة في أحياء عمان بشققها دون أن تجد مُشترين".
من بين هؤلاء رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان، كمال العواملة، الذي يتحدث عن تضرر قطاع العقارات منذ 5 سنوات، ولم يقتصر على انتشار جائحة كورونا، مرجعاً ذلك إلى نظام الأبنية والتنظيم وتغول المقاولين، ما أدى إلى تقليل المعروض من الشقق السكنية وارتفاع أسعارها.
ويقول مستثمرون في قطاع الإسكان "إن شروط القروض السكنية للبنوك باتت صعبة، ولا تشجع على الشراء، حيث لم يتجاوز عدد الشقق المشتراة العام الماضي عن 29 ألف شقة أغلبها من قبل الأردنيين في الخارج".
وتقدر قيمة الارتفاع في أسعار الشقق في الأردن بنحو 4 آلاف دولار لكل شقة، بسبب ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت وارتفاع رسوم دائرة الأراضي، ما يهدد حلم أغلب الأردنيين بتملك شقة العمر خاصة المقبلين على الزواج والشباب.
الأكثر تضرراً من كورونا
يشار إلى أن قطاع العقارات في الأردن من بين القطاعات الأكثر تضرراً من جائحة كورونا، حيث خسر في 2020 نحو 1.4 مليار دولار.
وسجلت دائرة الأراضي والمساحة انخفاضاً بنسبة 28 في المئة لتداولات العقارات في العام نفسه، ودار الحديث عن 32 ألف شقة فارغة خلال الجائحة، ومما فاقم أزمة هذا القطاع تفضيل كثير من الأردنيين امتلاك عقارات في دول أخرى كتركيا ومصر بدلاً من العقارات الأردنية.
"انديبنت عربية"