زاد الاردن الاخباري -
بقلم : نضال فيصل البطاينة - الناظر الى المشهد السياسي الاردني ، يجده مقسوما ما بين 4 تيارات تتباين في آرائها ووجهات نظرها السياسية وموقفها حول مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية .
ففي جعبة التيار الأول : نوايا تشكيك ، وعدمية سياسية .. و كلام مكشوف على الملاء يسيء الظن بكل ما هو مرتبط من قريب او بعيد بالاصلاح و التعددية السياسية ، وتقول ان ذلك مستحيلا و بعيد المنال .
اما التيار الثاني .. في معرض اطروحاتهم السياسية يتشابكون و يتقاطعون مع التيار الاول.. و يستدركون حتمية الاصلاح ، وان الاصلاح قادم لا محالة ، و لكنهم يقودن معركتهم السياسية على مبدأ " يا لعيب يا خريب " .او كما يقول المثل ايضا " تخرب بايدي و لا تعمر بإيدك " ، و هو صراحة منطق توحي به مواقف واراء لسياسيين كثر هاجموا لجنة الاصلاح لمجرد انهم ليسوا شركاء في قياداتها و عضويتها .
و التيار الثالث :صامت .. و الصمت لعين ، و لربما ان الصمت من اشد الموبقات السياسية في اوقات الضرورة الوطنية .. وبعيدا عن هذا السياق ، فهذا التيار الصامت لديه حسابات مواقف سياسية يبطن استغلالها و توظيفها في اوقات مناسبة لمصالحه ، وعما يبحث من اوراق قوة و ضغط على صناعة القرار .
و التيار الرابع : حملوا رايات مبادرة الاصلاح .. و ليس من عاقل سياسي اردني يمكن ان لا يعترف بأن اللجنة لم تقدم اجتهادات سياسية اصلاحية تقدمية ، و انتجت توصياتها في اطار من التشاور السياسي التنوعي و التعددي ، وقرعت ابواب لافكار سياسية كثيرة كانت مغلقة ومتمجدة وممنوع الاقتراب منها .
لاول مرة اكتب، وعن لجنة تحديث المنظومة السياسية .. و لاول مرة اعترض بالكتابة على الاصلاح وموقف النخب السياسية الاردنية .. و كنت اراقب و اتابع بعين وطنية حادقة حبا و خوفا على وطننا الاردني الغالي و الكبير كما يشاركني الكثيرين في ذلك .. و لكن ثمة ما اجبرني و دفعني لاكتب هذه السطور ، واوجه رسالة لتيارات النخب الاردنية (الا من رحم ربي).
و ما اعرفه ، و تجلى و اتضح و انكشف الى الاردنيين ان لجنة التحديث السياسي ولدت و حاورت و انتجت افكارا و توصيات سياسية بتوجيهات ملكية ثابتة وواضحة و راسخة و وقوية
لجنة التحديث السياسي لا يشوبها اي عيب و عورة .. و سياسيا ، في " طاولة الحوار" اهم شرط و معيار هو التمثيل للمكونات و المركبات و الفئات السياسية و الاجتماعية و الثقافية .. و في تشريح اللجنة فانها مثلت بعدالة و موضوعية وتوازن الاردن سياسيا ومجتمعيا.
وفي تكوين لجنة التحديث السياسي مثلت عاموديا و افقيا الاطر السياسية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار ، ومرورا بالاوساط السياسية والفكرية المعتدلة ، وكما ان التمثيل في اللجنة شمل قوى سياسية فتية ، و مكونات مثلت اطروحة الحراك الوليد و الحراكات الاجتماعية .
اردنيا ..ما هو مطلوب سياسيا ؟ اصلاح و تعددية و تشاركية ، و حكومة برلمانية و حزبية ،و تمثيل للشباب و المرأة وبرلمانات نكون راضين عنها .. و هي "الف باء" ابجديات اصلاحية متفق عليها سياسيا ، و لا يختلف حولها اي سياسي نيته صافية و مقاصده الوطنية صادقة .
وهنا ، لا اجد اكثر ضمانة و ثقة سياسية وطنية من الرسائل الملكية الواضحة والثابتة عن ملامح المرحلة المقبلة المرتبطة بالإصلاح السياسية وآخرها ما جاء بخطبة العرش في افتتاح الدورة الحالية لمجلس الامة والتي كانت قصيرة ومباشرة وموجهة وواثقة ..
وكما أنوه هنا للمشككين تحت بند ما أسموه الدولة العميقة الى مقطع رأيناه على شاشة التلفاز لم نعهده من قبل، لقد رأينا مدير المخابرات العامة على شاشة التلفزيون ، ويلتقي باعلاميين و يحاورهم حول الاصلاح السياسي و مخرجات لجنة التحديث السياسية ، و يبعث برسالة واضحة و حريصة وقوية .. ومفادها ان الدولة بكل مفاصلها جادة ومعنية في عملية الاصلاح و تحث المواطن على الانخراط في الحياة الحزبيةً.
و اقول .. لتيارات النخب السياسية الاردنية : الحردانه و المشككة و الرافضة و الصامتة .. ألم تجلسوا على طاولة جلالة الملك تزامنا مع انطلاق اعمال لجنة التحديث السياسي ؟ و ألم تكن هناك شبه تفاهمات لخارطة طريق اصلاحية تبدأ من لجنة التحديث السياسي ؟
ولكن للاسف.. انا اعرف و انتم تعرفون ، و تلك النخب تعرف ايضا .. ان العمل السياسي في الاردن اصابته عوارض الوشاية و النميمة ، و صالونات عمان نحرت السياسة و الاصلاح بقدر ما تنتج من حروب و صراعات ، و اشغال الرأي العام بقضايا وهمية ، و حرف مسار الاصلاح عن بوصلته ومقامه الصواب ، و الذي وضع بين يدي لجنة التحديث السياسي .
و لا اظن ان الراهن الاردني يسمح لمزيد من العبثية و العدمية السياسية .. و لا يسمح ايضا لبعض النخب بالاستمرار في اغتيال شخصيات وطنية رهنت عقولها وقلوبها من اجل الاردن ملكا ووطن و شعبا .
حقيقةأصاب بالصدمة ، لما اسمع من تصريحات فارغة .. و لا ادرى ماذا يريد اولئك الساسة المتهالكون و البائسون ؟ و الى اي وجهة يريدون ان يسير الاردن ؟ لا يملكون رأيا و قرارا و صوابا سياسيا ووصفات بديلة ، سوى هجوم و نحر و دحر لمنجز سياسي قويم وحكيم .
اقول ، ومن خبرتي السياسية المتواضعة .. اسمحوا لي بتقديم هذا النصح السريع .. اتركوا ايها المخاتير المئوية الثانية للشباب و الاجيال الواعدة و الصاعدة .. ارجوكم اتركوها لابناء المحافظات و الاطراف البعيدة في الشمال و الجنوب و البوادي و المخيمات والتي ستندمج في المرحلة القادمة.
و لا ادرى من اين تجلبون افكاركم الساخطة و القاسية والناقمة على الاردن و مسيرة تطوره وتقدمه و اصلاحه .. فيكفي ما ورثتم الدولة من ازمة اقتصادية و مديونية وعجز مالي ، و ازمة تنمية و بطالة و فقر مدقع ، و خراب وتردي في البنى التحتية ومؤسساتها (الا من رحم ربي مرة أخرى).
و اسمحوا لي بان اقدم لأعضاء اللجنة الملكية ورئيسها ، شكرا على هذه المخرجات التي قرأتها حرفا حرفا ، وشكرا على هذا التوافق الوطني التاريخي ..والى نواب الامة واعيانها اقول ، جودوا في المخرجات ما استطعتم ، فالكرة في ملعبكم الان .
و في فقه السياسة الاهم هو التطبيق ، و الاكثر اهمية هو الممكن و محاربة المستحيل .. و في كل القياسات الاردنية فان مخرجات لجنة التحديث واقعية وقابلة للتطبيق ولكن التطبيق يحتاج وقته .
و في سلسلة مقالات قادمة وستكون قليلة سوف اتطرق كمواطن أردني الى مسألة التطبيقات السياسية لما بعد توصيات لجنة التحديث السياسي .. ولنبدأ من الاحزاب و توصيفها و تعريفها ما بين التنظير و التطبيق السياسي .. و ما يلائم ويتطابق مع الواقع الاردني ، و كيف نعبر الى المئوية الثانية في برنامج ومشروع سياسي وطني في ظل قيادة جلالة الملك وولي العهد .
Elbatayneh.nedal@gmail.com