جلالته .. ثباتٌ على كُل المتغيرات " بإمتياز " ..!!
لقد شهدت الساحة الدولية والعربية والأردنية خلال العقد المنصرم العديد من التطورات السياسية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية .. وكان للأردن نصيباً لا يحسد عليه من التأثيرات السلبية على مجتمعه الناتجة عن هذه الأحداث .. ابتداءً من أحداث 11 أيلول 2001 ، ضربة في صميم الأمن القومي الأمريكي و التي أدت إلى ظهور مفهوم جديد على الساحة السياسية الدولية ضد الأمة العربية بصفة عامة والإسلامية بصفة خاصة ، أطلقت عليه الإدارة الأمريكية حينها " النظام العالمي الجديد " .. مما أعطاها الذريعة الأكيدة في إصدار مصطلح مناسباُ لها ولتوأمتها الصهيونية العالمية تحت مسمى " الإرهاب " ، دون التطرق إلى التفسير الواضح لهذا المصطلح ، ومن هو الإرهابي الذي يزعزع استقرار الأمم ، ومن هو المقاوم المسلوب الإرادة والحقوق الذي يدافع عن حقوقه الشرعية وحقوق أمته المستباحة ، حتى أصبحت الأمة الإسلامية والعربية هدفاً تحت هذا المسمى " الإرهاب " .. !!
ثم توالت الأحداث على المنطقة استهلالاً بأفغانستان والقضاء على " الإرهاب المزعوم " والمتمثل في تنظيم " القاعدة " ليبدأ مسلسل التوترات السياسية على المنطقة العربية والإسلامية بشكل عام أدت إلى نشوء الحصار والحرب على العراق وتجويع شعبه ، ليتطور المسلسل لمرحلة أكثر إيلاماً باحتلال العراق وما ترافق معه من تقتيل وتهجير قسري للعراقيين ، ليجد هذا الشعب المكلوم ، الأردن بقيادته وشعبه فاتحاً ذراعيه ليحتضن أشقائه العراقيين والفلسطينيين وغيرهم ممن كانوا يقيمون في العراق ، ويرفع عنهم ما يستطيع إليه سبيلاً مما وقع عليهم من ظلم وقهر، وتقديم كل احتياجاتهم الإنسانية والأمنية .. !!
ولم يسلم الأردن في خضم هذه الأحداث ، من محاولات عدة لزعزعة أمنه الداخلي في محاولات كان رب العزة سبحانه وتعالى ونشامى الوطن بقيادة مليكه المفدى لهم بالمرصاد ليجتث هذه التنظيمات " الإرهابية " من جذورها ، فباءت محاولاتهم في تدمير دائرة المخابرات العامة بالفشل .. ولم تسلم القطاعات الخاصة من الاستهداف ، فأحداث الفنادق التي راح ضحيتها العديد من أبناء هذا الوطن الأبرياء ، كان الهدف منها ، النيل من أمن واستقرار الأسرة الأردنية الواحدة وتماسكها .. لكن الصمود الأردني وعلى رأسهم صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني المعظم ، اثبت توازنه في كيفية التعامل مع هكذا أحداث ، التي أبداً لن تستطيع تلك الأنفس المريضة من دسّ سُمِّها بين هذا الشعب المتراص حول قيادته ليكون سداً منيعاً في وجه هؤلاء الخارجين عن قيّم ومبادئ الإسلام وكافة الأديان السماوية ومفاهيم الأخلاق الإنسانية ..!!
فتوالت الأحداث في المنطقة .. لتتجدد على الساحة اللبنانية عام 2006 م ، لكنها هذه المرة مع العدو الأبدي " الكيان الصهيوني " ، وما نتج عنها أيضاً هجرات بشرية باتجاه الأردن الذي أبداً لمّ ولن يصدّ أبواب الخير الهاشمي التي لن تنضب أبداً ، في وجه كافة الأشقاء العرب والمسلمين .. !!
أما ألحرب على غزة 2008/2009 .. تلك الحرب التي لا زالت دماء شهداءها لم تبرد بعد ، ولقد كان الموقف الأردني في هذه الحرب لا يحسد عليه ، فبات في حيرة من أمره ما بين معاهدة السلام مع الكيان الإسرائيلي ، أو الانفكاك من هذه الاتفاقية بطرد السفير الإسرائيلي ، استجابةً للعاطفة الشعبية العربية ، إلاّ أن القيادة الأردنية بمليكها ذو الرؤيا الثاقبة للأمور الصعاب وكيفية التعامل معها بعقلية ذاك الملك الشاب الذي تتلمذ في مدرسة أبناء هاشم الأطهار ، و بكافة الوسائل المتاحة ، استطاع أن يبقي الشريان المغذي للأخوة في غزة مفتوحاً على مصراعيه ،متجاوزاً كل العواطف ، فكانت أوامره الملكية متواصلة في توفير كل ما يلزم من غذاء ودواء والبعثة الطبية بمستشفاها الميداني ، ونقل دماء أبناء الأردن لتختلط بدماء أشقائهم من أبناء غزة .. ولم يتوانى جلالته أيضاً من سعيه السياسي المتواصل في كافة المحافل الدولية ، لنقل آلام هذا الشعب ورفع الاضطهاد الصهيوني عنه ..!!
وتستمر الأحداث المؤثرة على الوضع الأردني ، فالثورات الشعبية الأخيرة في بعض الدول العربية التي نهضت تطالب بحقوقها المهضومة منذ عقود ، أفرزتها أزمات اقتصادية داخلية وخارجية أدت إلى قيام هذه الثورات الشعبية المؤلمة ضد بعض الأنظمة وسياسات دولها ، وساعد في ذلك انهيار العديد من الأمبراطوريات الاقتصادية عبر العالم ..!!
إلاّ أن الأردن وبتوجيهات من جلالة مليكه المفدى استطاعت إلى الاحتفاظ بتماسك الشارع الأردني الأصيل ، والصمود في وجه هذا الطوفان الاقتصادي الذي لم تستطع دول كبلاى ذات موارد ضخمة من ردعه ..!!
ومما تقدم .. وفي ظل جبروت كل هذه الأعاصير الضارية .. لقد استبق جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم عبر السنوات الأثنى عشر الماضية التي تربع بها على العرش الهاشمي .. كل زعماء عصره ومن قبلهم ، بحنكةٍ ملكيةٍ سياسيةٍ عسكريةٍ واقتصادية ، وعلى كافة الأصعدة .. منها الداخلية ، في توفير الأمن والأمان لأبناء شعبه ، ورفع شأن هذا الوطن الكبير بعرشه الهاشمي وبرجالاته الأبرار ، إضافة إلى العلاقات الخارجية التي دأب جلالته إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة من أجل الوصول إلى حلول ترضي كافة الأطراف ..!!
فعلاً مولاي وبكل فخر .. لقد استطعتم منذ توليكم سلطاتكم الدستورية واعتلائكم العرش الهاشمي ، وبمباركة من رب العزة ، أن تتجاوزوا جبروت الطوفان وكل الأعاصير العاتية ، وثباتٌ على كُل المتغيرات " بإمتياز " ، وأخذتم بأيدي شعبكم والأمة العربية والإسلامية إلى بر الأمن والأمان ...!!
فدمتم لنا سيدي ولأمتنا العربية والإسلامية .. سنداً خيّراً معطاءً .. وسواعدكم البيضاء سيدي .. ستبقى منارات عز وفخار نتباهى بها ، وسنورث سيرتها العطرة لأبنائنا وأحفادنا ، ونغرسها في وجدانيات ذاكرتهم وذاكرتنا ..!!
وبمناسبة الذكرى الثانية عشر سيدي لتوليكم العرش الهاشمي .. إذ نرفع الأكف عالياً لله تعالى .. داعيين أن يسدد إلى طريق الخير خطاكم .. و يخصكم ببطانة خُلُقها خالصٌ لله الواحد القهار ، وانتمائها مجبولٌ بثرى هذا الوطن ، وولائها هاشميٌ لا يَقْبل القسمه إلاّ لجلالة عبدالله الثاني وأبو حسين الحاني ، وأن يعيد هذه المناسبة السعيدة على أردننا ، أردن الخير وهو ينعم بالرفاه ، وللقائد وشعبه بموفور الصحة والهناء ..!!
akoursalem@yahoo.com م . سالم أحمد عكور