على الرغم من توافر كل السبل التي تتيح للشباب التزود بمختلف المناحي الثقافيه ، من خلال الوسائل الإعلامية والمواقع الالكترونيه والمكتبات العامه المنتشرة في كل مكان ، علاوة على تدني أسعار الكتب في المعارض والمكتبات التجارية ، إلا أن إقبال الشباب على القراءة والتزود بالعلوم الثقافية المختلفة أصبح في تراجع ملحوظ لدى الغالبية منهم ، ويبدو أن من الأسباب الرئيسة التي أوصلتهم الى هذا المستوى هو الانغماس في التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي والبرامج الترفيهية التي تحتويها الهواتف الذكية ، والتي تجعل الشباب مهووسين بها الى درجة الإدمان وتعطيل الفكر والابداع .
ولأجل ذلك فإن الواقع الثقافي لدى كثير من شبابنا الأردني يشهد تراجعا عاما وبشكل متزايد ، حتى صار مؤثرا على سلوكياتهم ومنظومة القيم وأنماط التعبير لديهم ، والتي صارت تجنح بهم الى العنف وزيادة الإنفعال عند اتخاذ القرار وتشكل الآراء الخاطئة التي تقود أحيانا الى الجريمة والفساد .
وبسبب الإنصراف عن المصادر الثقافية الأصلية ، فقد تأثرت العقلية الاجتماعية عند البعض وانعدمت لدى الكثيرين ثقافة الحوار والثقافة الوطنية والسياسية ، وأصبح كثير من الشباب غير مكترثين بما يجري من حولهم ولا يأخذون بالعادات والتقاليد الاجتماعية الأصيلة ، حتى صار الصغير لا يحترم الكبير .
ومن نتائج ضعف الثقافة الوطنية ما حصل مؤخراً في الجناح الأردني بمعرض اكسبو دبي ، وقد سبق لي قبل عدة سنوات أن أجريت لقاءات متلفزه مع طلبة جامعاتنا الأردنية وسؤالهم عن بعض المناسبات الوطنية ومتى حدوثها ، كعيد الاستقلال والثورة العربية الكبرى وسنة تأسيس الإمارة الأردنية ومعركة الكرامه وتسمية الدول المحاددة للأردن وعن الحروب العربية الإسرائيلية، فكانت معظم الإجابات وللأسف خاطئة .
ومن هنا أرى أن المسئولية الرئيسة تقع على عاتق الأهل الذين لم يوجهوا أبناءهم بالشكل الصحيح ، وهي كذلك مسئولية المناهج التي تتناول بعضها موضوعات غير ضرورية وبعيدة عن الواقع ، إضافة الى أهمية ترسيخ الأخلاق والتزام الصدق والتعريف بالقيم الاجتماعية الصحيحة وزيادة التعريف بمؤسسات الوطن وقضاياه ، علاوة على تعميق ثقافة الحوار وتبادل الرأي واحترام الرأي الآخر ، والمحافظة على النظافة العامة في البيت والمدرسة والمؤسسة والشارع والحي .