بقلم المخرج محمد الجبور - صدرت اتفاقية سيداو عن الأمم المتحدة...المؤسسة الدولية التي حفلت أدبياتها بالخروج عن الأخلاق والقيم وليست القيم الإسلامية فحسب بل كل القيم الإنسانية؛ الأمر الذي حدا ببعض الباحثين أن يصف أحد صناديقها قائلاً: "إن هذه المنظمة الدولية ـ صندوق الأمم المتحدة للسكان والتنميةـ يخطط برامجها مجموعة من الشواذ والمنحلين أخلاقياً... ونظرة عجلى على توصيات المؤتمرات التي أقامتها في (القاهرة 1994م، بكين1995م، اسطنبول 1996م، روما 1998م، لاهاي 1999م) وعلى المفاهيم التي نادت بها سواء الصحة الإنجابية، الثقافة الجنسية، الحقوق الجنسية للمتعايشين، التوجه الجنسي، الجندرة، الأسرة غير النمطية كافية للتدليل على ما ذهب إليه ذلك الباحث. كما أن اتفاقية سيداو في مبدئها ومنتهاها، ولحمتها وسداها، هو المساواة المطلقة والتماثل التام بين الرجل والمرأة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية والقانونية وهذا مبدأ مجانب للصواب، مخالف لظاهر الكتاب، وصريح السنّة وما استحسنته العقول السليمة وقرّرته الفطرة القويمة، أما مخالفته لظاهر الكتاب فقوله سبحانه: (وليس الذكر كالأنثى) [آل عمران: 36]، وأمّا مناقضته لصريح السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما النساء شقائق الرجال)، وأمّا مناهضته لما استقرّ في الأفهام فهو مما لا يحتاج إلى كثير بيان، لوضوح أن الاختلافات في الوظائف الفسيولوجية لا بد أن تفضي إلى اختلافات في وظائف الحياة المختلفة. كما تجدر الإشارة الى أن الاتفاقية مشحونة بجو العداء بين الرجل والمرأة ، إذ تشرح المادة الأولى من الاتفاقية معنى التمييز ضد المرأة، وتنص على التماثل التام بين الرجل والمرأة، بغض النظر عن حالتها الزوجية. وتقوم بتصوير العلاقة بين الرجل والأنثى كعلاقة ظلم تاريخي تريد أن تضع حداً له، وترتكزإلى عقلية شحيحة ترى أن الرجل إذا أخذ نصيباً أكبر فإن ذلك على حساب المرأة، بينما تتعرض المادة الثانية لوصف الإجراءات القانونية المطلوب من الدول الأطراف أن تتعهد بالقيام بها للقضاء على التمييز ضد المرأة، وتشمل سبعة بنود منها إبطال كل الأحكام واللوائح والأعراف التي تميز بين الرجل والمرأة في قوانينها، واستبدالها بقوانين تؤكد القضاء على التمييز ضد المرأة... أما المادة الخامسة فقد ألزمت الدول الأطراف بتجسيد مبدأ المساواة في دساتيرها الوطنية وقوانينها الأخرى، وتَبَنِّي التدابير التشريعية والجنائية، وإقرار الحماية القانونية ضد التمييز، وتغيير القوانين والأعراف التي تشكل تمييزاً ضد النساء، وحث الدول على العمل على تغييرالأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة؛ بهدف تحقيق القضاء على العادات العرفية المتحيزة لجنس دون الآخر، والممارسات الأخرى القائمة على فكرة دونية أو تفوق أحد الجنسين، كما تحدثت عن المسؤولية المشتركة لكل من الرجال والنساء في تنشئة الأبناء.. والصواب أن الحياة ليست بهذا الضيق بل هي رحبة فسيحة تسع الرجل والمرأة معاً، ولكل منهم دوره ووظيفته في تناغم وتكامل لإثراء الحياة وتحقيق التعارف والمودة والرحمة وحفظ النوع.. يقول تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) [الحجرات: 13]، (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) [الروم: 21]، ثم إن اختلاف الأدوار الحياتية يقتضي اختلافاً في الحقوق والواجبات بلا ظلم أو إجحاف