متوجسون من الديمقراطية
د. هاني الشبول
الديمقراطية ليست قوانين ودساتير بقدر ما هي فكر وثقافة وسلوك.
الفكر الديمقراطي فكرا يؤمن إيمانا مطلقا باستقلالية الأفراد ، وما ينطوي على ذلك من قبول واحترام كل ما يخصهم من فكر وسلوك و معتقد (ديني او سياسي).
تكفل الدولة الديمقراطية الحرية للجميع دون تمايز على أساس الدين او الجنس او العرق او اللون او الفكر فتكون دولة الجميع يعتبر فيها الاختلاف عامل اثراء لا عامل تفرقة ونقار ... وحرية الفكر والمعتقد ثوابت انسانية تكفلها الدولة الديمقراطية الحديثة للمواطن.
وتكفل الدولة الديمقراطية ايضا الدفاع عن هويات المجموعات البشرية التي تنضوي ضمن حدودها السياسية بما في ذلك اللغة والمعتقد (الديني والسياسي) والفكر والأخلاق العامة دون فرض اي فكر او مذهب ودون منع او اقصاء اي فكر او مذهب فلا اقصاء في الديمقراطية...
فالديمقراطية تعني حرية الاعتقاد وفصل الدين عن الدولة مع احترام الدين والدولة.
مشكلة الديمقراطية في الأردن ، هي ان المطالبين بها يشترطون ان تكون بقياس تفكيرهم ومتوائمة مع أيديولوجياتهم السياسية ، وهناك من يقرئها قراءة كهنوتية مؤدلجة بخطابات ويقينيات ثقافية قطعية.
الديمقراطية جميلة ، ولكنها خطيرة وسلبية عندما يستخدمها البعض حسب مقاسات تفكيرهم وقراءاتهم للحياة ، واتخاذها كسياسة عناد لمجابهة الدولة ونظام الحكم فيها..
والديمقراطية ما لم تتحول إلى فكر وقناعة ينتج السلوك، لا يمكن ان تقوى وتكبر. لهذا نحن متوجسون من هذا الاندفاع نحو ديمقراطية اكبر في بلدنا (الأردن) خوفا من ان يستغلها المعاقون سياسيا ، لافشال مشاريع الحداثة والعصرنه والإصلاح والعقلانية والبرجماتية السياسية والوحدة الوطنية التي كانت جميعها ولازالت من أهم ركائز بناء النهضة الأردنية المعاصرة التي يستمر الأردنيون بقيادتهم الهاشمية في مواصلة بنائها منذ أكثر من تسعون عاما.