يبدو أننا في هذا البلد لن نخلص من مسلسل الحكومات المتعاقبة وهي جميعاً وجوه لعملة واحده فكلها مصابة بحمى و بهوس الرفع والرقع فهي من جانب . وما أن تبدأ مهمتها بُعيد أداء قسمها ، حيث يتراكض الجميع الى الدوار الرابع وهناك تبدأ أولا بالرقع ثم الرفع .
والرقع : لمن لا يعرف مأخوذة من رقع الثوب او ترقيع الثياب... والترقيع بمعنى أو آخر يعني : إصلاح ما أفسد الدهر , أو ما أفسدته الأيدي , فالترقيع يحتاج إلى رقع , والرقع إلى ترقيع ... أي أعادة الحياة من جديد للثوب البالي ، والذي انتهى عمره الافتراضي ، او البالي قبل انتهاء العمر المفترض ، ولأن الأعمار بيد الله فكم من أحياء تنبض قلوبهم وتتنفس رئاتهم لكنهم في عداد الأموات ،لكن حكومتنا لديها القدرة في بعث الحياة بهؤلاء من جديد وأعادتهم احياء يرزقون بل ويحكمون ثم لا تلبث ان تأتي بالمحاسيب والأصدقاء والخلان والمؤلفة قلوبهم وخطوط الدفاع الأولى وحملة الأعلام ورايات الرئيس ومتلقي الصدمات عن الرئيس المنقذ ، مستهلة عملها بعملية جراحية كبرى تحت شعار كبير نستخدمه كثيراً وهو ما بات يعرف بضخ دماء جديدة في الحكومة الجديدة جداً .ولنا في نتائج فلذات الأكباد بنتائج الثانوية المثل والمثال وكذلك وزارة تحمل على كاهلها اردن اخضر لسنة الفين ووووووو لست ادري.. ثم يعقد هؤلاء الوزراء أولى الجلسات وعادة ما تكون ليلية على أضواء الشموع او القمر كدليل على التقشف و الحماس .
وحماس هذا الطاقم الجديد ملحوظ حيث ترى وتلحظ الدماء تملأ عروقهم من شدة الاندفاع وهم يطلون علينا عند نشرة الثامنة بابتسامتهم العريضة و المصطنعة على المحيى من اجل خاطر وعين الكاميرا . لا من اجل المتفرجين من ابناء الشعب او ايتام الحكومة المنتظرين بركاتها وأعطياتها املاً بسكن كريم او عيش كريم او اسطوانة غاز بالحجم والكمية التي يخبرنا بها خبراء غاز مصفاة البترول المُقال زعيمها دون ان نعلم هل بسبب الغاز ام لأسباب لا نعلمها فهذا ليس موضوعنا .
وأول الغيث عادة ما تبدأ بة الحكومة حملة تطهير المؤسسات من الفاسدين بطريقة التلميح لا بالتصريح خشية على سمعتها وسمعة الوطن وهذا في كل مره ومع كل حكومة جديدة وبالطبع لكل حكومة قاموسها بتعريف وتصنيف الفساد والفاسدين تماماً كما تعرف أمريكا الإرهاب ، فالفاسد هنا في هذه الحكومة هو نبي في حكومة أخرى ، وهكذا .
لكن الغريب في الامر ان هذا الفاسد والذي تمت تصفيته في عهد دولة فلان ابن دولة فلان لا يلبث ان يطل علينا برأسه مرة أخرى في عهد دولة عِلان ولكن هذه المرة كمنقض وضمن قائمة الدماء الجديدة او فرسان التغيير الجدد والذين جيء بهم لتخليص البلد من نكباتها وعثراتها وتصحيح كل مساربها ومساراتها .
الواقع أننا كمواطنين قد مللنا هذه الاسطوانة وأصبحت بالفعل مشروخة وتثير عند الناس الاشمئزاز وتزيد عندهم الاحتقان وتزرع فيهم فقدان الثقة بكل الشعارات التي تقال وترفع عن السعي لإصلاح الحال حيث يجدون في كل مره العكس تماما فبدل الإصلاح المزعوم يبدأ التخريب المتعمد ولكن بوجوه جديدة وعناصر أخرى وأسماء جديدة وقديمة وهكذا دواليك .
ثم تبدأ الحكومة بعد ايام بالرفع وتنهج هنا أسلوبين متناقضين لكن الهدف واحد وهو المعلن والمستتر حيث يفاجأ المواطن حين يراجع إحدى الدوائر الخدمية وإذا بكل شيء قد تغير وتبدل فالرسوم ارتفعت بنسب متفاوتة دون ان يدري المواطن المسكين بهذا ناهيك عن أسعار السلع وكل الخدمات حتى وصل الأمر لخنق المواطن لإخراجه عن طوره واستفزازه بقصد او غير قصد لكن النتيجة واحده من خلال ما يعلن عن نية الحكومة ان تطأ بكلتا قدمي رئيسها وبقية الأعضاء ببطن المواطن اذا ما تم رفع اسطوانة الغاز المسروق نصفها او ثلثها حيث ان الأسطوانة اذا ما زيدت الى تسعة دنانير فهي بذلك تصبح فعلياً بسبعة وعشرين دينار لأن ثلث كمية الغاز هي التي تصل للمواطن وهذا ليس تجني ولكن هذه هي الحقيقة التي ما من احد يسمعها و يلتفت للمواطن من الشكوى المتكررة من هذا .
هذه الأفعال والإجراءات هي تجاهل لحقائق علمية للقدرة البشرية على الصبر والتحمل ، حيث تتجاهلها حكوماتنا تماماً كما تفعل دول العالم ( المتقدم والمتحضر ) حين تنهب وتقتل وتستبيح حرمات البشر وتحتل أرضهم وتهتك عرضهم ثم تأتي وتتهم هذه الدول والشعوب المنكوبة بالإرهاب وتبدأ بمهمة مكافحة الإرهاب وحقيقة الأمر أن الإرهاب الحقيقي هو ما تمارسه تلك الدول ضد هذه الشعوب والدول المغلوبة على أمرها حيث تموت جوعاً وتنهب ثرواتها وتذبح شعوبها وقادتها ثم تريد منهم ان يستسلموا ويسلموا أمرهم وأعناقهم لهؤلاء الطغاة المجرمين وصناع الإرهاب .
حكومتنا تريد ان تذبح هذا المواطن من الوريد الى الوريد و تريد منة ان لا يفتح فمه وإذا ما فتح فمه باكياً او متألماً فالتهم جاهزة والمشرعون جاهزون لتشريع وتحليل ذبحة .
حين شكلت هذه الحكومة وهي احدث موديل 2010 وبالصورة التي شكلت بها وهي مفاجئة حتى لأقرب المقربين من علية القوم وقبل ذلك سبق حل مجلس النواب وكلها مؤشرات بل تلميحات ان مرحلة جديدة يراد لها ان تنهض بالبلاد وان تخلص البلاد و العباد من ظلم الحكومات السابقة ومن مجلس النواب الذي ُحمل كل مصائب البلد هكذا اُفهِم المواطن تارة بالتلميح وتارة بالتصريح فاستبشر الناس خيراً وبأن معجزة تلوح في الأفق لا محال قادمة حيث سننعم بالعدالة وتسود الشفافية وتحارب المحسوبية والشللية وسوف ُتخفض الأسعار وُترفع الرواتب وُتربط بمعدلات اِرتفاع الأسعار وسوف يتم توفير كل هذا المال المنهوب لرفاهية المواطن من خلال وقف السرقات ومحاربة الفساد وقطع أيدي السارقين والضرب بيد من حديد على كل المتورطين بسرقة المال العام ونهبه بل واستعادته من أرصدة هؤلاء ومعاقبتهم ووقف الهدر الناتج بسبب الفساد الإداري المستشري في مؤسساتنا وعند من يديرونها والذين يبعثرون بأموالها هنا وهناك وإذا ما سألت احدهم لماذا تفعلون هذا أتدرون ما الجواب .. والله العظيم لقد سمعتها من مسئول في إحدى مؤسساتنا .. أتدرون ماذا قال ؟ قال : يا أخي . إذا ما تصرفنا بهذا المال بالشكل والطريقة الذي ترى فسوف يذهب لخزينة الدولة ...تصوروا معي يا أخوه عقلية ونوعية من يُسلمون إدارات مؤسسات كبرى يفضلون ان يهدر هذا المال بمشاريع يعلمون سلفاً أنها عبثية ويعرفون بأنة هدر للشيطان الرجيم على ان لا يذهب هذا المال لخزينة الدولة والتي هي في أمس الحاجة إلية بدل من ضياعه ثم نبحث في كيفية تعويضه أما من خلال تحميل البلد ديون جديدة ونحن نعرف ماذا يترتب علينا من اجل سداد هذا الدين و ما يفرضه علينا الدائنين وتدخلهم في احرم حرماتنا او من خلال العودة لجيب المواطن لاستنزاف ما تبقى من حطام الدخل المستنزف أصلا والذي لا يسد رمقه في عيشة طابعها الكفاف و الحاجة حتى بات هذا الدخل لا يفي بما ُيبقيه على قيد الحياة بربك يا حكومة بلدي ماذا تخبئون لنا ... بقلم عصام البطوش