زاد الاردن الاخباري -
طارق ديلواني - على الرغم من الإهمال الرسمي لقطاع الزراعة في الأردن طوال عقدين ماضيين، قررت المملكة، وعلى وقع أزمة الغذاء التي تجلت خلال جائحة كورونا، التوجه إلى تعزيز هذا القطاع عبر استغلال ميزة تصدير الفواكه والخضروات ذات القيمة العالية إلى دول الجوار وبخاصة منطقة الخليج العربي.
وفي هذا السياق، أطلقت الحكومة الأردنية الاستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية المستدامة للأعوام 2022 - 2025، بهدف تحسين الظروف المعيشية للمزارعين، وزيادة إنتاجية القطاع الزراعي، والحد من البطالة. وأشار أحدث الأرقام إلى وجود نصف مليون عاطل من العمل في البلاد، وتتقاطع هذه الاستراتيجية مع رغبة الملك الأردني عبدالله الثاني بتحويل بلاده إلى مركز إقليمي للأمن الغذائي.
المزارع أولاً
وأعلن وزير الزراعة خالد الحنيفات أن تمويل الخطة يتجاوز 500 مليون دولار بشراكة كاملة مع القطاع الخاص، وعلى مدار أربع سنوات، وتتضمن 73 مشروعاً ستؤدي إلى تمكين المزارع الأردني تكنولوجياً، ورفع انتاجيته على الرغم من تحدي شح المياه الذي انعكس سلباً على انخفاض الصادرات الأردنية الزراعية.
وتهدف الخطة إلى تخفيض كلف الإنتاج على المزارع وتمويله وفتح أسواق تصديرية جديدة للمنتجات الأردنية، وكسر سلسلة الاحتكار، إضافة إلى تمكين المرأة الريفية وتعزيز إنتاجها المنزلي ودعم المجتمعات المحلية، وخلق فرص وظيفية جديدة تقدر بـ 32 ألف وظيفة.
وتحدث الوزير الأردني عن خطة لوقف العشوائية والهدر الذي اتسم به قطاع الزراعة خلال السنوات الماضية، وقال، "نهدف لزراعة أصناف وأنواع جديدة ملائمة للأردن تحقق دخلاً عالياً للمزارعين، ولا تستهلك مياهاً بكميات كبيرة، مع تقليص نسبة الاعتماد على المنتجات المستوردة".
وتقول الحكومة إن خطتها طموحة جداً وشاملة وتهدف إلى تحسين مستوى الخدمات البيطرية وزيادة الإنتاج العلفي للمواشي، وتطوير برامج التحريج والتحول لتقديم الخدمات الزراعية كافة إلكترونياً.
ندرة المياه عائق
ويقول مراقبون إن ندرة المياه ستشكل عائقاً كبيراً أمام الطموح الأردني لتطوير الزراعة، لكن الحكومة ترد بأن خطتها تسعى لخفض كميات مياه الري المستخدمَة بنسبة 30 في المئة، من خلال استخدام أنظمة ري متطورة بدلاً من أنماط الري التقليدية، وتراهن الحكومة على مشاريع الحصاد المائي وتخصيصها للزراعة، وذلك من خلال التوسع في حفر آبار وسدود لجمع مياه الأمطار، فضلاً عن تشجيع المزارعين وتدريبهم على وسائل توفير المياه.
وأطلقت الحكومة، العام الماضي، مشروعاً لزيادة الغطاء الحرجي والمساحات الخضراء من خلال مشروع لزراعة 10 ملايين شجرة خلال 10 سنوات، لكن تبقى ندرة المياه العائق الأبرز أمام تحقيق ذلك، إذ يعد الأردن ثاني أفقر بلد في العالم من حيث نصيب الفرد من المياه، كما أن القطاع الزراعي يستهلك ما نسبته 60 في المئة من إجمالي استهلاك المملكة من المياه.
عين على أسواق الخليج
وعلى الرغم من أن الزراعة بحد ذاتها تمثل 6.5 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي في الأردن، فإنها توظف أكثر من 15 في المئة من السكان، و52 في المئة من النساء الريفيات.
ويقول مختصون إن الأردن يحقق بين 50 و60 في المئة فقط من إمكاناته التصديرية للفواكه والخضراوات، في حين أن لديه إمكانات تصديرية غير مستغلة تزيد على مليار دولار وفقاً لأرقام البنك الدولي، ويدور الحديث هنا عن الوصول لأسواق الخليج، من خلال استغلال القرب الجغرافي، وسلاسل التوريد واللوجستيات والنقل والإمداد.
وتبلغ مساحة الأردن 89342 كيلومتراً مربعاً، في حين تغطي البادية حوالى 88 في المئة من المساحة الكلية للأردن، ولا يتجاوز معدل سقوط الأمطار فيها عن 100 مليمتر في السنة، ويعتبر وادي الأردن الجزء الأكثر خصوبة في البلاد.
حلم الاكتفاء الذاتي
وفي عام 2020، قفز القطاع الزراعي إلى واجهة اهتمام الأردنيين فجأة بعد سنوات طويلة من الإهمال ومراوحته مكانه في بلد كان يصدر القمح في خمسينيات القرن الماضي، فتحول إلى استيراده، بعدما أطلق الملك الأردني عبدالله الثاني مبادرة للأمن الغذائي والاستثمار في الصناعات الغذائية والإنتاج الزراعي.
جاء ذلك خلال مشاركته في حوار "بورلوغ" الدولي، الذي تنظمه مؤسسة جائزة الغذاء العالمية، وتطرق فيه إلى معاناة نحو 690 مليون شخص من نقص الغذاء، محذراً من نشوب أزمة نقص غذاء وسوء تغذية عالمية.
ودعت الحكومة الأردنية الشباب للانخراط في برنامج العمل بالزراعة ضمن مشاريع تستهدف قطاعات إنتاجية مهملة، في بلد يستورد 85 في المئة من احتياجاته الغذائية من الخارج، ويعتقد مختصون أن الزراعة في الأردن كفيلة بإطعام 10 ملايين شخص في المملكة في حال توفير حلول مستدامة.
"انديبنت عربية"